دعا وزير النقل والملاحة التجارية المغربي عبدالسلام زنيند، في تصريح ل"الحياة"، رجال الأعمال العرب إلى الاستثمار في قطاع النقل الدولي في بلاده والذي تسيطر عليه الشركات الأجنبية بنسبة تزيد على 80 في المئة. وقال إن المغرب بدأ بتحرير قطاع النقل، موفراً فيه امتيازات واعفاءات ضريبية للشركات العربية الراغبة في خوض تجربة النقل الطرقي الدولي بين المغرب وأسواق الاتحاد الأوروبي، التي تستحوذ على أكثر من 70 في المئة من التجارة الخارجية. وأضاف أن الشركات الاسبانية تسيطر على التجارة الدولية للمغرب "بشكل كبير لم يعد مقبولاً الآن"، ملمحاً إلى أن الرباط ترغب في تقليص هذا الاحتكار في الوقت الذي تمر العلاقات مع مدريد في أزمة بعد استدعاء السفير وتهديد اسبانيا بالتضييق على الصادرات المغربية المتجهة إلى الاتحاد الأوروبي، خصوصاً منتجات الملابس والنسيج والمواد الغذائية التي تمر عبر الموانئ الاسبانية. وكانت تهديدات صدرت عن مدريد في الأيام القليلة الماضية بفرض اجراءات إضافية على نقل السلع المغربية إلى أوروبا واخضاعها لتفتيش إضافي، كعقاب على موقف الرباط الرافض لتجديد "اتفاقية الصيد البحري"، التي تقول اسبانيا إنها أدت إلى توقف جزء كبير من نشاط اسطولها البحري في اقليم الأندلس. وكانت الاتفاقية انتهت في تشرين الثاني نوفمبر 1999. ورفض الاتحاد الأوروبي اقتراحات مغربية لتجديدها، منها اخضاع مراكب الصيد الاسبانية للمراقبة بالأقمار الاصطناعية وافراغ الحمولات في المرافئ المحلية. واعتبر الوزير المغربي، الذي كان يتحدث ل"الحياة" على هامش المؤتمر الوطني لحزب التجمع الوطني للأحرار الذي اعيد فيه انتخاب الرئيس أحمد عصمان، ان الرباط جادة في تشجيع المستثمرين العرب على دخول تجربة النقل الدولي والإفادة من اتفاقات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي التي تستفيد منها حالياً شركات أجنبية خصوصاً اسبانية، بسبب ضعف الاستثمار المحلي في هذا المجال. وقال إن جزءاً مهماً من عائدات خدمات التجارة الدولية تستفيد منه شركات أوروبية. وتقدر قيمة التبادل التجاري مع دول الاتحاد الأوروبي بنحو 16 بليون دولار. وأكد أن توفير اسطول لشاحنات النقل الدولي وخطوط بحرية منتظمة من شأنه تعزيز التجارة البيئية العربية والمساهمة في تطوير المنطقة العربية الحرة وصولاً إلى سوق عربية مشتركة "باتت ضرورية" في الوضع الدولي الجديد. ولفت إلى أنه تم توقيع اتفاقات في هذا المجال خلال زيارة قام بها وفد حكومي برئاسة رئيس الحكومة عبدالرحمن اليوسفي إلى كل من لبنان وسورية والأردن أخيراً. وتمثل قيمة التجارة العربية للمغرب نحو بليوني دولار، يهيمن عليها النفط والفوسفات وعدد من الصناعات المحدودة. وقلّل زنيند من مضاعفات أزمة 11 أيلول سبتمبر على اقتصاد المغرب، موضحاً أنها أثرّت على جزء من النقل الجوي والسياحة الدولية بنسب تراوح بين 15 و20 في المئة. وتوقع أن يستأنف القطاع السياحي نشاطه العادي مطلع العام المقبل. كما لفت إلى أن الزيادات التي فرضت على التأمين في قطاع النقل البحري الدولي كانت ضعيفة بالنسبة للمغرب، ولن تؤثر على كلفة الشحن، باعتبار أن بلاده غير مدرجة على قائمة المناطق الخطرة التي حددتها شركات التأمين البريطانية. خط الدار البيضاء - بيروت من جهة أخرى، كشف وزير النقل أن الحكومة تدرس حالياً جدوى إعادة تشغيل خط الدار البيضاء - بيروت الذي كان توقف عام 1984 عقب الحرب في لبنان. وقال إن المغرب حافظ على هذا الخط منذ الخمسينات على رغم عدم مردوديته التجارية، وذلك تضامناً مع لبنان في محنته ودعم سيادته الوطنية. وقال إنه "قرار كان اتخذه الملك الراحل الحسن الثاني للإبقاء على جسور التواصل وتمكين الجالية اللبنانية من الافادة من رحلات الخطوط الجوية المغربية إلى الخارج". واعتبر ان الاقتراح يقوم على ربط دمشقوبيروتوالدار البيضاء برحلات منتظمة ومنها إلى مناطق الوجود العربي في غرب افريقيا ونحو الولاياتالمتحدة. وكشف الوزير عن وجود مشاورات بين شركات النقل السورية والأردنية والتونسية والمغربية، لتعزيز التعاون بينها في مجال النقل الجوي الدولي وربط منطقة شمال افريقيا ومنطقة الشام برحلات تناوبية، وإعادة تقسيم الحصص بشكل يضمن المردودية التجارية على كافة تلك الرحلات. وقال إن الصعوبات التي تواجه "الخطوط المغربية" في الوقت الحاضر تحد من قدرتها على التوسع، لحاجتها إلى أموال جديدة، مشيراً إلى أن الحكومة ستسدد ديوناً مستحقة لحساب الشركة نحو 80 مليون دولار لتمكين الناقلة من استئناف نشاطها. واعتبر ان ما حدث في الولاياتالمتحدة أضر بكل شركات النقل الدولية، وانه بات من الصعب اقناع الناس بركوب الطائرات في الغرب، وهو موقف ساهم الإعلام في ترسيخه لدى فئات واسعة من المسافرين. وعن برامج تحرير قطاع النقل في بلاده، قال زنيند إن المغرب سيحول مكتب السكك الحديد إلى شركة مساهمة تحت اشراف الدولة التي ستبقى المساهم الرئيسي في رأس المال، مع فتح الباب أمام القطاع الخاص لتوفير بعض الخدمات. كما سيتم تحويل شركة "كوماناف" للنقل البحري إلى شركة مساهمة. وقال إن الهدف من المشروع "عقلنة" نشاط هذه الشركات وتهيئتها مستقبلاً للانتقال إلى القطاع الخاص، على غرار ما حدث في "شركة اتصالات المغرب"، التي قال إن عائداتها 3.2 بليون دولار خففت على الرباط وطأة الجفاف وتقلص الانتاج الزراعي. وأضاف زنيند ان حزبه التجمع الوطني للأحرار سيواصل برامج التخصيص إذا فاز في الانتخابات الاشتراعية العام المقبل.