باريس - أ ف ب، رويترز - تزداد شكوك الرأي العام في اوروبا حيال مواصلة الضربات الاميركية ضد افغانستان، فيما تتزايد الانتقادات في الداخل والخارج لادارة الحرب ضد الارهاب في مؤشر الى أن شهر العسل الذي تمتع به الرئيس جورج بوش بعد 11 أيلول سبتمبر ربما يوشك أن ينتهي. ففي فرنسا، تغلب الشكوك على الرأي العام، وتدنت نسبة المؤيدين للضربات في افغانستان من 66 الى 51 في المئة في غضون اسبوعين في حين بلغت نسبة المعارضين 36 في المئة. وامتدت الموجة الى المانيا حيث يتمنى 69 في المئة من المستطلعين وقف الضربات من اجل السماح بتزويد السكان الافغان المواد الغذائية اللازمة. وكان 51 في المئة قبل اسبوع اكدوا ان الضربات "مبررة" طالما لم يتم اعتقال اسامة بن لادن . وفي اليونان، اظهر استطلاع للرأي جرى مطلع تشرين الاول اكتوبر الماضي ان 3،57 في المئة يعتبرون الضربات الاميركية "غير مبررة" مقابل 4،26 في المئة اعطوا رأيا مغايراً. وفي اسبانيا، يوجه الرأي العام مزيداً من الانتقادات للضربات. وجمعت تظاهرة نظمت في مدريد قبل عشرة ايام حوالى عشرة الاف شخص في حين سار 15 الفاً في تظاهرة مماثلة في برشلونة الاحد الماضي. في مقابل ذلك، ستشهد روما تظاهرات في العاشر من الشهر الجاري احداهما معارضة للضربات تنظمها جهات رافضة للعولمة واخرى مؤيدة بدعوة من تحالف اليمين بزعامة رئيس الوزراء سيلفيو بيرلسكوني. وفي 17 من الشهر نفسه ستنظم تظاهرة مركزية في فرنسا. وفي منتصف الشهر الماضي، نجحت المسيرة السلمية التقليدية في مدينة اسيزي في حشد بين 100 و200 الف شخص. وفي البرتغال، اتخذ الرئيس السابق ماريو سواريش النائب الاوروبي عن الحزب الاشتراكي موقفا مؤيدا لوقف الضربات ضد افغانستان. وقال في هذا الشأن "اشك في ان تسفر عن شيء ما، نحن على ابواب كارثة انسانية حيث سيموت الملايين من الاشخاص جوعاً". ... وانتقادات في اميركا اما في الولاياتالمتحدة، فما زال الانتقاد مقصورا على كبار المحللين السياسيين والاعلاميين. وقال ألان ليكتمان المؤرخ في الجامعة الاميركية في واشنطن: "يوجد دائما عنصر زمني. وفي أزمة كبرى ممتدة تبدأ الانتقادات عادة من كبار أصحاب الرأي والناشطين ثم تتسرب ببطيء وتدريجيا الى الجمهور. ويعرف عن الشعب الاميركي انه مستعد لتأييد رئيسه في الازمات الى وقت طويل نسبيا، وهو عنصر مهم لانه لا يستطيع بوش الاستمرار في الحملة من دون تأييد الشعب الاميركي". 4 مسائل وتركز الانتقاد حتى الان على أربع مسائل رئيسية: - الحملة العسكرية في أفغانستان عاجزة حتى الان عن احراز تقدم في قتل أو اعتقال أسامة بن لادن أو اطاحة "نظام" طالبان. - تخفف الولاياتالمتحدة من حدة ضرب أفغانستان في محاولة غير مجدية للحفاظ على تأييد عربي فاتر وفي الوقت نفسه تخسر حرب الدعاية في العالم الاسلامي. - الادارة الاميركية تتعامل مع خطر الجمرة الخبيثة بأسلوب خاطىء. - يؤيد بوش محاولة الجمهوريين فى مجلس النواب اعادة مليارات الدولارات من ضرائب تم تحصيلها الى شركات غنية تحت قناع تقديم حزمة من الاجراءات لتنشيط الاقتصاد. وأشار استطلاع للرأي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" اول من أمس الى بداية تذمر عام على عدة جبهات. وانتقد نصف الذين شملهم الاستطلاع 1024 شخصا الحكومة لانها لا تعلن كل ما يريد الشعب معرفته عن حمى الجمرة الخبيثة. وقال 18 في المئة فقط ان الحكومة تستطيع حمايتهم من الارهاب، مقارنة ب 35 في المئة قبل ثلاثة أسابيع. وأعرب 28 في المئة فقط عن ثقتهم في أن أميركا تستطيع اعتقال أو قتل بن لادن و29 في المئة قالوا ان الولاياتالمتحدة قادرة على الحفاظ على تماسك الائتلاف الدولي. ويقول بروس بوكانان أستاذ العلوم السياسية في جامعة تكساس الذي درس الرأي العام في أزمات خارجية رئيسية سابقة لم تنجح فيها واشنطن، مثل مشكلة الرهائن في ايران العام 1979 وخليج الخنازير العام 1961، ان التأييد الشعبي قد يستمر نحو 30 اسبوعا. ولاحظ: "نحن الان على مسافة بعيدة من هذه النقطة. لذلك أعتقد بان تأييد بوش قد يستمر قويا أشهرا. لكن يجب أن يبدأ الرئيس الاميركي في اظهار النتائج في مرحلة ما". وبدأت انتقادات الحملة العسكرية تظهر علنا في الاسبوع الماضي وتنامت بقيادة المحافظين. وقال كاتب العمود تشارلز كراوتهامر في "واشنطن بوست": "الحرب لا تسير بطريقة جيدة. وحان الوقت لاعلان السبب.. تدار والعين على رغبات شركائنا في الائتلاف.. تجري بطريقة لتهدئة الشارع العربي وارضاء الديبلوماسيين أكثر من الجنرالات". ولاحظ عضو مجلس الشيوخ الديموقراطي كريستوفر دود ان المعلومات تتغير يوميا: "نحصل على معلومة اليوم وفي اليوم التالي يحدث تناقض أو تعديل. وهذا في حد ذاته يسبب الذعر".