بالحمائم البيض والشموع والزهور استقبل عشرات القبارصة الأتراك الرئيس القبرصي اليوناني غلافكوس كليريدس الذي حل ضيفاً على مأدبة عشاء أقامها له نظيره القبرصي التركي رؤوف دنكطاش في منزله في الشطر الشمالي من قبرص غداة لقائهما الاول منذ 1997 والاعلان عن مفاوضات حول مستقبل الجزيرة المقسمة. وهو ما اعتبره كليريدس رسالة ترحيب به بعد انقطاع عن الشطر التركي استمر 21 عاماً. ووصل كليريدس في سيارة لم ترفع علم الجمهورية القبرصية المعترف بها دولياً عبر نقطة الليدرا للعبور التي تقسم العاصمة الى اثنتين، وتحاشى اصطحاب حراسه معه في اشارة الى انه يزور شمال قبرص كصديق وليس كعدو. وبذلك اصبح اول رئيس قبرصي يزور الشطر الشمالي من الجزيرة حيث اعلن القبارصة الاتراك منذ 1983 "جمهورية شمال قبرص التركية" التي تعترف بها انقرة فقط. دعوة العشاء التاريخي هذه التي جاءت ضمن مسلسل المفاجآت القبرصية الأخيرة ورياح الانفراج السياسي التي هبت على الجزيرة، جمعت خصمين في قضية سياسية ورفيقي نضال طويل ضد الاحتلال الانكليزي، وساهمت في كسر الحواجز النفسية بين الطرفين وهدم جدار الخط الأخضر الذي يفصل الجزيرة تماماً كما حدث عند انهيار جدار برلين على رأي المراقبين الذين وقفوا على باب منزل دنكطاش في انتظار خروج ضيفه ليحدثهم عن تفاصيل الحديث الذي جرى بينهما خلال العشاء. لكنهم اكتفوا جميعاً بسماع صوت ضحكات دنكطاش وكليريدس والمدعو الثالث الى العشاء الفارو دي سوتو مبعوث الأممالمتحدة الخاص بالقضية القبرصية. ورفض كليريدس الحديث الى الصحافيين الذين انتظروه طويلاً، وبدوره فضل دنكطاش ان يبقى لقاؤه مع كليريدس في اطار الصداقة وبعيداً عن السياسة. وخرج دي سوتو ليروي عطش جمهور الصحافيين المنتظرين فقال معبراً عن دهشته: "لم أر شيئاً كهذا من قبل. عاشرت هذين الزعيمين لسنوات، لكن الظروف الآن مختلفة تماماً، اعتقد ان فصلاً جديداً بدأ في قبرص". ولم يتسرب من حديث ذلك العشاء التاريخي سوى لائحة الطعام التي ترأسها طبق الباذنجان باللحم المفروم، وبعض النكات التي تبادلها الأطراف حول علاقة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون بمساعدته مونيكا لوينسكي. ولعل ذلك كان أكثر ما حصل عليه بيل كلينتون بعد مساعيه الحثيثة التي بذلها خلال ثماني سنوات لحل القضية القبرصية.