وقعت الارجنتين اسيرة اللعبة السياسية الداخلية في ظل اضطرابات ناجمة عن الازمة الاقتصادية الخانقة، وغياب دعم خارجي ملموس. وعاد البيرونيون الى السلطة في بوينس ايرس، فيما استقال الرئيس فرناندو دي لا روا بعدما رفضوا التعاون معه لتشكيل حكومة وحدة وطنية تخرج البلاد من أزمتها. بوينس ايرس، ا ب، ا ف ب - استعاد البيرونيون السلطة في الارجنتين باعتبارهم يشكلون غالبية في البرلمان نتيجة استقالة الرئيس فرناندو دي لا روا في ظل اضطرابات اجتماعية، خلفت عشرات القتلى والجرحى واضراراً مادية جسيمة بالممتلكات. وتولى رئيس مجلس الشيوخ رامون بويرتا الرئاسة لفترة انتقالية قصيرة، خلفاً لدي لا روا الذي اختار التنحي بعدما رفض البيرونيون الانضمام الى حكومة وحدة وطنية لمعالجة الازمة الاقتصادية الخانقة والناجمة عن دين عام بلغ حجمه 132 بليون دولار، ما يهدد بافلاس البلاد. وقبل اجتماع البرلمان لقبول استقالته وبحث الخيارات المستقبلية، عمد دي لا روا الى رفع حال طوارئ فرضها قبل يومين ولم تفلح في تهدئة تظاهرات واعمال شغب على نطاق واسع. وتعرض عدد من المحلات التجارية للنهب والحريق في وسط العاصمة بوينس ايرس من قبل مجموعات من الشبان المقنعين تصدت لهم الشرطة. ونهبت هذه المجموعات مطعماً لشبكة "ماكدونالد" الاميركية واضرمت النار في محلات اخرى، كما نهبت فروعاً لعدد من المصارف من بينها الاسباني "بي بي في آي" والاميركي "سيتي بنك" والارجنتيني "بانكو بروفنسيا" وكلها تقع بالقرب من منطقة اوباليسك وسط العاصمة. وقال شهود ان اشخاصاً مدنيين لم تحدد هويتهم، نزلوا من بعض السيارات واطلقوا النار على الذين ينهبون ويضرمون النيران. وادت الاضطرابات منذ اندلاعها قبل يومين الى سقوط 22 قتيلاً و200 جريح، معظمهم في مواجهات مع رجال مكافحة الشغب. ومن جهة اخرى، افاد ناطق باسم وزارة الامن الاقليمي ان رجلاً وامرأة من اصل كوري كانت محلاتهما تعرضت للنهب الاربعاء الماضي في الضاحية الشمالية لبوينس ايرس، انتحرا اول من امس في منزلهما الكائن بالقرب من محلاتهما في منطقة سيوداديلا، 30 كلم الى شمال العاصمة، لانهما لم يتحملا خسارة كل ما كان لديهما من بضائع. واعلن الرئيس الارجنتيني المستقيل فرناندو دي لا روا رفع حال الطوارئ التي قرر فرضها الاربعاء. وقال في تصريح الى الصحافيين في مقر الرئاسة: "اردت ان يكون ذلك آخر قرار اتخذه" كرئيس. وقال الرئيس المستقيل ان الحزب البيروني الذي يتمتع بغالبية في البرلمان ارتكب خطأ برفضه تقديم المساعدة له للاستمرار في حكم البلاد في اطار حكومة وحدة وطنية. وقال انه حكم بلاده باخلاص ونزاهة خلال عامين كان فيهما رئيساً للارجنتين. في غضون ذلك، اعربت الولاياتالمتحدة عن ثقتها بالمؤسسات في الارجنتين. ودعت الاحزاب السياسية في هذا البلد الى العمل معاً من اجل حل الازمة الاقتصادية. وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الاميركية: "اننا نشجع كل الارجنتينيين على ان يجدوا معاً حلاً يعيد البلاد الى النمو والازدهار". واضاف: "لنا ثقة بقوة المؤسسات الارجنتينية، ونجدد التأكيد بثقتنا تجاه المركز الذي تحتله الارجنتين بين الديموقراطيات الرئيسية في جنوب القارة الاميركية". وتابع: "الارجنتين جارنا وحليف قوي وصديق ... الولاياتالمتحدة تقدر العلاقات الوثيقة القائمة بين بلدينا وتشير الى اهمية العلاقات التي تطورت خلال عامين مع الرئيس دي لا روا". ومن دون ادلة واضحة الى مستقبل الوضع في الارجنتين، لم تقدم الولاياتالمتحدة او صندوق النقد الدولي اي بادرة على الاستعداد لانقاذها بطرح خطة معونات مالية. وحضت بريطانياالارجنتين على التعامل مع ازمتها الاقتصادية والسياسية بأسلوب "ديموقراطي". وقال ناطق باسم الخارجية البريطانية: "نواصل دعمنا للارجنتين في سعيها للخروج من الازمة الاقتصادية، ونعتقد ان الديموقراطية الارجنتينية تعمل في شكل جيد وان الوضع سيحل في شكل ديموقراطي". وابدت البرازيل التي تشترك مع الارجنتين في عضوية كتلة الميركوسور التجارية اسفها لاستقالة دو لا روا وثقتها في قدرة الارجنتين على التغلب على الازمة. ونقل ناطق باسم الحكومة البرازيلية عن الرئيس فرناندو انريكي كاردوسو قوله انه يشعر بأسف شديد لاستقالة دي لا روا ويعتقد ان الشعب الارجنتيني سيعرف كيف يجد حلاً لهذه الازمة.