بعد أيام من مناقشات بين أعضاء "مجمع البحوث الإسلامية"، وهو أعلى هيئة في الأزهر، حدد المجمع مفهوماً للجهاد في ما بدا أنه رد على الافكار التي طرحها اسامة بن لادن. وأصدر المجمع أمس بياناً أكد فيه أن "مفهوم الجهاد يقوم على الدفاع عن الوطن ضد احتلال الارض ونهب الثروات"، مشيراً إلى أن "للإسلام آداباً وأحكاماً واضحة تحرم قتل غير المقاتلين كما تحرم قتل الأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال أو تتبع الفارين أو قتل المستسلمين أو إيذاء الأسرى أو التمثيل بجثث القتلى، أو تدمير المنشآت والمواقع والمباني التي لا علاقة لها بالقتال". ورغم أن البيان لم يشر الى بن لادن بالاسم إلا أن العبارات الواردة فيه عكست ردوداً على فتاواه وآرائه، إذ أكد البيان ان الاسلام "يعتبر تعدد الشرائع والملل والقوميات والثقافات سنة من سنن الله تعالى في الكون لا تبديل لها ولا تحويلا"، وأن "التعايش والحوار بين الأمم والشعوب السبيل الى بقاء هذه التعددية وإلى تعاون افرادها على البر والتقوى لا على الاثم والعدوان". لكن البيان أشار الى أن مسألة التعايش بين الأمم والشعوب رهنب"سيادة منظومة القيم والأخلاق الايمانية وفي مقدمها العدالة واحترام مبادئ القانون الدولي وسلطة المؤسسة الدولية". وأكد ضرورة "تحديد المفاهيم المقصودة من وراء المصطلحات التي تساعد في نظم الحملة المحمومة ضد الاسلام والمسلمين، مثل مصطلح الارهاب الذي يرفضه الاسلام ويرى فيه ترويعاً للآمنين وتدميراً لمصالحهم ومقومات حياتهم وإفساداً في الأرض". وجدد المجمع دعوته الى "التفريق بين عنف الطغاة الذين يغتصبون الأوطان ويهدرون الكرامات ويدنسون المقدسات وينهبون الثروات، وبين ممارسة حق الدفاع المشروع الذي يجاهد به المستضعفون لاستخلاص حقوقهم المشروعة التي قررتها لهم مبادئ الشرعية الدولية". وشدد على "الاعتداءات والممارسات التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية وتدنيسها للمقدسات". ولفت الى أن محاربة الارهاب "لا تبرر الاعتداء على شعب افغانستان الفقير الأعزل، الذي تتعرض مدنه وقراه ومساجده وشيوخه ونساؤه وأطفاله ومقومات حياته لعدوان طاغ متجبر من دون سبب معقول أو مقبول وقبل التحقيق في أحداث أيلول سبتمبر الماضي". ودعا الى "احترام قواعد العدالة الانسانية والاحتكام الى مبادئ القانون الدولي والمؤسسات الدولي،ة والالتزام بمعيار واحد في قضايا استقلال الشعوب وحقها في تقرير المصير والاعتداد بقيم المنظومة الايمانية التي لا تختلف عليها الشرائع السماوية". إلى ذلك استقبل شيخ الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوي امس السفير البريطاني في القاهرة جون سوريز، وأكد خلال اللقاء رفضه ما حدث من اعتداءات على مدينتي نيويورك وواشنطن ووصفها بأنها "جريمة شنعاء لا يقرها دين ولا قانون ولا عقل سليم، وتتنافى مع الانسانية". وشدد على أن من حق الدولة التي وقع على أرضها هذا العدوان "أن تبحث عن الجناة تتعقبهم في كل مكان و تحولهم الى الهيئات القضائية المختصة". وأوضح أنه "لا يصح شرعاً ولا عقلاً ولا قانوناً أن يعاقب شعب بأكمله"، كما أكد "حق الفلسطينيين في الدفاع عن ارضهم ومقدساتهم ضد الممارسات الاسرائيلية".