النخلة قصة: بيان صفدي رسوم: علي المندلاوي تقف النّخلة فوق أرضنا منتصبةً وشامخةً، هناك في قلب الصّحراء حيث يتدفّق أحد الينابيع، وتزهو النّخلة بساقها الطّويلة التي تجعلها مثل كفّ كبيرةٍ تلوّح للشّمس والقمر. وللنّخلة حكايةٌ طريفةٌ حكتها لي جدّتي ذات يومٍ. في قديم الزّمان جمعت الأرض الأشجار والأعشاب والورود، وقالت لها: - ستذهبين برحلةٍ إلى الصّحراء، وهناك تكون الشّمس حاميةً جداً، والرّمال تحرّكها العواصف بقوّة والماء سيكون نادراً... وسأرى من منكم يستطع أن يبقى أكثر... وسأعطيه جائزةً ثمينةً. ذهبت الأشجار والأعشاب والورود، وأخذ الحرّ يزداد، والرّياح تهبّ. وانهزمت الورود وهي تقول: - أنا مكاني على نوافذ البيوت وأبوابها وفي السّهول، ولا أزور الأرض إلاّ في الربيع. أما العشب فقد كان يغالب العطش، وهو يحدّث الورود: - أنا مكاني في السّهول، وعلى جوانب الأنهار والبحيرات والصّيف يحرقني... وأشجار كثيرة ذهبت خائفة من الصّحراء... لكنّ شجرةً شجاعةً صامدةً وقفت وحدها، فكانت تظهر بوضوحٍ وسط الرمال والعواصف، خضراء في كلّ أيّام السنة. تلك كانت النخلة. إنّها القويّة من بين بقيّة الأشجار. ماذا فعلت الأرض؟ أهدت إلى النّخلة ساقاً طويلةً وقويّةً. وإلى الآن تزهو أشجار النّخيل بطولها وقوّتها، وكأنّها تقول للأرض: - إنّي هنا!. صادرة عن "دار الآداب للصّغار"