عندما تنوي شراء كومبيوتر جديد والتخلّص من القديم، تفكّر أولاً في بيع الأخير لصديق مبتدئ أو لرب عائلة يريد اقتناء جهاز لأولاده "كي يتعلّموا عليه ويتسلّوا به". وبحكم الصداقة "المتينة"، يتأخّر الصديق عن الدفع إلى أن تضمحلّ القيمة الشرائية لثمن الكومبيوتر، الزهيد أصلاً. وأحياناً كثيرة، يرفض الأولاد الجهاز القديم "لأنه، يا بابا، لا يناسب ألعاب "مورتال كومبات" و"المحارب الميكانيكي" و"الفيفا" و"حلقة السباق المفرغة"... الجديدة". وفي استدراك سريع لاعتراض الوالد على مضيعة الوقت في الألعاب، يضيف الأولاد ببراءة كلّية: "... ولا حتى موسوعة "إنكارتا" العلمية الجديدة". وفي اليوم التالي، يردّ لك الوالد القنوع الجهاز "العديم النفع"، مستهجناً استخفافك بأولاده "جهابذة التكنولوجيا". وإذا لجأت إلى شركة لاستبدال الجهاز الجديد بالقديم، يردّ الموظّف طلبك "لأننا، Sorry، لا نبيع كومبيوترات قديمة. ثم أن جهازك لا قيمة له، إذ بات يباع بالكيلو!!!". وعبثاً مهما حاولتَ. هكذا، وفي انتظار زبون ليس لديه أولاد "فُهماء" أو لا أولاد البتّة، وربما الأفضل أن يكون عازباً، يصبح لديك جهازان. الجهاز الجديد للشغل، والقديم الذي لا يجوز رميه في القمامة لاحتوائه مواد خطرة، فلتجميع الغبار. أما على مستوى الشركات فالمشكلة أعقد بكثير، لناحية كميات الأجهزة "المتقاعِدة" والمبالغ الطائلة، والخوف من فقدان البيانات، وأهم من ذلك كله، طريقة التخلّص من الأجهزة مخازن، أراضٍ، هبات. وفي بعض الأحيان، تضطرّ الشركات إلى الدفع لمن يخلّصها من "حملها الثقيل". وثمة دراسات أميركية تتوقّع أن يصل عدد الكومبيوترات "البالية" إلى 500 مليون، بحلول عام 2007. وبات التخلّص منها أكثر صعوبة في الولايات المتّحدة، بخاصة، بسبب القوانين المتشدّدة التي تمنع الأفراد من رمي الأجهزة التكنولوجية في الأراضي المهجورة لاحتوائها مواد كيماوية سامة. وانطلاقاً من هذا الهاجس، عمدت شركة "نيوديل" NewDeal، التي أنتجت طاقم برامج متنوّعاً وخفيف الوزن أعادت به "إحياء" الكومبيوترات العتيقة جداً 268 ميغاهرتز وحتى بنتيوم، إلى إنشاء شركة "غْرين بي سي"، GreenPC أي الكومبيوتر الأخضر، مع موقعها في الإنترنت. وحين يدخل الزائر الموقع للمرة الأولى، يخاله موقعاً للصغار: تصميمه بسيط، وألوانه زاهية، والأخضر طاغٍ. إنها ألوان الطبيعة والنظافة للدلالة على أن نُظمه وعملياته ودودة للبيئة والإنسان. أما ترتيبه الواضح، فيحملك مباشرة إلى كل من أقسام الشركة وعملياتها. وتبيّن لنا أن "غرين بي سي" تعمل على إراحة المؤسسات من عتادها التكنولوجي، الذي لم يعد صالحاً لأعمالها وتريد إحالته على التقاعد، بطريقة لا تؤذي البيئة. وتبدأ الإجراءات بعملية تخمين لأوضاع الأجهزة وإدارة الجرد ورصد الموجودات أجهزة وبرامج ومعلومات، تليها عملية إزالة البيانات الحساسة بطريقة آمنة. ثم يُحدّد من الأجهزة ما يمكن إنقاذه عبر إعادة تأهليه بما يلبّي حاجات الزبون. ويتم ذلك وفقاً لتقرير مفصّل عن الحل الأنسب يُرفع مسبقاً إلى المعنيين ليوافقوا عليه. وبذلك، تزول تكاليف التخزين وجُرَده. أما باقي الأجهزة التي تحال على التقاعد، فتتولّى "غرين بي سي" أمر التخلّص منها. ويتم ذلك بإعادة تأهيلها، عتاداً وبرامج كأن تجهّز بمودم، وبنظام تشغيل وبرامج. ثم تُحضّر للتسويق. [email protected]