لندن، موسكو، فيينا - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - فقدت اسعار خام القياس "برنت" المكاسب الصباحية التي حققتها في بورصة النفط الدولية صباح امس، بعد ترحيب متحفظ من الامين العام للمنظمة علي رودريغيز بقرار روسيا خفض صادراتها النفطية الذي وصفه خبير روسي بانه "خدعة الشتاء". وبعدما حقق الخام صباحاً مستوى 19.75 دولار للبرميل عاد بعد الظهر الى مستوى 19.31 دولار للبرميل في عقود كانون الثاني يناير المقبل. واعلن رودريغيز انه يشعر بالقلق في شأن طول الفترة التي ستسري خلالها الخفوضات الانتاجية للدول المستقلة غير الاعضاء في المنظمة. ونقلت وكالة انباء "أوبكنا" عن رودريغيز قوله "ان الاعلان الصادر من روسيا تطور مشجع ولا نزال متفائلين بان منتجين آخرين سيقتدون به". واضاف: "لا بد من تمديد أي خفوضات انتاجية بالقدر الذي يتطلبه الامر اذا كان لنا ان ننجح في تثبيت الاسعار". من جهة ثانية قال رئيس "أوبك" شكيب خليل انه راض عن قرار روسيا خفض صادراتها. ونقلت وكالة الانباء الجزائرية عن خليل قوله انه "قرار مُشجع سيساعد بكل تأكيد منتجي النفط من اعضاء أوبك ومن خارجها على وقف حركة التدهور في أسعار الخام التي سجلت في الشهور الماضية". "خدعة الشتاء" في موسكو قال محللون "ان قرار روسيا خفض الصادرات بمقدار 150 الف برميل يومياً، يمثل في جزء منه خدعة للاسواق ولاوبك اذ ان شحنات التصدير تتراجع على اي حال في فصل الشتاء". وأضافوا: "حتى الشركات المحلية التي عارضت الخفض يجب ألا تشعر بالقلق اذ ان ارتفاع اسعار النفط سيخدم الجميع في المدى الطويل". وقال جيمس فينكنر كبير المحللين في "ترويكا ديالوغ" في موسكو: "لعبت روسيا هذه اللعبة بطريقة صحيحة تماماً فلو انها قالت قبل ستة اسابيع انها ستخفض انتاجها موسمياً أكانت اوبك طلبت خفضاً اكبر". ووافقت "اوبك" على خفض انتاجها 1.5 مليون برميل يومياً اعتباراً من اول كانون الثاني يناير لكن بشرط ان يخفض منتجون من خارج المنظمة انتاجهم بمقدار 500 الف برميل يومياً. تجمد الموانئ وتتراجع صادرات روسيا في فصل الشتاء بسبب تجمد موانئها في اقصى الشمال وارتفاع الطلب على وقود التدفئة في سيبيريا. وقال المحللون ان الصادرات الروسية تراجعت في كانون الثاني وشباط فبراير من السنة بما بين 150 و200 الف برميل يومياً. وقال ستيفن اوسوليفان مدير الابحاث في مجموعة "يونايتد فايننشال" إن الربع الثاني سيكون "فترة الاختبار عندما ترتفع الصادرات الروسية مرة اخرى وسيتضح انه لم يحدث خفض حقيقي". وانقسمت آراء شركات النفط الروسية الكبرى في ما يتعلق باستعدادها للخفض، إذ تشعر الشركات التي تخطط لزيادة كبيرة في الانتاج بالرضى عن الاسعار المنخفضة في حين تنحاز الشركات التي لا تعتزم القيام بتوسعات كبيرة الى رأي "اوبك" الداعم للخفض. وكانت شركة "يوكوس"، ثاني اكبر شركة في البلاد هي الاشد معارضة للخفض في حين ايدته "لوك اويل" اكبر شركة نفط في البلاد و"تايمن" ثالث اكبر شركة. وقال جيمس هندرسون من "رنيسانس كابيتال" إن "يوكوس" ستكون المستفيد الأكبر من الاسعار المنخفضة اذ سيوفر لها ذلك فرصة التوسع سواء في السوق المحلية او الخارجية. واوضح ان سيولة تبلغ اربعة بلايين دولار لدى الشركة في المصارف وانخفاض كلفة التشغيل يجعلانها في وضع يؤهلها لخوض حرب اسعار مع "اوبك". واضاف ان لدى "لوك اويل" كلفة تشغيل مرتفعة ومتطلبات رأسمالية ضخمة مما يعني انها ستعاني في ظل الاسعار المنخفضة للنفط. ومضى يقول "ايدت شركتا تي.ان. كيه وتاتنفت كذلك خفض الانتاج اذ ان كلاً منهما ترزح تحت وطأة دين كبير... وفي حال انهيار اسعار النفط قد تواجه الشركتان صعوبات في سداد الديون وتنفيذ برامجهما الاستثمارية". وتابع هندرسون: "ان شركة سيبنفت ستستفيد من ارتفاع الاسعار وان شركة سورغوتنفتغاز قد تتحمل الاسعار المنخفضة". وقال فينكنر "بشكل عام ابدت روسيا استعداداً ظاهراً للاستجابة لاوبك واعطتها رسالة بانها ستعمل على دعم النمو الدولي من دون ان تعطي الكثير". ومن شأن هذا الموقف ان يؤمن جذب استثمارات جديدة لروسيا ويدعم صورتها الجديدة كمنطقة استثمار آمنة. وقال فينكنر: "من وجهة نظر مدير استثمارات تبدو روسيا تسير في اتجاه ايجابي سياسياً واقتصادياً وعلى صعيد الاصلاح". 3.9 مليون برميل وقال هندرسون انه يتوقع ان يزيد متوسط صادرات روسيا من النفط سنة 2002 الى 3.9 مليون برميل يومياً من 3.2 مليون برميل يومياً حالياً. وقال اوسوليفان: "ان المسؤولين الروس لمحوا الى زيادة اجمالية بنسبة ثلاثة في المئة في الصادرات سنة 2002". ولم تتباين اسعار اسهم الشركات بدرجة كبيرة بعد صدور القرار الروسي الاربعاء. وارتفع سهم "لوك اويل" 0.69 في المئة الى 11.680 دولار في حين هبط سهم "يوكوس" 1.1 في المئة الى 4.421 دولار وتراجع سهم "سيبنفت" 0.39 في المئة الى 0.6525 دولار. المشتقات النفطية في نيويورك قال محلل روسي في قطاع الطاقة ان موافقة روسيا على خفض صادراتها النفطية والعمل مع منظمة "اوبك" في مساعيها لرفع اسعار النفط الخام قد يعززان صادراتها من المنتجات المكررة. وقال ليونيد ميرزويان، المحلل المتخصص في اسهم شركات الطاقة الروسية في مصرف "دويتشه بنك الكس براون" في موسكو: "نعتقد ان القصة الحقيقية الكامنة وراء هذا الاعلان تتمثل في زيادة محتملة في صادراتها من المشتقات النفطية". وأضاف ميرزويان: "من المحتمل ان تخفض روسيا اذا ما جرى تكرير هذا النفط الخام محلياً فإن صادرات البلاد من المشتقات النفطية قد ترتفع". وقال ايفان ماتلاشوف نائب وزير الطاقة الروسي: "من المحتمل ان تزيد روسيا حصة صادراتها من زيت الوقود الى ما يراوح بين 50 في المئة وستين في المئة من النسبة الحالية البالغة 25 في المئة". وفي الوقت الحالي فان الشركات الروسية لا يسمح لها الا بتصدير كمية محدودة من زيت الوقود كنسبة مئوية من مجمل انتاج مصافيها وذلك لابقاء الامدادات داخل روسيا لتلبية الاحتياجات المحلية.