الناس مع الصيام في طبقات متفاوتة فمن طبقات الصائمين من امتثلوا امر الله بالصيام، فصاموا وقاموا رمضان مقتدين متأسين بالنبي ص وأصحابه، فكانوا موفقين بأدائهم هذه الفريضة، هم مع ذلك في أدائها على مراتب. فإن من ترك طعامه وشرابه وشهوته لوجه الله وابتغاء ما عنده، فإن الله لا يخيب رجاءه، ولا يضيع عمله. وفي الصحيحين عن النبي ص قال: "قال الله عز وجل "الصوم لي وأنا أجزي من يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي". إن الصائم لله حقاً هو تجارة مع الله ومعاملة مع سبحانه، والله عز وجل لا يضيع اجر من احسن عملاً، ولا يخيّب من تاجره وعامله، بل يربح عليه اعظم الربح. ومن طبقات الصائمين من صام في الدنيا كلها عما سوى الله، وطاعته، فهو حافظ لرأسه وما حوى، وحافظ لبطنه وما وعى، ذاكر للموت والبلى، صام عن الشهوات في الدنيا، تاركاً الدنيا وزينتها. ومن طبقات الصائمين من كان حظهم من الصيام في رمضان الجوع والعطش، وحظهم من القيام التعب والنصب، ذلكم الذي امسك عن الأكل والشرب والشهوة من طلوع الفجر الى إقبال الليل. امسك ولم يقر قلبه وعمله بتوحيد، بل هو داع لغير الله، ذابح له، مستغيث بغيره، قلبه وقصده وعمله وقوله متوجه لغير الله. وذلكم ايضاً من صام عن الطعام والشهوة وترك الصلاة. وذلكم ايضاً من لم يصم عن الحرام قولاً وفعلاً، صام عن ما يدخل الى جوفه، ولم يصم عما يتكلم به من الفسق والفجور، ولم يصم أذنه عن سماع الغيبة والنميمة. ومن طبقات الصائمين من قطع نهار رمضان بالنوم وليله بالسهر على المشاهد الهابطة. بالله عليكم هل هذا وأمثاله صائم أم لاعب؟ ومن الناس، وهم الأكثر، من لم يرفعوا بالصيام ولا بالقيام رأساً ولم يقيموا لهما وزناً. الرياض - علي بن عبدالعزيز بن علي الشبل المدرّس بجامعة الإمام.