الارجح أن سياحة الفضاء الكوني لم تعد من شؤون الافتراض والتخمين، ولربما صارت قريباً جزءاً من مشهد الحضارة الانسانية في القرن الحالي، تماماً كما قاد جهد العلم في اختراع الطائرة الى تحولها الى تجارة واسعة خلال القرن المنصرم. وخلال الأسبوع الماضي اعلنت محطة تلفزة في سنغافورة عن مسلسل جديد يتضمن مسابقة عنوانها "رائد الفضاء العتيق"، وجائزتها رحلة على متن مركبة الفضاء "سيوز"، وزيارة "محطة الفضاء الدولية"! وتطلب المسابقة، التي ستذاع أثناء مسلسل "سيرفايفور" أي الناجي، من المشاركين السفر الى مواقع يظن أن زواراً من حضارات كونية ذكية زاروها خلال تاريخ البشرية الغابر. وحددت هذه المواقع بانها أهرامات مصر، وحجر ستون هيدج في انكلترا، وسهول نازكا في بيرو! وتستخدم شركة "وورلد أيميج ميديا" المسابقة أداة ترويج مسلسل المكون من 13 جزءاً. والذي تعتزم البدء في بثه قريباً. وعلى نمط برامج مماثلة، تتطلب المسابقة من المشاركين عدم استخدام اي ادوات، سوى الاشد بدائية وما يمكن تحضيره بقوة الايدي العارية وحدها. وسينتقل الفائز الى مركز "ستار سيتي" في ضواحي موسكو، حيث تدرب وكالة الفضاء الروسية روادها. والمصادفة اللافتة ان المركز عينه استقبل أخيراً سائح الفضاء الثاني، المليونير مارك شاتل ورث 28 عاماً، جنوب أفريقيا، لاعداده من اجل المشاركة في رحلة المركبة سيوز الى "محطة الفضاء الدولية" في نيسان ابريل المقبل. ويعتزم شاتل ورث المشاركة في تجربة بيولوجية عن اثر انعدام الجاذبية في الفضاء الخارجي على سرعة نمو خلايا المنشأ STEM CELLS. والمعلوم ان هذه الخلايا تظهر في عمر مبكر من نمو الجنين، وتملك القدرة على صنع اعضاء الجسم كافة، أي انها تقدر ان تتحول الى كبد أو كلية أو عظام أو قلب... الخ. وتثير خلايا المنشأ خلافات اجتماعية وقانونية واخلاقية لأنها تأتي من استنساخ أجنة بشرية، وهو امر يدينه كثيرون. ولا شك في ان خلايا المنشأ هي مصدر مذهل للأعضاء البديلة، وهذا ما يجعلها اساساً لسوق تجارة ضخمة، وهي من المكونات القوية لاقتصاد البيولوجيا bio-economy.