توافقت الرغبة الاميركية في الابتعاد عن ملف الشرق الأوسط مع سياسة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الذي يفضل "ان يلعب الاميركيون دوراً أقل في المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية". ودعم رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود باراك الذي يسعى الى الدخول في "حكومة وحدة وطنية" شارون في هذا التوجه، فأعلن ان مقترحات الرئيس بيل كلينتون "لا تلزم الحكومة الجديدة"، وأبلغ الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات "ان الأطر التي نوقشت في كامب ديفيد وطابا وواشنطن أصبحت لاغية". وعلمت "الحياة" من مصدر ديبلوماسي اميركي ان جولة وزير الخارجية كولن باول في المنطقة ستركز على استطلاع الآراء في ما يتعلق بالمسألة الفلسطينية، وانه اتخذ قراراً بزيارة سورية وينتظر رد دمشق لتحديد موعد الزيارة. وفيما حصلت اشتباكات في مدينة البيرة استمرت حتى الساعات الأولى من فجر الخميس - الجمعة، وجرح خلالها عشرات الفلسطينيين بشظايا الرشاشات الثقيلة، توعدت حركة "الجهاد" الاسلامي "سرايا القدس" شارون بعمليات انتحارية. وقال أحد قياديي "الجهاد"، عبدالله الشامي خلال تأبينه الشهيد شادي الكحلوت "سنستقبل شارون بالعمليات الاستشهادية". وأكد الشامي ان "خيارنا هو خيار العمليات ونسف مدن العدو وقراه ومستوطناته وزلزلة جنوده. انه خيار الرعب المستمر". وكانت مستشارة مجلس الأمن القومي الاميركي كوندوليزا رايس أعلنت ان مقترحات كلينتون لم تعد صالحة بعد انتخاب شارون، مؤكدة بذلك تصريحات الناطق باسم الخارجية ريتشار باوتشر الذي أعلن أول من امس ان "المقترحات لم تعد اميركية". وأشارت رايس الى الأسلوب الجديد في التعاطي مع قضية الشرق الأوسط وطبيعة الدور الأميركي قائلة: "يجب أن لا نفكر بتدخل لمجرد التدخل"، وأضافت ان الرئيس جورج بوش سيقرر "متى يكون معنى للتدخل، ومتى يستطيع رئيس أميركا ووزير خارجيتها دفع الكرة الى الأمام". وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تغيراً آخر في تعاطي الإدارة الأميركية الجديدة مع ملف الشرق الأوسط، فذكرت ان المتمول اليهودي الأميركي رونالد لاودر رئيس مؤتمر المنظمات اليهودية أجرى مشاورات مع وزير الخارجية كولن باول بعد انتخاب شارون. ويعتبر هذا المتمول قريباً جداً من رئيس الوزراء الاسرائيلي الجديد وصديقاً لباول، ولعب دوراً رئيسياً في الاتصالات السرية بين سورية وبنيامين نتانياهو. وعقد شارون اجتماعاً طويلاً مع باراك وعرض عليه مجدداً منصب وزير الأمن، ولا يخفي باراك سعيه الى انضمام حزب العمل الى "حكومة وحدة وطنية"، يؤيده في ذلك شمعون بيريز، وتمهيداً لدخول الحكومة أعلن رئيس الحكومة الاسرائيلي السابق في رسالة الى عرفات ان مقترحات السلام التي نوقشت في كامب ديفيد وواشنطن وطابا باتت لاغية. وارسل باراك رسالة مماثلة الى رئيس الوزراء السويدي غوران بيرسون الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي. واستعداداً لتسلمه رئاسة الحكومة التقى شارون، فضلاً عن زعماء الأحزاب، رئيس الأركان الجنرال شاؤول موفاز. والسفير الأميركي في تل أبيب مارتن انديك عشية سفر مبعوثيه الى واشنطن. وكشف شارون في مقابلة نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" أمس عن جزء من برنامجه، وشدد على أنه لن يتبع سياسة باراك الذي "فشل وتحطمت أحلامه". وقال انه سيسعى الى "اتفاق عدم اعتداء" مع الفلسطينيين بدلاً من اتفاق سلام واعتبر خطة الفصل التي اقترحها باراك غير قابلة للتحقيق، خصوصاً في القدس. ونفى انه يفضل المسار السوري "لأن المسار الفلسطيني يحتاج الى حل". ورحب بالتصريحات الأميركية التي اعلنت دفن مقترحات كلينتون لأنه "يفضل ان يلعب الأميركيون دوراً أقل في المفاوضات".