وجّه السيد داود الشريان في "الحياة"، 19-12-2001 رسالة للسيد خالد مشعل، نصها يحمله مسؤولية الوضع الحاضر بين السلطة والقيادات الميدانية للانتفاضة. وقد حملت الرسالة مغالطات واضحة ألفت النظر فيما يلي إليها. 1- المشكلة ليست بين السلطة و"حماس" بل هي بينها وبين الشارع الفلسطيني عموماً. فالشارع الفلسطيني على مطلقه مع استمرار العمل المسلح، وهذا الرأي أنقله من العمق ولي اقارب وأهال يعيشون في الداخل الفلسطيني، هذا اضافة الى ما ذكره تلفزيون "المنار" تاريخ 18-12، بأن استطلاعات الرأي جاءت بنسبة 62 في المئة لصالح استمرار العمليات الاستشهادية فكيف بالانتفاضة. 2- قرار الرفض للاستسلام الذي اصدره عرفات لم يصدر عن "حماس" حصراً، ولكنه صدر عن تنظيمات فلسطينية اخرى، مجموعها بما لها من قواعد شعبية يجعله رأي الشعب الفلسطيني عموماً. 3- يذكر السيد الشريان "حماس" بإطلاق سراح معتقلين منها قبل عام، وغض الطرف عن التساؤل هل اعتقالهم اساساً مبادرة ودية؟ ونسي او تناسى الحديث عمّن تعرض للتعذيب منهم على يد محققي السلطة، وبأي ذنب، ولأي مصلحة غير امن إسرائيل! 4- قال ان عرفات يؤمن بدورهم، وألمح الى مشاركتهم في الحكومة المنتظرة، وآخر انتخابات جامعية حصد خلالها ممثلو "حماس" 32 في المئة من الأصوات، فلماذا لم يمثّلوا حتى الساعة بوزير أو بسفير؟ 5- إن حماس لم تصنع دورها من اعترافات عرفات بل من قيادتها الانتفاضة الأولى. 6- يتناسى السيد الشريان ان عرفات كان يستحم على شواطئ تونس حين كانت "حماس" تقود الانتفاضة الأولى، وأن تلك الانتفاضة هي التي دفعت إسرائيل للبحث عن منقذ، فجاء عرفات بأوسلو. 7- يقر السيد الشريان ان اميركا وشارون يتحججان، فهل يعطينا دليلاً واحداً على ان إسرائيل والولاياتالمتحدة لم تصلا لعذر ولو افتعلتا؟ وهل تكنّان لنا اي احترام حتى في طريقة تقديم الأعذار؟ 8- عندما يتحدث السيد الشريان عن الضغوط التي تمارس على عرفات يُغيب حقيقتين: الأولى: ان بعض تلك الضغوط عربية هدفها الخلاص من إحراج الانتفاضة للقيادات العربية التي بدت مشلولة امام استحقاقات تقرها الشرائع السماوية والوضعية، كما أضعف مستويات الإحساس بالكرامة، والثاني: ما هي تلك الضغوط التي تمارس على عرفات أهي القتل انهم يقتلون على اي حال، اهي التخريب انهم يخربون على اي حال، أم هي استقبال عرفات في البيت الأبيض وسحب الاعتراف به كممثل للفلسطينيين؟ لا يمكن بحال ان تختزل قضية شعب تمتلك مثل تلك الأحقية والمشروعية التي تمتلكها القضية الفلسطينية في شخص رجل واحد أو مجموعة حاكمة. الجواب، في رأي فلسطين، ان على عرفات، ان كان النضال لا يناسبه وتقدمت به السن، أن يرحل، فقد كان اهل الداخل بألف خير قبل قدومه. ان الحملة التي بدأت تشنها السلطة على "حماس" هي محاولة لنزع الشرعية عنها، وهي حملة منظمة لا تندرج فقط في اطار خطة تكتيكية تتطلبها المرحلة الراهنة، بل هي استراتيجية واضحة، تقرأ من تصريحات مسؤول ملف القدس الذي اطلق بالوناً لجس النبض حول التنازل عن حق العودة، مروراً باستخدام اقلام كثيرة هنا وهناك، آخرها ما أفتاه السيد جهاد الخازن ان "حماس" هي التي تعطل العملية السلمية. بقي ان ينسب "لحماس" تعطيل العملية السلمية على المسار السوري، وكذلك بقاء المعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، وعدم تسليمها مزارع شبعا، و لا خرائط الألغام، وربما وصلنا الى أن الاحتلال الإسرائيلي للضفة والقطاع كان بسبب "حماس" كما أفتى السيد حازم صاغية في نفس العدد من "الحياة". إن الشعب الفلسطيني يتعرض لمؤامرة ولكن ليس من الغرب، فهو على ما هو عليه منذ قيام مأساة فلسطين. بل لعله اليوم اكثر اعتدالاً من اي وقت مضى، فهذا ما تقوله مواقف فرنسا مثلاً. ولكن المؤامرة الحقيقية من الحكومات العربية والأقلام الزائفة التي تتملق الحكام بأعذار واهية. وأتمنى على الجميع ان يذكر ان "حماس" هي التي قادت النضال في الانتفاضة الأولى، وهي التي تقدم الشهداء اليوم. لقد قتل العشرات من اعضاء قيادتها وليس فقط من قواعدها، كما هي حال السلطة الفلسطينية حيث يضحي الجالس على الكرسي بالشرطي المسكين تحت شعار نضال ميداني ونضال سياسي. و"حماس" تستخدم من قبل السلطة كما يستخدم كلب الحراسة، ولولا رصيدها الشعبي الكبير لما تردد ياسر عرفات منذ دخل الضفة والقطاع بالإجهاز عليها. "حماس" هي التي تلبي من التبرعات ومن اموال اعضائها رعاية اسر الشهداء. كما شهدت على ذلك الولاياتالمتحدة وإسرائيل بإغلاقها مكتب "بيت الأرض المقدسة"، فيما اهل السلطة يتبارون في تبذير ما يصل من معونات حكومية. إنني ادعوكم جميعاً لفعل لن يكلف الكثير ولكنه قد يدفع هؤلاء الكتّاب الى ترك الشعب الفلسطيني لنفسه ومقدرته بدل ان يكونوا سكيناً يُذبَحُ به. وأقترح عليكم ان ترسلوا الى جريدة "الحياة" عبارة واحدة، سواء بالفاكس او البريد أو "الإيميل"، تقول: "إن لم تكن من اهل العزائم فلا تنتقص اهلها". وتقبلوا تحياتي حسام مطلق