كشفت ملفات سرية لجهاز مكافحة التجسس البريطاني "إم آي 5" انه كان يعتقد ان كيم فيلبي، الجاسوس السوفياتي والعميل المزدوج الشهير، جُنّد من جانب ستالين لاغتيال الجنرال فرانكو اثناء قيامه بتغطية الحرب الأهلية الاسبانية كمراسل لصحيفة "التايمز" في 1937. لكن خطة الاغتيال اُلغيت عندما اختفى العميل الذي كلف متابعة الصلة مع فيلبي بعد استدعائه الى موسكو، حسب الملفات التي رُفعت السرية عنها اول من امس في "مكتب السجلات العامة" في ضاحية كيو في لندن. وجاء في وثيقة كتبها ضابط سوفياتي منشق ان خطة الاغتيال اُعدها نيكولاي ييزوف رئىس جهاز الأمن السوفياتي "او جي بي يو"، الذي حل مكانه في وقت لاحق جهاز "كي جي بي"، بناءً على أوامر ستالين. وكان ييزوف يُلقّب ب"القزم السفاح" بسبب قصر قامته ودوره في التصفية الجسدية لآلاف الاشخاص خلال الحملات الستالينية للتخلص من الخصوم السياسيين. وقال الضابط المنشق الجنرال والتر كريفيتسكي في افادته ان ييزوف كلّف عميلاً اسمه بول هارت تجنيد رجل انكليزي لتنفيذ المهمة "وقد اتصل وأرسل الى اسبانيا بالفعل شاباً انكليزياً، وهو صحافي من عائلة محترمة وشخص مثالي ومتطرف في عدائه للنازية. وقبل ان تنضج الخطة، اُستدعي هارت ذاته الى موسكو واختفى". وتنطبق أوصاف الشاب الانكليزي المرشح لتنفيذ عملية الاغتيال على فيلبي الذي دفعه ايمانه بالشيوعية وليس الابتزاز او الرشوة الى العمل لمصلحة الاستخبارات السوفياتية. وكان جهاز "إم آي 5" البريطاني مقتنعاً بأن فيلبي هو الشاب المعني لدرجة ان احد ضباط الاستخبارات كتب على هامش الوثيقة "دققوا في وضع فيلبي". ويعتقد ان فيلبي، الذي اعتنق افكار الشيوعية عندما كان يدرس التاريخ في كلية ترينيتي في كامبردج، جُنّّد من جانب الروس اثناء اقامته في فيينا في الثلاثينات. وعند عودته الى بريطانيا شرع بايجاد الغطاء اليميني الذي كان بحاجة اليه لاختراق جهاز الاستخبارات البريطاني. وكتب مقالات عن الحرب الاهلية الاسبانية حرص فيها على اظهار انحيازه الى معسكر القوميين، واصبح المراسل الخاص لصحيفة "التايمز" برفقة الجنرال فرانكو. ومنحه فرانكو وسام "الصليب الاحمر للاستحقاق العسكري" بعد اصابته بشظايا قذيفة روسية. وفي 1940 انضم فيلبي الى جهاز الاستخبارات البريطاني "إس آي إس" وتقدم فيه ليتبوأ منصب رئىس القسم الخاص لمكافحة انشطة التجسس السوفياتية. وكان يعد واحداً من انجح عملاء جهاز "كي جي بي" اطلاقاً. وفي احدى المراحل خلال عمله على امتداد ثلاثة عقود مع الاستخبارات البريطانية اصبح مسؤولاً عن التنسيق مع وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي آي إي" في واشنطن، ما اتاح له الاطلاع على اسرار جهازي الاستخبارات وايصال المعلومات اولاً بأول عن كل العمليات التي كانت تحاك ضد الاتحاد السوفياتي. وفرّ فيلبي الى موسكو في 1963 بعد انكشاف صلته بحلقة الجواسيس التي ضمت زميليه غاي برغس ودونالد ماكلين، وتوفي في 1988. واستمر فرانكو في الحكم لمدة 39 سنة بعد انتصار قواته الفاشية على الشيوعيين في 1939. ويعتقد ان ييزوف اُعدم بناءً على اوامر ستالين في السنة ذاتها.