يأتي قرار الحكومة السورية بإحداث جامعات خاصة أو مشتركة، أو فروع لجامعات عربية وعالمية باشراف وزارة التعليم العالي ملبياً حاجات اجتماعية واقتصادية وانسانية ستفسح المجال لأعداد كبيرة من الطلاب الذين لا تسمح لهم علاماتهم دخول الجامعات السورية الرسمية أو من يرغبون بإكمال دراستهم في الخارج ولا تسمح لهم ظروفهم المادية تحقيق ذلك. وكان الطلاب السوريون عانوا خلال العقود الثلاثة الماضية من عقدة الثانوية العامة وتحديدها القاطع لمصيرهم في مجاميع قد تكون مجحفة بحق المتفوقين منهم ذلك ان علامة أو أكثر قد تفقد الطالب حلمه في دخول الفرع الذي يريد، وهذه العلامة ربما ذهبت بالمجموع لأسباب نفسية ناجمة عن توتر الطالب قبل الامتحان فيخسر عاماً من حياته للإعادة وربما يضطر للدخول الى فرع لا يرغبه، اضافة الى معاناة الأهل من تسجيل أولادهم في جامعات خاصة خارج البلد وتكبدهم تكاليف السكن والسفر والاقامة وأقساط الجامعة. ويرى الخبراء ان قرار افتتاح جامعات خاصة يأتي لضرورة رفع النسبة الحالية الضعيفة لعدد المتواجدين في مراحل الدراسة ما بعد الشهادة الثانوية من الفئة العمرية 18 - 23 في مؤسسات التعليم العالي من 12 في المئة في الوقت الحاضر الى ما لا يقل عن 25 في المئة، ومواكبة الزيادة المضطردة لعدد السكان التي تتراوح بين 4،2 و7،2 في المئة سنوياً. اضافة الى التوجه الاستراتيجي المنفذ حالياً على صعيد التعليم ما قبل الجامعي والقاضي بقبول 50 في المئة من حملة الشهادة الاعدادية في التعليم العالي. وتشير الأرقام الى ان عدد طالبي فرص التعليم العالي والمتوسط سيصل الى 338096 طالباً وطالبة في العام 2005 والى 456500 طالباً في العام 2010 والى 840434 طالباً وطالبة في العام 2020 مقارنة مع 230520 طالب وطالبة في العام 1999. وذكر وزير التعليم العالي الدكتور حسان ريشة ان "الوزارة تدرس مشروع مرسوم لتنظيم هذه العملية وأصبح الآن جاهزاً ويجيز احداث جامعات خاصة أو مشتركة في سورية أو تكون فروعاً لجامعات عربية أو أجنبية تخص المعاهد العالمية والتقنية أو الكليات بكل أنماطها المختلفة وسيتم ذلك من خلال خضوعها لمعايير عدة وضوابط ناظمة تنسجم مع سياسة التعليم العالي واستراتيجيته، ومن جملة الضوابط والمعايير هي سياسة القبول، فهذه السياسة ستكون مفتوحة للطلبة ممن حصلوا على علامات أقل من تلك التي تؤهلهم للدخول الى الجامعات الحكومية مع وجود شروط لا تعتمد بالضرورة، على نوعية الشهادة الثانوية"، مضيفاً "هناك مجالس متخصصة ستقرر سياسة القبول وفق توجهات وقد تجرى اختبارات دخول أو اضافة لبعض العلامات التخصصية المهمة والتي ستكون منسجمة مع الاختصاص الذي يرغب الطالب فيه". ويرى الطلاب ان أهم مميزات إحداث الجامعات الخاصة هو "عدم اعتماد علامات الشهادة الثانوية بشكل قاطع لدخول الجامعة وانما للتفوق في مادة ترتبط بهذا الفرع أو ذاك وفق اسس وضوابط عادلة تحدد لاحقاً. اضافة الى امكانات هذه الجامعات من الناحية المادية والتي تسمح لها بالتواصل مع المعرفة أو مع التطور المعرفي الذي يسير بخطاً متسارعة جداً في دول العالم المتقدم. وأشار الوزير الى ان "التركيز في اختيار الجامعات سيكون على فروع الاقتصاد الحديث خصوصاً الاختصاصات العلمية مثل تقنية المعلومات، وتقنية الجزئيات الدقيقة، والهندسة الوراثية وتطبيقاتها في الطب والصيدلة والفيزياء الحديثة والبوليميرات، وهندسة الطيران، وهندسة النسيج، اضافة الى الادارة العامة والهندسة النووية" لافتاً الى ان "مرسوماً تشريعياً أُرسل الى رئاسة مجلس الوزراء وفيه مجموعة من الضوابط والشروط العامة التي قررتها الادارة من أجل اعطاء تراخيص لهذه الجامعات وسيكون ناظماً لطريقة إحداثها وقيامها، كما سيتيح الفرصة أمام زيادة الاستثمار في التعليم العالي ولكن بعد الحصول على موافقات سواء لجهة الترخيص أو الاحداث وسيصدر مرسوم تنظيمي خاص بموضوع احداث كل جامعة أو معهد على حدة". وتقدر وزارة التعليم العالي عدد الطلاب الذين يذهبون للدراسة في الجامعات العربية والأجنبية بنحو 13 ألف طالب وطالبة سنوياً، علماً انه لا تتوافر للوزارة أرقام عن عدد الطلاب الذين أنهوا دراستهم في الدول الاشتراكية والجامعات اللبنانية وفروع الجامعات العربية والأجنبية الموجودة في سورية، ويقدر عدد الطلاب الذين وُضعوا تحت اشراف الوزارة حتى نهاية العام الماضي بنحو 4965 منهم 3925 طالباً يدرسون الاختصاصات الطبية ما عدا الصيدلة و1909 طلاب يدرسون الهندسة و36631 طالباً يدرسون اختصاصات مختلفة وان عدد الطلاب الجدد الذين يوضعون تحت الاشراف سنوياً يتراوح بين الفين و2500 طالب ويبلغ عددهم في مرحلة التخصص 1345 طالباً. ويرى الخبراء ان "إحداث هذه الجامعات سيؤدي الى تخفيف الضغط عن الجامعات الحكومية التي تضم الآن اعداداً ضخمة تحقق ليس ملاك جامعة واحدة وانما جامعات عدة. فعلى سبيل المثال يصل تعداد طلاب جامعة دمشق الى 80 ألف طالب وفي كلية الآداب فقط يصل عدد الطلاب الى 33 ألف طالب" مما يؤثر على العملية التربوية وعلى الكادر التدريسي والجهاز الإداري وعلى مسألة تأمين الأمكنة التي تستطيع ان تستوعب هذه الأعداد الكبيرة. ويؤكد الخبراء ان "الجامعات الخاصة سيكون لها دور كبير في حل الكثير من المعضلات التي تعاني منها الجامعات الحكومية اضافة الى اعطاء الجامعات الخاصة فرصاً للكوادر العلمية الموجود للعمل من دون تفكير بالهجرة. واشار الوزير الى ان "الشهادات التي ستعطيها تلك الجامعات ستكون خاضعة لضوابط عدة سيتم تعميمها على الجامعات والمعاهد المرخص لها كافة وأبرزها مساواة أعضاء الهيئة التعليمية والمخابر والمستلزمات، ومدى تحقيقها لما هو مطلوب وإلا فلا تراخيص لها ومن السهل السيطرة على هذا الأمر خصوصاً وان هناك ممثلاً لوزارة التعليم العالي يطلع على أداء هذه الجامعة أو تلك وبالتالي هناك متابعة لمرحلة التأسيس والاعتراف بالشهادات الصادرة عنها وفق المعايير الناظمة لها من قبل مجلس التعليم العالي اضافة الى وجود لجنة في الوزارة متخصصة لمعادلة الشهادات"، لافتاً الى ان "هذا موضوع يخضع للمراقبة المستمرة ولا خوف عليه وستتم عملية متابعة هذه الجامعات من قبل وزارة التعليم العالي ليكون أداؤها منسجماً مع الأهداف العامة لسياسة التعليم العالي في سورية". ويذكر ان سورية لم تشهد في تاريخها انتاج جامعات خاصة منذ افتتاح كلية الحقوق في دمشق، وهذه هي المرة الأولى التي يسمح فيها بإقامة جامعات خاصة أو فتح فروع لجامعات أجنبية أو عربية في تاريخ البلاد الحديث وبعد مرور 38 عاماً على قرار تأميم المدارس الأجنبية في سورية بعد ثورة 8 آذار مارس. وفي سورية أربع جامعات هي دمشق وحلب والبعث في حمص وسط البلاد وتشرين في اللاذقية الساحلية يدرس فيها نحو 150 ألف طالب ويتقدم سنوياً الى الجامعات نحو 66 ألفاً يقبل منهم 30 ألفاً في الجامعات والباقي في المعاهد المتوسطة. ويذكر انه نتيجة ارتفاع معدلات القبول في الجامعات السورية في السنوات الأخيرة الى حد اقتصار الجامعات على قبول أصحاب المعدلات ما فوق 70 في المئة من الناجحين في المرحلة ما قبل الجامعية انتشرت في دمشق مكاتب الخدمات الجامعية التي تقدم خدماتها للطلاب للراغبين بالتسجيل في احدى الجامعات الأجنبية أو العربية حيث تعرض الدراسة في أكثر من 15 بلداً ما يزيد عن عشرين جامعة بكلياتها المختلفة بدءاً من الجامعات اللبنانية الى الجامعات الأردنية وانتهاءً بجامعات أجنبية.