لم تمر تفاعلات عملية "حزب الله" في مزارع شبعا الجمعة الماضي، من دون سوء تفاهم وسجال بين رئيس الحكومة رفيق الحريري والحزب عاد الجانبان فتداركاه، مساء أمس في اجتماع وصف بأنه ايجابي جداً، إذ أدى حديث السفير الأميركي ديفيد ساترفيلد عن انعكاس العملية التي اعتبرها استفزازاً، سلباً على الاستثمارات، الى رد الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله عليه في مهرجان تأبين رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين، فقال: "إن الشرط الأميركي للاستثمار في لبنان ليس وقف العمليات بل ان يلقى كل سلاح يخيف إسرائيل وأن يفك التلازم بين المسارين اللبناني والسوري". كذلك رد الحريري على كلام نصرالله، ويقول الذين سعوا الى معرفة سبب الرد انما ربما كان توجيه نصرالله السؤال، اثناء المهرجان وبعد القائه كلمته، الى وزير المال فؤاد السنيورة بقوله: هل لديكم موقف آخر يا معالي الوزير؟ الا ان قيادة "حزب الله"، كما قالت مصادرها استغربت رد الحريري، واستوجب الأمر عقد اجتماع ثان بين الجانبين عصر أمس. فقد أكد المكتب الاعلامي للحريري، في بيان أمس، ان لبنان "لن يكون لا اليوم ولا غداً في وارد الخضوع للشروط الإسرائيلية أو تقديم التنازلات، أياً يكن نوعها، وان أي ايحاء في هذا الشأن هو من باب الاستهلاك السياسي ليس الا". وأوضح "ان أياً من الجهات لم تبحث مع الحكومة في فك المسارين اللبناني والسوري الواحد عن الآخر"، مشيراً الى أن "الجميع ينظر الى العلاقات المميزة على أنها من المسلمات التي لا جدوى من أي محاولة لخرقها". وشدد البيان على أن "دعمنا المقاومة جزء لا يتجزأ من مسؤولية الدولة"، مذكراً "بفقيد لبنان هادي حسن نصرالله الذي ما زالت الصورة الشجاعة لوالده السيد حسن نصرالله وعائلته الكريمة مطبوعة في وجدان اللبنانيين". وشدد على "ان انتصار المقاومة حصيلة للصمود الداخلي وارادة عبّر عنها التفاف الشعب اللبناني بكل مستوياته الرسمية والحكومية والأمنية والعسكرية وحتى الاقتصادية". وأكد البيان "حرص الحكومة الشديد على حماية مصالح لبنان وسيادته واستقلاله، بمثل ما تؤكد التزامها السير في كل الخطوات التي تجعل من لبنان دولة تكون محل ثقة اللبنانيين واطمئنانهم الى مستقبلهم، كذلك محل ثقة الأشقاء والأصدقاء الذين لم يتخلوا عنا في أصعب الظروف وأقساها". وكان لقاء الحريري مع قيادة "حزب الله" السبت الماضي انتهى الى انطباع بأن الجانبين متفاهمان، عقب ظهور تحليلات ان عملية مزارع شبعا تعاكس قول الحريري أثناء زيارته باريس ان لبنان وسورية متفقان على عدم الاستفزاز بعد فوز آرييل شارون برئاسة الحكومة الإسرائيلية. وأدى اللقاء الى تفهم "حزب الله" من تلقاء نفسه أن كلام الحريري قول مجرد في معزل عن العملية، وهو أكد أن موقفه اعتبار العملية مشروعة، ليس تصويباً لكلام آخر قاله. فهو يقصد فعلاً ما قال عن التفاهم مع السوريين على عدم اتباع خطوات تستدرج التصعيد. وأكد الجانبان إثر الاجتماع ان اللقاء كان ايجابياً. الحريري و"حزب الله" وفي اجتماع عصر أمس الذي عقد على عجل بين الحريري، والمعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل دار حوار على المواقف الصادرة. وعلمت "الحياة" ان الخليل أكد لرئيس الحكومة أن نصرالله لم يقصد الحكومة في موقفه بل الرد على السفير الأميركي. وذكرت مصادر مطلعة ان الحريري شرح موقفه الذي يرتكز الى نقاط عدة أهمها رفضه الخطاب السياسي الذي يوحي بأن هناك مفاضلة يجب ان تحصل بين مواصلة العمليات في مزارع شبعا وجلب الاستثمارات، كأنها خضوع للشروط الإسرائيلية والأميركية. وأوضحت هذه المصادر ان من دوافع اصدار الحريري بيانه تأكيد ان شرعية المقاومة لا تلغي شرعية الحكومة المنبثقة من انتخابات نيابية تتوق من خلالها غالبية اللبنانيين الى تحسين الوضع الاقتصادي. وفي المقابل أكد الخليل انه حرص على الادلاء بتصريحات ليل الأحد اثر خطاب نصرالله أن عملية مزارع شبعا ليست موجهة من سياسة الحكومة. وانتهت التوضيحات المتبادلة الى سحب الحريري بيانه من وسائل الاعلام.