الدفاع عن أسامة بن لادن بعد عرض الشريط الذي يعترف فيه بمسؤوليته عن الحوادث الإرهابية التي تعرضت لها أميركا أصبح مستحيلاً، والدفاع عن تنظيم "القاعدة" بعد هذا الشريط وقوف مع الإرهاب والظلم والعدوان والهمجية. لكن خطورة الشريط لا تأتي من اعتراف زعيم "القاعدة" بمسؤوليته عن جريمة 11 أيلول سبتمبر، وسعادته بقتل الأبرياء، وإنما من إعطاء تلك الهمجية غطاءً دينياً وتصوير ما حدث على أنه شهامة عربية. إن اتهام بن لادن بممارسة الإرهاب، وسعادته بقتل الأبرياء وإشاعة الفوضى والخراب، ليسا أمراً جديداً، لكن ظهوره مع مجموعة من العرب المسلمين وهم يتبادلون التهاني ويظهرون السرور بهذا العمل الوحشي، والاعتزاز بتلك الأعمال الدموية، والتندر بأن معظم المشاركين في العمليات الانتحارية لم يكونوا يعرفون طبيعة العملية، أخطر ألف مرة من الاعتراف بالوقوف وراء تفجير برجي مركز التجارة العالمية ومبنى البنتاغون، إذ قدمنا إلى العالم بطريقة يصعب تغييرها أو الاعتذار عنها. ليت أميركا استمرت على خوفها من عرض الشريط القذر، ليتها أخذتنا بالشبهات وشنت حربها على كل الدول الإسلامية ولم تعرض هذا الشريط المليء بالقبح والدموية والتخلف والعنصرية والابتهاج بقتل الأبرياء والأطفال وترويع الآمنين. ليت أميركا رحمتنا من مشاهدة هذا النزق والجنون والهمجية، ليتها قتلت الآلاف منا ولم تشوّه صورتنا بهذا الشريط اللعين الذي قتلنا ألف مرة. إن التصدي لهذا الشريط ومحاولة التشكيك فيه أهم عمل للعرب والمسلمين في المرحلة المقبلة، والتشكيك لا يعني نفي الاتهام عن الإرهابيين الذين صوّرهم الشريط وهم يتبادلون التهاني، وإنما التركيز على أن هذه الهمجية لا تمثل العرب والمسلمين، وأن هذه النماذج الشاذة تظهر في كل الأمم والمجتمعات والحضارات. وأميركا نفسها قدمت للعالم خلال السنوات القليلة الماضية ديفيد كوريش، ومكفي، وتاريخها الحديث يعج بالإرهابيين والمجانين وكل الدول لديه قائمة طويلة، ونحن جزء من العالم وفينا ما فيه من عيوب. لكننا مطالبون بمسح آثار الشريط القذر لئلا يُوظف لتدمير مستقبل أجيالنا وصورة حضارتنا.