تحولت سفينة "راينبو وريور" التي وصل على متنها 30 شخصاً من جماعة "غرينبيس" السلام الأخضر إلى منبر للفقراء وأنصار البيئة في الموقع الذي رست فيه قبل أيام في ميناء الدوحة لمناسبة انعقاد مؤتمر منظمة التجارة العالمية. وشهد المؤتمر امس، في يومه الأخير، استمرار الخلافات والتحفظات حول مشروع البيان الختامي الذي جرى تعديله وذلك حتى ساعة متقدة ليلاً، إلا أن مصادر شاركت في الاجتماع قالت "إن تقدماً" جرى لدى مناقشة المسودة المعدلة، لكنها أضافت ان "مدى التقدم" يتوقف على النتائج التي ستخرج بها لجان "المُسهّلين" التي تتولى تنسيق المواقف. وقال وزير التجارة الاسترالي ماك فالي ل"الحياة" إن قضيتي البيئة والزراعة كانت آخر موضوعين محل خلاف وأخذ ورد، فيما اشار مستشار الرئيس السوداني بدرالدين سليمان الى أن "المؤتمر تجاوز فشل سياتل". ولم يكتف أنصار البيئة بالتظاهر، كما فعلوا أمس في مقر المؤتمر شيراتون الدوحة، بل استثمروا فرصة سماح السلطات القطرية لأعضاء جمعيات أهلية قطرية مهتمة بالبيئة مثل "جمعية أصدقاء البيئة" و"الجمعية العلمية لتبادل الآراء والأفكار"، كما أتاحت لهم اللجنة القطرية المنظمة للمؤتمر زيارات إلى بعض المواقع في العاصمة. ولاحظت "الحياة" لدى زيارتها السفينة، أمس، أنها اطلقت "اذاعة" تبث عبر الانترنت اسمها No new round لا لجولة مفاوضات جديدة لمنظمة التجارة. تبث هذه الاذاعة بلغات عدة، بينها العربية والانكليزية والفرنسية والاسبانية، على مدى ثلاث ساعات، ويمكن للمهتمين متابعة برامجها على عنوانها، وهو www/greenpeace.org/politics/wto.doha والتقت "الحياة" زينة الحاج 27 عاماً اللبنانية والعربية الوحيدة على متن السفينة، وهي من مواليد ضواحي بيروت. جاءت هذه الناشطة "البيئية" على متن السفينة بين رجال ونساء من 18 بلداً حاملة هموماً بيئية لبنانية، ترى زينة، التي تعتبر "شاهدة" مع شهود آخرين نقلتهم السفينة إلى قطر "أن لبنان تحول مكباً للنفايات الغربية وضحية لمافيا تجارة المخدرات خلال الحرب" الأهلية، لكنها لفتت إلى أن عام 1997 شهد اتخاذ قرار وزاري بمنع استيراد النفايات، حتى تلك التي جرى تصنيفها ك"مواد لإعادة التصنيع". وفيما تقول "إن هذا القرار حمى مواطني بلد صغير من مروجي النفايات"، فإنه مع ترشيح لبنان لعضوية منظمة التجارة "يُخشى اضعاف القانون الحالي الذي لم يتحقق إلا بعد نضال". وكانت هذه الشابة اللبنانية ذات حضور بارز أمس في مقر المؤتمر عندما تجمع "أنصار السلام الأخضر"، ونظموا تظاهرة بلا هتافات، إذ أحضروا علباً كرتونية كبيرة راحوا يملأونها أوراقاً من أكوام مرمية في مكان المؤتمر، في إشارة إلى حرصهم على نظافة البيئة، ولكن أيضاً بغية إعادة انتاج هذه الأوراق. لكن المشهد المثير كان قيامهم برمي وثائق عدة وزعتها منظمة التجارة خلال اجتماعها الحالي، وبينها مشروع البيان الختامي الذي أثار جدلاً، وقال أنصار "غرينبيس" إن المنظمة تهدر الورق وتضيع الأموال. وفيما تزامنت هذه التظاهرة مع تظاهرة مماثلة نظمتها جمعيات أخرى غير حكومية رفعت شعار "لا للأكاذيب الجديدة"، بدا أن القطريين مرتاحون لدور جماعة "السلام الأخضر" و"اسلوبهم الحضاري" في التعبير عن آرائهم. وفي مؤشر عملي إلى ذلك، زار أمس وزير المال القطري رئيس المؤتمر يوسف حسين كمال سفينة "السلام الأخضر" في الميناء وتحدث إلى أعضائها، فكان حوار حول أهمية القضايا البيئية. ورافق الوزير رئيس اللجنة القطرية المنظمة للاجتماع الشيخ حمد بن فيصل آل ثاني ونائبه عبدالعزيز الخليفي ومندوب قطر الدائم لدى الأممالمتحدة في جنيف الشيخ فهد بن عويضة آل ثاني. يذكر أن السفينة أبحرت من أميركا في منتصف أيلول سبتمبر الماضي، ووصلت إلى الدوحة في الثامن من الشهر الحالي - قبل يوم من المؤتمر - عابرة المحيط الأطلسي والبحر المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي. وعلم أن بين الشهود الذين ابحروا على متنها إلى الدوحة سياسي تشادي ومدير تحرير وبرلماني اسمه يورونغا 53 عاماً. وذكرت "غرينبيس" ان هذا "الشاهد" اعتقل في بلاده 12 مرة وتعرض للضرب والإهانة، ووصف يورونغا، الذي قيل إنه تعرض للتعذيب بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في أيار مايو 2001، بأنه ناشط بيئي ومدافع عن الحريات. وهناك شاهد ثالث هو مزارع أميركي يدعى توم وايلي 49 عاماً، صاحب قضية تتعلق بمخاوفه من النمو الكبير للمحاصيل المعدلة جينياً. قال إن "محصول حبوب الصويا تلوث العام الماضي، ما أدى إلى خسارتي مبلغ 10 آلاف دولار نتيجة خسارة عقودي مع اليابان".