فرض التلاسن الإعلامي المصري - الاميركي مجدداً نفسه على العلاقة بين البلدين، على رغم تأكيد المسؤولين في البلدين أن ما تنشره الصحف وتبثه قنوات التلفزيون لا يعبر عن أزمة حقيقية بينهما. ودشنت الصحف المصرية حملة مضادة للرد على هجمات إعلامية اميركية، تضمنت انتقادات حادة للسياسة المصرية عموماً والموقف من الحملة الاميركية على الارهاب خصوصاً. وكانت صحف مصرية معارضة ومستقلة اتخذت موقفاً معارضاً للحرب الاميركية على افغانستان، ونشر بعضها تقارير ورسوماً كاريكاتورية اعتبرها الاميركيون نوعاً من الشماتة إزاء ما حدث في نيويوركوواشنطن في 11 أيلول سبتمبر الماضي. لكن الصحف القومية المصرية المحسوبة على الحكومة دخلت على خط الأزمة الاعلامية بين الطرفين، للرد على ما نشر في صحف اميركية. ووصفت صحيفة "الاهرام" امس تناول بعض وسائل الاعلام الاميركية السياسات المصرية بأنه "حملة مسعورة ضد مصر"، وكتب رئيس تحرير الصحيفة إبراهيم نافع مقالاً بعنوان "ماذا تريد الواشنطن بوست؟"، أوضح فيه أن موقف مصر يستند الى التصدي للإرهاب "لكنها تتحفظ بشدة عن قتل المدنيين الابرياء الافغان وتشريدهم وتدمير منازلهم". وكان نافع نشر مقالاً في 19 الشهر الماضي بعنوان "ظواهر مزعجة في الموقف الاميركي"، ردت عليه الصحيفة الاميركية قبل ثلاثة أيام، معتبرة أن "اي هجوم على السياسة الاميركية هو نوع من العداء للغرب واعتداء على اليهود". ودان نافع امس "المطالبة بتسليم مصري في شكل رسمي ومطلق بصحة الموقف الاميركي"، وقال: "اختارت الصحيفة الاميركية ثلاثة اسطر مما كتبناه في صفحة كاملة، عن أن هناك بعض التقارير يشير الى أن الطائرات الاميركية تلقي الاغذية والمأكولات للشعب الافغاني الجائع، بطريقة تنطوي على أخطار فادحة عليه، بسبب القائها في مناطق مليئة بالألغام. ونقلت ما ذكرناه من أن بعض التقارير تحدث ايضاً عن ان هذه الأغذية عولجت جينياً بهدف التأثير صحياً على الشعب الافغاني، والواقع أن هذه التقارير مستقاة من تصريحات قادة طالبان وهم الاكثر دراية بما يجري في بلادهم. ونحن لم نؤكد أو ننفِ هذه المعلومات". ورد نافع على ما أوردته الصحيفة الاميركية من أنه يدين بمنصبه الى الرئيس حسني مبارك، وقال: "تجهل الصحيفة الاميركية انني اشغل منصب رئيس تحرير الاهرام منذ العام 1979، أي منذ عهد الرئيس الراحل أنور السادات". وعلق على مطالبة "واشنطن بوست" مبارك ب"حرية صحافة حقيقية بما يسمح لكل الآراء السياسية بأن تتنافس على نحو يسمح لأولئك الذين يعارضون التصرف الاسلامي ويساندون الحملة الاميركية على الارهاب، بأن يعبروا عن رأيهم بوضوح". وقال إن "مصر تعيش في عهد مبارك حرية في التعبير لم يسبق لها مثيل، وكررنا مرات انها من اكثر الدول التي اكتوت بنار الارهاب، لكنها تطالب بأن تكون الحرب ضد المسؤولين عنه في شكل مباشر، وليس ضد شعب بأكمله". واختتم نافع مقاله قائلا: "مصر لا يمكن أن تخضع لأي تهديد أو ابتزاز من وسائل الإعلام الاميركية، كما نرفض الارهاب الاميركي الذي تمارسه واشنطن بوست". في السياق ذاته سخر رئيس تحرير صحيفة "الجمهورية" سمير رجب، من دعوة وسائل الإعلام الاميركية الى "تعذيب كل من يشتبه فيه، حتى يعترف بما ارتكبته يداه، وبما ينوي ارتكابه"، وقال: "كم هاجمتنا هذه الصحف وتلك المحطات التلفزيونية لأننا نطبق قانون الطوارئ ضد الارهابيين وتجار المخدرات فقط، وهو قانون ينص على تقديم المتهم الى المحكمة في غضون 45 يوماً، مع اتاحة كل فرص الدفاع له، وطبعاً الفرق كبير وكبير جداً". "فين الكاتشب"... للافغان ولم تخل الحملة المتبادلة من المزاح، فالرسم الكاريكاتوري اليومي في صحيفة "الاخبار"، الذي يصوغ فكرته الكاتب احمد رجب وينفذه مصطفى حسين، صار نموذجاً للسخرية المصرية من التصرفات الاميركية. وظهر امس رجال أمن اميركيون يشاهدون المواطنين في الشوارع الاميركية، وحتى السيدات منهن، وكل منهم اسامة بن لادن. أما الرسم الأكثر رواجاً فكان ذلك الذي أظهر شيخاً افغانياً فقيراً يجلس فوق قمة جبل في افغانستان، يتناول الطعام الاميركي وينظر الى طائرة تقذف بالمأكولات ويقول: "فين الكاتشب يا...".