شهدت جلسة مجلس الأمة البرلمان الكويتي أمس سجالاً ساخناً بين النائب أحمد السعدون من جهة ووزراء المال والنفط والنائب الأول لرئيس الحكومة من جهة أخرى، بعدما وجه السعدون اتهامات الى الحكومة بالتكتم على أموال سحبت من البنك المركزي لتمويل دعم مرشحين للانتخابات، وباخفاء معلومات حساسة عن مشروع المشاركة الأجنبية في تطوير الحقول النفطية. ورأى ان العمولات التي سيقبضها متنفذون كويتيون من الانتاج النفطي على مدى ثلاثين سنة مقبلة قد تصل الى 98 بليون دولار! وذكر ان "الكويت يراد بيعها الى حفنة من الأفراد" وأن هناك "صراعاً بين بعضهم على بيع الكويت"، رافضاً تحويل البرلمان الى "مجلس خرسان". واستفزت هذه الكلمات النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد فطالب بشطبها لكن السعدون رفض. وكان الأخير يعلق على ما اعتبره اجابة قاصرة من وزير المال الشيخ أحمد عبدالله الصباح عن سؤاله عن أموال صرفت عبر البنك المركزي ابان الانتخابات البرلمانية في تموز يوليو 1999، وليست واضحة الجهة التي صرفت اليها. ورأى السعدون ان هذه الأموال ذهبت الى مرشحين تدعمهم الحكومة، في حين اعتبر الوزير ان كشف ماهية هذه المصروفات يخالف المادة 28 من قانون البنوك الذي يحمي سرية العمليات المصرفية. وقال السعدون ان الحكومة تحاول التستر على أموال عامة تصرف في غير وجهها الصحيح، و"المال العام ليس ذمة مالية للوزير يتصرف فيها كيفما يشاء، وأعلم ان الوزير محرج لا يستطيع كشف المعلومات، لأن الكشف يعني فضيحة، وهناك أسماء متورطة بقبض هذه الأموال، أخشى أن بعض من كانوا يزعمون الدفاع عن المال العام ضمنها"! ثم علق السعدون على اجابة ثانية تلقاها من وزير النفط الشيخ سعود ناصر الصباح، في شأن مشاريع تطوير حقول النفط بالاستعانة بشركات اجنبية، فهاجم بشدة اسلوب الحكومة في ادارة هذا الموضوع والتعتيم على البيانات المتعلقة به. وزاد: "الحكومة ترى ان المجلس البرلمان في جيبها وهي عازمة على تمرير هذا الموضوع، ووزير النفط قال لوزير الطاقة الأميركي انه يضمن له موافقة غالبية الأعضاء قبل ان يناقش المجلس الموضوع أساساً". واثار شبهات كثيرة حول اسلوب معالجة وزير النفط هذا المشروع، مشيراً الى ان شركات أجنبية استبعدت في أول فحص للعروض، ثم قبلت بعد أسابيع "عندما جددت بياناتها وقيل انها باتت تحقق شروط الدخول في المشروع". واستدرك: "اذا كان مشروع المشاركة الأجنبية مفيداً للكويت فلمَ كل هذا التكتم، ولماذا لا تطلعون الجمهور على التفاصيل؟". وتابع ان وزير الاعلام الشيخ سعود الصباح مستعد للدخول في مواجهة مع مجلس الأمة في سبيل هذا المشروع لأن فيه "لقمة كبيرة" و"من كل برميل يُنتج لثلاثين سنة هي مدة المشروع سيحصل وكلاء الشركات الأجنبية الكويتيون على ثلاثة دولارات، ما يعني في حال انتاج مليون و400 ألف برميل يومياً ان اجمالي عمولاتهم سيصل الى 45 بليون دولار. اما إذا بلغ الانتاج اليومي 3 ملايين برميل فالعمولات ستصل الى 98 بليون دولار". ورد الشيخ سعود معترضاً على تناول السعدون مشروع تطوير الحقول النفطية، وقال ان السؤال البرلماني موضع البحث لا يتعلق بهذه القضية و"عندما يأتي موعد الحديث عن حقول نفط الشمال سنوضح الأمور، والسعدون خلط الأمور وأطلب شطب كلامه". ورد السعدون: "الشيخ سعود يخاطبنا الآن كما يخاطب المؤسسات التي يديرها، ويتوقع منا ان نصمت ولا نناقش، لكننا سنتكلم ونقول ان الكويت يراد بيعها لحفنة من الأفراد". واستفزت كلمات السعدون الشيخ صباح الأحمد فقال: "أطالب بشطب كلمة الكويت يراد بيعها لأن لا أحد يقبل ذلك، وأنا رئيس المجلس الأعلى للبترول وأريد أن أسمع من السعدون اثباتات على أن بعضهم سيقبض ثلاثة دولارات في مقابل كل برميل نفط، أما الصياح والهياج فليس له معنى، حتى يكون هناك دليل على ان ثلاثة دولارات من كل برميل ستذهب الى جيوب بعضهم". ورد السعدون: "الشيخ صباح يريد ان أقدم له المعلومات في حين اننا نحتاج الى المعلومات منه، ومعلوم ان عقود النفط تكون فيها عمولات وأنا لا القي الكلام على عواهنه بل أقول ان هناك صراعاً بين بعضهم على بيع الكويت، ووزير النفط يريد أن يحوّلنا الى مجلس خرسان وأرفض شطب أي كلمة مما قلت".