يستعد الجيش الاسرائيلي لتنفيذ عمليات اقتحام لمناطق فلسطينية محددة تقع تحت السلطة الفلسطينية لاصطياد مزيد من الناشطين الفلسطينيين في ضوء الفشل الذي مني به خلال محاولاته لاعتقال القادة العسكريين والميدانيين او تصفيتهم ولبث الرعب في صفوف الفلسطينيين، وهو ما فعله في بيت جالا الليلة قبل الماضية. وكشفت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان هيئة اركان الجيش الاسرائىلي تستعد للقيام بعمليات اقتحام محدودة في الاراضي الفلسطينية الخاضعة للسلطة الفلسطينية فور تشكيل حكومة ارىيل شارون، خصوصاً بعدما ادى عدول رئيس الوزراء ايهود باراك عن المشاركة في "حكومة وحدة وطنية". وكان باراك شدد في رسالة وجهها الى شارون نصها في ص 4 على ضرورة "أن تتبنى الحكومة التي تتولى رئاستها طريقة للانفصال عن الفلسطينيين، في بلدين تفصل بينهما حدود واضحة. ان أي طريقة غير ذلك ستؤدي الى مأزق اكثر خطورة وايلاماً". ومع اعلان باراك اعتزاله الحلبة السياسية "اختفى" عدد من المعارضين العماليين لدخول حكومة الوحدة واضحوا من المتحمسين لذلك. وكان بنيامين بن اليعازر أول من أعلن امس ترشيح نفسه لمنصب وزير الدفاع في حكومة شارون. ورأى نائب وزير الدفاع الحالي افرايم سنيه في نفسه أهلاً لهذا المنصب. كما لمح الوزير حايم رامون الى انه ليس من الضروري ان يتقلد هذا المنصب شخصية عسكرية، في اشارة الى نفسه. وبثت الاذاعة الاسرائيلية امس ان شارون اقترح على شمعون بيريز ان يتولى حقيبة الدفاع. وسرعان ما حمل بن اليعازر على "تدخل" شارون في شؤون يقررها حزب العمل وحده. وقالت المصادر ذاتها ان اركان الجيش عرضت على شارون تفاصيل عمليات الاقتحام التي ستستغرق من 24 - 48 ساعة تقوم خلالها قوات الجيش بتمشيط المناطق المأهولة بالسكان وتشن حملات اعتقالات واسعة قد تشمل الالاف، وينسحب الجيش بعدها. ويستند الجيش في خططه هذه الى ضرورة التعامل مع الاراضي الفلسطينية كافة بمنظور واحد يشطب فيه ما أرسته اتفاقات مبرمة بين السلطة الفلسطينية والحكومات السابقة بشأن "سيادة حقيقية" للسلطة في اماكن وجودها، اي في المناطق "أ" من دون ازالة هذا المفهوم نهائياً في الوقت الحالي. وعزت الاركان ضرورة انتهاج هذه السياسة الجديدة الى فشل محاولات لاعتقال قادة بارزين ومعتقلين سابقين فلسطينيين وتضعضع ما تسميه "قوة الردع" لهذا الجيش الذي بات يظهر امام الشارع الاسرائيلي مكبل اليدين ازاء زيادة ملحوظة في الهجمات المسلحة الفلسطينية سواء بعمليات اطلاق النار او بزرع عبوات ناسفة، وقد سجلت احصاءات الجيش اكثر من 2700 عملية من هذا النوع منذ اندلاع الانتفاضة. ولمواجهة التظاهرات سيعمد الجيش الاسرائيلي الى استخدام عشرات الكلاب لاطلاقها باتجاه المواطنين على خطوط التماس ومحاور المواجهات، كذلك استخدام مياه آسنة ضد المتظاهرين. وكانت قوات خاصة تابعة للجيش الاسرائيلي فشلت خلال اليومين الماضيين في اعتقال فلسطينيين من ناشطي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في قريتي سالم ودير الحطب منطقة نابلس، بينهم محمود عيسى 33 عاماً. وقالت مصادر فلسطينية ل"الحياة" ان الجيش الاسرائىلي عاد الى تكثيف عمليات دهم بيوت المواطنين الناشطيناذ اقتحم منزل عيسى ولم يجده فيه فاعتقل شقيقه محمد. اما في دير الحطب فتمكنت وحدة من القوات الخاصة من اعتقال ناشط آخر من الجبهة الشعبية وهو ياسر مشعطي عندما دهمت منزله. في الوقت نفسه فشلت احدى الوحدات المختارة من الجيش الاسرائىلي، فجر اول من امس، في اعتقال ناشط من حركة المقاومة الاسلامية حماس وهو ناصر جرار 42 عاماً في وادي فوكين بمحاذاة مخيم جنين شمال الضفة الغربية ويقع منزله في منطقة مصنفة "ب"" اي انها تخضع لسيطرة مدنية فلسطينية وفيها مركز للشرطة الفلسطينية. هنا ايضاً لم يعثر الجنود على ناصر فاعتقلوا شقيقه، إلا ان مجموعة من المسلحين الفلسطينيين اكتشفت الجنود وبدأت اطلاق النار عليهم فحصل اشتباك امتد من الثالثة الى الخامسة والنصف فجراً. وقال شهود ان مروحية عسكرية اضطرت للهبوط واخلاء الجنود الذين خلفوا وراءهم بعض العتاد الخفيف مثل حمالة جرحى وصناديق ذخيرة في ساحة المعركة. وكثفت القوات الاسرائيلية في الاونة الاخيرة نشاطاتها العسكرية في محيط مناطق "ب" ما يؤكد معلومات تشير الى ان عمليات مماثلة ستكون من نصيب المناطق المصنفة "أ" ايضاً. وفي هذا الاطار، اعترفت اسرائيل للمرة الاولى ب"المبادرة" باطلاق النار المكثف من الرشاشات الثقيلة والقذائف المدفعية على بلدة بيت جالا القريبة من بيت لحم وقصف منازل سكنية. وقالت المصادر الاسرائىلية ان قرار قصف المنازل الفلسطينية اتخذ فور اكتشاف الجنود خلية مسلحة في احدى البنايات السكنية قيد الانشاء التي يستخدمها المسلحون الفلسطينيون في عمليات تبادل اطلاق النار الليلة. غير ان سقوط الشاب محمد القربي 18 عاماً من جراء القصف العنيف الذي تعرضت له البلدة الليلة قبل الماضية والعثور على جثمانه تحت حائط منزل عائلته الذي ضربته قذيفة فوقع فوق جسده. واصيب من جراء القصف 17 مواطناً، بينهم اربعة من رجال الشرطة، واحترق منزل بكامله يقع قبالة مستوطنة غيلو اليهودية جنوبالقدس. واستعداداً للمرحلة المقبلة التي يزداد عدد المسؤولين الاسرائيليين الذين يصفونها بأنها مرحلة "حرب"، كما قال شاؤول موفاز للجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، بدأت اعمال تمهيدية لتحصين نحو الف شقة في مستوطنة غيلو لحمايتها من عمليات اطلاق النار الفلسطينية، حسب تعبير مصادر اسرائيلية، بكلفة بلغت عشرة ملايين دولار اميركي.