40% يضعون الطاقة الشمسية ضمن خياراتهم    5% نمو بالاقتصاد السعودي    الباحة تقود الارتفاع الربعي للعقار    أمير الرياض يلتقي "تنفيذي حقوق الإنسان" في منظمة التعاون الإسلامي    أمير تبوك يستقبل قنصل الفلبين    اقتصادنا.. رسوخ التحول    المملكة وتعزيز النزاهة المالية ومكافحة غسل الأموال    10 آلاف ريال غرامة الصيد دون ترخيص    نشر 500 عنصر إضافي من الحرس الوطني في واشنطن    مركبة لناسا ترصد "برقا مصغرا" على المريخ    وفد من وزارة الخارجية والكومنولث البريطاني يطلع على جهود مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن    مبابي يسجّل ثاني أسرع «هاتريك» في تاريخ دوري أبطال أوروبا    أرقام خاصة بالهلال    النصر يسحق الاستقلال الطاجيكي ويبلغ ثمن نهائي «آسيا 2»    القبض على مهربي قات    أحلام آل ثنيان: «الدرعية للرواية» يقدم فرصة لنكون جزءًا من سرديات العالم    هلال مكة يسلم شهادة الامتثال الإسعافي لصحة جدة    أكثر من 66 مليون قاصد للحرمين الشريفين في شهر    "الزي السعودي" يجذب معتمري العالم    المملكة تحرز 18 جائزة دولية عن تميز مستشفياتها    "تخصصي المدينة" يستأصل ورماً نادراً في المثانة    بدء أعمال الدورة ال55 لمجلس وزراء الإعلام العرب    محافظ الأحساء يطلع على جهود مركز عبدالله بن إدريس الثقافي    تصاعد الدبلوماسية بين موسكو وواشنطن: جهود مكثفة لإنهاء حرب أوكرانيا    ملف الرفات وتحديات الهدنة: تبادل هش ومصير معلق في غزة    غداً .. انطلاق الجولة الثانية من جولات الرياض لقفز الحواجز    أمير قطر يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    "دعوة خميس مشيط" تواصل برامجها الدعوية في سجن الخميس العام لشهر جمادى الآخرة    توقيع الخطة المشتركة للتعاون الأمني بين السعودية وإسبانيا    إتاحة التنزه بمحمية الطوقي    رباعيات العالمي مستمرة    «سلمان للإغاثة» يوزّع (882) سلة غذائية و(882) كرتون تمر في عكار بلبنان    المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب يعقد أعمال دورته ال21    الأمن العام يدعو ضيوف الرحمن إلى الالتزام بالممرات المخصصة داخل الحرم    نجاح النسخة الأولى من منتدى الأعمال الذي نظمته وكالة التجارة الإيطالية في المملكة العربية السعودية    13.9 مليون إجمالي مرات أداء للعمرة خلال شهر جمادى الأولى    عنبر المطيري تُشعل «وهج القصيد» في أمسية شعرية تحت مظلة الشريك الأدبي    الأمم المتحدة تطلق عملية لانتخاب أمين عام جديد لها    التأكيد على أهمية ضمان مسار حقيقي للتوصل إلى حل الدولتين    خالد بن سلمان يرأس وفد المملكة في اجتماع مجلس الدفاع الخليجي    استعرض فرصهما للشراكات العالمية..الخريف: التقنية والاستدامة ركيزتان أساسيتان للصناعة السعودية    زيارة تاريخية تصنع ملامح مرحلة جديدة    أزمة اللغة بين العامية والفصيحة    المسرح الشبابي    «مركز الموسيقى» يحتفي بإرث فنان العرب    «الجوازات» تصدر 25,646 قراراً بحق مخالفين    علماء: مذنب يقترب من الأرض مطلع يناير    "الداخلية" تسهم في إحباط محاولة تهريب مخدرات    كورنيش جدة يحتضن مسيرة ترحيبية لنجوم بطولة العالم للراليات    الأمطار تغرق خيام النازحين وتفاقم المأساة الإنسانية    موسكو تطالب بجدول زمني لانسحاب الاحتلال    تماشياً مع الأهداف العالمية للصحة والتنمية.. الربيعة: السعودية حريصة على حماية حقوق التوائم الملتصقة    غزال يقتل أمريكية أنقذته    جورجية تفقد النطق بسبب السجائر الإلكترونية    الموافقة على نظامي الرياضة والرقابة والمالية وإقرار إستراتيجية التخصيص    الحقيقة أول الضحايا    أمير تبوك يستقبل سفير دولة الكويت لدى المملكة    تحت رعاية عبدالعزيز بن سعود.. تكريم المتقاعدين من منسوبي الأحوال المدنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متحف في سويسرا ... لما تبقى من كنوز أفغانستان الأثرية
نشر في الحياة يوم 30 - 11 - 2001

أدى الغزو السوفياتي لأفغانستان العام 1979 ثم استلام "طالبان" الحكم، الى تدمير معظم التراث الثقافي الأفغاني، وما تبقى يتعرض للتدمير والنهب والسرقة. وفي محاولة لإنقاذ ما يمكن انقاذه اقيم متحف في سويسرا لحماية التحف المتبقية من هذه الحضارة الجميلة.
كانت افغانستان دوماً، بحكم موقعها الجغرافي، ملتقى ثقافات عدة وديانات مختلفة ... ولطالما التقى فيها الشرق بالغرب.
كان متحف كابول احد اجمل متاحف العالم وأغناها في تاريخ الحضارات. في ايام عزّه كان يحوي كنوزاً تعود الى العصر الحجري وإلى الحضارات البوذية والهندية والاسلامية، مختصراً آلاف الأعوام من تاريخ الانسانية. واليوم لم يبق من المبنى ومحتوياته إلا القليل القليل. منذ تفجر الحرب الأهلية العام 1992 ووصول "طالبان" الى كابول العام 1996 تم تدمير، او سرقة، نحو 80 في المئة من مجموعات المتحف. ويعتبر تاريخ 11 اذار مارس 2001 كارثة فعلية إذ تم فيه تفجير تمثالَي بوذا العملاقين والمحفورين في صخر جبال باميان قبل 1500 عام.
لكن، وعلى رغم هذا الجو المشحون، فكّر بعض "الطالبان" المعتدلين ومسؤولون في تحالف الشمال وعلماء آثار غربيون في انقاذ ما تبقى من مجموعات متحف كابول. وهكذا نشأت، منذ بضعة شهور، فكرة متحف التراث الأفغانستاني في المنفى. وتم اختيار قرية بابندورف في سويسرا على بعد بضعة كيلومترات جنوب بال مكاناً له.
قد يستغرب البعض فكرة وجود هذا المتحف في هذا المكان الهادئ ... لكن مديره، وهو من آل حكيمي، بدأ باستقبال الزائرين. واستطاع مع المهندس السويسري بول بوشيرير - ديياتشي، وبمساعدة الأونيسكو، من تنسيق بناء المتحف.
أما قصة اقامة المتحف فتتلخص بأنه في نهاية العام 1999 زار زعيم تحالف الشمال برهان الدين رباني سويسرا لمناقشة المشروع، وتبعه مباشرة قدرات الله جمال، وزير الاعلام والثقافة في حكومة "طالبان"، وهو مستشار مقرّب من الملا عمر. واتفق الطرفان على اقامة ملجأ موقت لحماية التحف الأفغانية المتبقية.
بعض القطع الأثرية معروض اليوم في سويسرا أو محفوظ في خزنات مصارف بال. لكن القسم المهم من المجموعة لن يصل قبل ان تتأمن كل وسائل الحماية والتخزين. ويؤكد حكيمي ان المتحف سيضم اكثر من 3000 تحفة بينها منحوتات مهمة يونانية - بوذية مصدرها جنوب البلاد وشمالها، وبعض المجموعات ما زالت في افغانستان، مطمورة في الأرض، حماية لها.
حماية هذا التراث لا تعني افغانستان وحدها. فبحكم موقعها على طريق الحرير الاسطورية، غدت افغانستان احد اهم معاقل الثقافة العالمية، وموقعاً سحرياً التقت فيه يونان الاسكندر وهند بوذا. وإذا كانت في الأساس مقاطعة في الامبراطورية الفارسية فإن افغانستان، التي كانت تدعى في ذلك الوقت اكثريان، باتت نقطة الالتقاء بين الحضارة اليونانية التي وصلت الى هناك مع قوات الاسكندر الكبير وحضارات آسيا الجنوبية والشرقية، مما اعطاها منذ القرن الرابع قبل الميلاد هوية مميزة. فهي تقع عند مفترق طرق بين الهند وإيران والصين ومنطقة البحر المتوسط، وهي مهد الفن البوذي وآخر حد فاصل للثقافة الهيلينية. لذا حصل فيها امر غريب: تجرأ بعض الفنانين على نحت وجه لبوذا الذي لم يتمثل حتى ذلك التاريخ إلا برموز، وحمل وجه بوذا تقاسيم زبولون. ومن هذا الدمج بين الثقافتين نشأ الفن اليوناني - البوذي، وهو مزيج نادر للحضارتين الشرقية والغربية.
غنى افغانستان الثقافي جعلها مقصد علماء الآثار. الاكتشافات التي بدأت العام 1920 واستمرت طوال 60 عاماً حتى تاريخ الغزو السوفياتي كانت مؤهلة وتخطت كل حدود الخيال. ففي باغرام مكان قريب من كابول أُخرج كنز حقيقي الى النور مع منحوتات عاجية هندية وهي اقدم ما عرف من هذا النوع في العالم، وبرانق صينية تعود لعصر هان، وزجاجيات شفافة متوسطية منمقة التصوير - وهي ايضاً تعود الى عصور قديمة - وأموال نقدية عليها اول رسوم لبوذا. وفي موقع حدّا تم اكتشاف أديرة بوذية وفي آية خانوم كشف النقاب عن مدينة مهيبة بفخامتها بناها الاسكندر الكبير على تخوم العالم اليوناني. وعندما وجدها علماء الآثار الفرنسيون والأفغان العام 1965 كانت آية خانوم عظيمة مع قصرها الكبير وملعبها ومسرحها ومقصوراته المخصصة للطبقة الارستقراطية، ومعابدها وينابيعها المزينة وأسوارها. وبما ان هذه المدينة لم يكن قد احتلها احد بعدما هجرها اليونانيون، ظهرت شبه سليمة، وبقيت كذلك حتى العام 1978. ومن الأفضل اليوم عدم البحث عن آية خانوم على الخارطة، فهي اختفت تقريباً بعدما سُرقت وخربت ودمرت من جانب تجّار آثار غير شرعيين. وكل المسروقات تتبع السلسلة ذاتها: ترسل الى باكستان، خصوصاً الى بيشاور التي تحولت الى سوق للقطع الأثرية المنهوبة، ومنها تذهب لتغذي مجموعات هواة جمع التحف من الأغنياء او متاحف في نيويورك ولندن وطوكيو. ويؤكد الخبراء ان المجموعات اليابانية وحدها تحوي اكثر من 3000 قطعة نادرة تعود لمتحف كابول. ويؤكد احد الباحثين ان اغنى كنز نقدي تم اكتشافه صدفة في باغرام العام 1994 اثناء بناء مقبرة للزعيم الروحي في القرية، بيع في بازارات بيشاور وإسلام آباد وهاريبور لتضم القطع النقدية التاريخية الى مجموعات خاصة باكستانية وأميركية وإنكليزية.
إذاً، مع ما تم تدميره اثناء المعارك، وما اختفى مع السرقات والتنقيبات السرية، فإن ذاكرة الشعب الأفغاني فقدت الكثير على أمل ان يبقى هذا الشعب المعذب حياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.