كابول، برلين، إسلام آباد - أ ب، رويترز، أ ف ب - تسارعت الترتيبات لنشر قوة حفظ سلام في كابول بين الدول الاوروبية والولاياتالمتحدة عشية تصويت مجلس الامن على مشروع في هذا الشأن. وتباينت الآراء في شأن فترة نشر هذه القوة وتحديد عددها والدول المشاركة فيها، فيما أكدت واشنطن أن طلائع القوة يجب أن تكون في كابول بحلول يوم السبت في 22 الشهر الجاري، موعد تسلم الحكومة الموقتة لمهماتها. وفضلت بريطانيا التحفظ عن تحديد موعد لاستكمال الانتشار، فيما دعت ألمانيا الى الفصل بين حفظ السلام ومهمة فرض السلام التي تقوم بها أميركا حالياً. وجاء ذلك عشية تصويت مجلس الامن على المشروع. وعلى الصعيد السياسي، شهدت العاصمة الافغانية نشاطًا لم تعرفه منذ وقت طويل، إذ رفع العلم الاميركي على مبنى سفارة الولاياتالمتحدة هناك. وتلا ذلك افتتاح السفارة التركية في حضور وزير الخارجية اسماعيل جيم الذي كان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد سبقه الى كابول بيوم واحد. وقال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير إن تفويض القوة المزمع نشرها لن يكون إلا لبضعة أشهر، فيما أفاد ناطق باسمه أنه لا يتوقع نشر قوة حفظ السلام كاملة في 22 الشهر الجاري. لكنه أبدى سرور بريطانيا لتوليها قيادة هذه القوة التي ستضم فرقاً من دول الاتحاد الاوروبي ودول اسلامية مثل تركيا والاردن. وأضاف الناطق البريطاني أن المحادثات التي جرت في لندن بين المسؤولين العسكريين من بلاده وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وتركيا والاردن، كانت "مثمرة جدًا". وقال إن بلير الذي يتعرض لضغوط أميركية للاعلان رسميًا عن نشر القوات، يتحفظ حالياً عن تحديد موعد لذلك أو تسمية الدول التي ستشارك فيها . وفي غضون ذلك، اقترب أعضاء مجلس الامن من التوصل الى اتفاق على مشروع نشر القوة، المتوقع التصويت عليه اليوم. وقال جيمس دوبينز المبعوث الاميركي الخاص الى أفغانستان، لدى افتتاحه أمس مبنى سفارة بلاده في كابول، إنه يتوقع وصول قوات حفظ سلام أجنبية الى العاصمة الافغانية بحلول موعد تسلم الحكومة الموقتة، متوقعا ان "يكون عددها كافيًا، ولكنني اعتقد بان عدد القوات في كابول لن يكون كبيرًا جدًا". رامسفيلد وكان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد صرح خلال زيارته قاعدة باغرام الجوية شمال كابول أول من أمس، بأنه يتوقع أن يراوح عدد هذه القوات بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف جندي. وقال: "إنها مسألة نفسية ورمزية تظهر أن كابول لا تنتمي الى فصيل واحد ليشعر الناس أن الهدوء الحالي سيستمر". وأشار الى أن رئيس الحكومة الموقتة حامد كارزاي ووزير الدفاع محمد فهيم، أعربا له عن رغبتهما في العمل مع المجتمع الدولي في ما يتعلق بالتوصل الى ترتيب مقبول لنشر القوات. ونقل عن فهيم قوله: "لا نريد أن نترك وحدنا". وقال دوبنز إن الولاياتالمتحدة لن تشارك في دوريات حفظ السلام ولكنها ستساعد القوة الدولية في شؤون لوجيستية واستخباراتية وفي وسائل النقل. وأضاف أن الولاياتالمتحدة "ملتزمة ديبلوماسيًا وسياسيًا واقتصاديًا في مستقبل تلك البلاد" التي عانت إهمال المجتمع الدولي لها. شرويدر وفي الوقت نفسه، أعلن المستشار الالماني غيرهارد شرويدر أن المانيا وضعت "شروطًا واضحة جدًا" لمشاركتها في قوة دولية تحت إشراف الاممالمتحدة في أفغانستان. وقال: "نريد الفصل بين بنية قيادة القوات المحاربة التي ما زال وجودها ضروريًا مع الاسف وبين قوة السلام". وذكر شرويدر أن ألمانيا ترغب في "مهمة قوية"، مشيرًا الى أن بلاده ترغب في أن تقتصر هذه المهمة "على كابول وضواحيها، أي المطار، وأن تكون مدتها محددة أيضًا". وأكد أن قوات الجيش الالماني "محدودة بالتأكيد" وأن ألمانيا التي يقوم جيشها بمهمة حفظ سلام في مقدونيا، لا تعتزم الذهاب "الى أبعد مما هو ممكن موضوعيًا". من جهة أخرى، قال شرويدر إنه "ليس متأكدًا من أن ألمانيا يمكن أن تحدد هذا الاسبوع عدد العناصر الذين سترسلهم الى أفغانستان لأنه ليس متأكدًا أن مجلس الامن الدولي سيتخذ قرارًا" في الوقت المحدد. السفارة الاميركية الى ذلك، رفع أمس العلم الاميركي فوق مبنى سفارة الولاياتالمتحدة في كابول أثناء حفلة حضرها دوبنز الذي قال إن الحدث هو التزام فعلي بإعادة بناء أفغانستان. وأضاف: "يرمز هذا الاحتفال الى عودة الولاياتالمتحدة بعد غياب دام عقدًا من الزمن. نحن الان هنا لنبقى". وعلى أنغام النشيد الوطني، قام أربعة من حراس الشرف في القوات الاميركية برفع العلم نفسه الذي كان يرفرف على السفارة عندما أخليت في 31 كانون الثاني يناير 1989. وستكون هذه السفارة صلة الوصل بين البلدين، إلا أنها لن تتضمن سوى عدد ضئيل من الديبلوماسيين، في انتظار تعيين قائم بالاعمال في الاسابيع القليلة المقبلة وسفير في غضون أشهر. وحضر الحفلة عن الجانب الافغاني كل من وزير الدفاع محمد فهيم ووزير الداخلية يونس قانوني. ولوّح بعض المدعويين الافغان بأعلام أميركية صغيرة. ثم وقف المحتفلون دقيقة صمت عن أرواح ضحايا 11 أيلول سبتمبر الماضي والضحايا الافغان الذين سقطوا من جراء القصف الاميركي. وكانت السفارة الاميركية إحدى السفارات الكثيرة التي هجرت منذ مدة طويلة، وبقيت شاهدة على الحروب التي ألمت بهذا البلد، من الاجتياح السوفياتي الى الحروب الاهلية الدموية. وآخر سفير أميركي كان أدولف دابس، خطفه المجاهدون العام 1979، ثم قتل أثناء تبادل إطلاق نار وهو يحاول الهروب بمساعدة رجال أمن أفغان. وتابعت السفارة أعمالها من دون سفير حتى هجرها آخر موظف العام 1989. وقال دوبنز وهو صاحب باع طويل في المناطق المضطربة مثل هاييتي والصومال والبوسنة وكوسوفو، إن إعادة إحياء الوجود الديبلوماسي الاميركي في كابول له معنى رمزي كبير جدًا، وهو خطوة مهمة للمساعدة في تحويل السلطة ووضعها على المسار الصحيح. وستقوم القوات الاميركية بتأمين الحماية لموظفي السفارة في انتظار قوة حفظ السلام المتوقع وصولها قريبًا الى العاصمة. السفارة التركية وشهدت العاصمة الافغانية أيضًا رفع العلم التركي بحضور وزير الخارجية التركي اسماعيل جيم وهو أرفع مسؤول من دولة عضو في حلف شمال الاطلسي يزور كابول منذ إطاحة "طالبان". ويرمز افتتاح السفارة الى تكريس دور أكبر لتركيا في تشكيل نظام سياسي جديد في أفغانستان وآسيا الوسطى. وتعتبر تركيا هذه المنطقة امتداداً طبيعيًا لنفوذها بسبب الروابط العرقية واللغوية والدينية . وقال جيم: "رسالتنا الى الشعب الافغاني هي أن عليه أن يدرك أننا نقف معه وعازمون على تقديم خبراتنا في إعادة الاعمار مدنياً وعسكرياً".