قبل أن تتفق الأحزاب السياسية في اليمن على مشروع قانون جديد للانتخابات لانهاء فترة طويلة من الجدل كان طلاب الجامعات اليمنية يشحذون سيوفهم لخوض معركة أخرى في خضم الانتخابات الطالبية مع أنفسهم ومع أجهزة الأمن. طلاب الجامعة في اليمن جذبتهم لعنة السياسة وشطرتهم اتجاهات الأحزاب ولكنهم مع كل ذلك منحوا الشارع اليمني زخماً ايجابياً يؤكد أن دورهم في الحياة السياسية لن يكون هامشياً كما كان في السابق، ولن يكونوا مجرد أدوات للهتاف في التظاهرات أو لا مبالين بما يجري. الأسبوع الماضي شهدت جامعات اليمن الحكومية انتخابات ساخنة على أسنة الرماح وسط اجراءات أمنية مشددة واعتقالات طاولت العشرات من الطلاب. أساس المواجهة كان بسبب انقسام توجهات الطلاب بين قسمين الأول يقوده حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم ويتعاطف معه بعض أحزاب المعارضة، والثاني يمثله حزب التجمع اليمني للإصلاح أكبر أحزاب المعارضة اليمنية وتدعمه أحزاب رئيسية معارضة مثل الحزب الاشتراكي والوحدوي الناصري والحق وهي ما يطلق عليها أحزاب اللقاء المشترك. وتعود معضلة الطلاب اليمنيين الى أن انتخاباتهم مجمدة منذ عام 1996 لأسباب سياسية شملت شل حركة معظم النقابات والاتحادات الجماهيرية. ويقول معمر الارياني رئيس دائرة الشباب والطلاب في المؤتمر الشعبي العام أنه كانت هناك مبادرات لتوحيد الحركة الطالبية منذ فترة وتم دعوة جميع الأحزاب من دون استثناء لحضور لقاء تشاوري لتشكيل كيان بديل لاتحاد طلاب اليمن وشكّلت اللجنة الوطنية للشباب والطلاب التي تخلف عنها حزب الاصلاح بحكم ان مصالحه تتنافى مع التوجه العام للأحزاب في أن يكون اتحاد الطلاب ملكاً للجميع وليس لفئة سياسية معينة. وينفي الارياني اتهامات المعارضة للحزب الحاكم بأنه يسيطر على منظمات المجتمع المدني مؤكداً أنه لم يمثل إلا بشخص واحد في قوام اللجنة الوطنية للشباب والطلاب. ويعترف بأن الوضع الحالي للطلاب مؤلم والحركة الطالبية مشتتة ومرتبطة بالأحزاب وتوجهاتها السياسية الراهنة والآنية وبمعنى آخر فهي معرضة للابتزاز السياسي. وزارة الشؤون الاجتماعية دخلت هي الأخرى طرفاً في المعركة الدائرة بين الطلاب، إذ قررت بطلان الانتخابات الجارية والتي تقودها المعارضة لأسباب منها انتهاء صفة العضوية لبعض أعضاء اللجنة التحضيرية لأنهم ليسوا طلاباً، ومرور أكثر من خمس سنوات على تشكيلها. وحددت الوزارة موعداً جديداً للانتخابات في شهر شباط فبراير المقبل الى حين استكمال الترتيبات القانونية. لكن اتحاد طلاب اليمن لم يعبأ بتحذيرات الحكومة وتمت الانتخابات في معظم الجامعات الحكومية، خصوصاً صنعاء وعدن وإب وتعز وذمار. وأفادت مصادر الاتحاد أن 80في المئة من الطلاب شاركوا في عملية الاقتراع وبمشاركة واسعة من الأحزاب الفاعلة، على رغم المحاولات الأمنية المستميتة لإعاقة الانتخابات ومضايقة واستفزاز اللجان الإشرافية واعتقال عشرات الطلاب. ويقول ابراهيم الحائر رئيس القطاع الطالبي في حزب الاصلاح أن الانتخابات حق طلابي ولا يحق لأي جهة حكومية أو حزبية السيطرة عليها أو تسييرها على هواها، متهماً الحزب الحاكم بالهيمنة على العمل النقابي وتمزيق الكيانات الشرعية على الساحة. في الوقت نفسه نجح حزب المؤتمر الشعبي العام في حشد الكثير من الأحزاب الى جانبه ومنها احزاب المجلس الوطني للمعارضة والتي تضم الجبهة الوطنية الديموقراطية والحزب الناصري الديموقراطي والاتحاد الديموقراطي للقوة الشعبية وحزب الرابطة اليمنية وجبهة التحرير والبعث العربي الاشتراكي. وأعربت هذه الأحزاب عن استيائها مما يعتمل حالياً في الوسط الطالبي وما يمارسه حزب الاصلاح من أعمال تتنافى مع العمل الديموقراطي. وما بين رفض رسمي لنتائج الانتخابات الطالبية وبين اصرار من المعارضة على التمسك بالنتائج. يعيش طلاب الجامعات في اليمن حالاً من الارتباك والتخبط ستؤثر سلباً على أداء الجامعات والدراسة كما ستحرم الطلاب من الإفادة من نشاطات اتحادهم العام الى حين تقرر الأحزاب رفع يدها عنهم وعدم تسييسهم وجرّهم الى صراعات جانبية.