مثل سلوبودان ميلوشيفيتش الرئيس اليوغوسلافي السابق أمس، للمرة الثالثة، أمام قضاة المحكمة الجنائية الدولية لجرائم الحرب في يوغوسلافيا. وتجاهلت هيئة القضاة التي يرأسها البريطاني ريتشارد ماي تصريحات ميلوشيفيتش المعتادة عن "عدم شرعية المحكمة"، ومضت إلى جدول أعمالها الذي تصدرته الاتهامات الجديدة بحقه، لارتكابه جرائم ضد الإنسانية وانتهاكه مواثيق معاهدة جنيف للسلوك أثناء الحرب في كوسوفو وقبلها في كرواتيا، فيما تعهدت كارلا ديل بونتي، المدعية العامة في المحكمة، استكمال ملف اتهامات أخرى بجرائم مماثلة في البوسنة في المستقبل القريب. وبرز تطور مثير أمس أثناء تقديم الفريق القانوني المساعد للمحكمة، وهو فريق تشاور للمحكمة وللمتهم في آن بصدد الاجراءات القانونية، لمداخلته الأولى التي تضمنت مجموعة من الاقتراحات التي تتبنى عملياً المرتكزات التي يرفض ميلوشيفيتش على أساسها قانونية المحاكمة وشرعية انشاء المحكمة. واعتبر ستيفن كاي، عضو الفريق "ان هنالك أساساً للشكوك" التي أثارها ميلوشيفيتش بشأن عدم حياد المحكمة التي حركت الاتهامات ضده بعد قرار مجلس الأمن في 31 آذار مارس 1998. واقترح كاي على رئاسة المحكمة طلب المشورة القانونية من محكمة العدل الدولية قبل المضي في المحاكمة. وطالب عضو آخر في الفريق التشاوري باعتبار اعتقال ميلوشيفيتش وترحيله غير متطابق مع الاتفاقات الدولية، لأنه حصل على يد سلطات جمهورية صربيا التي لا تعتبر دولة مستقلة في حد ذاتها، بل جزءاً من الاتحاد اليوغوسلافي. وأكد براتسيلاف تابوسكوفيتش، وهو من أصل صربي، ان الاعتقال يبدو بلا أساس قانوني وشرعي. وردت كارلا ديل بونتي على مداخلات الفريق بقوة، وقالت إن السلطات التنفيذية في الاتحاد اليوغوسلافي تقع أساساً في يد جمهورية صربيا، وقدمت أمثلة عدة على الحالات التي تكفلت بها مؤسساتها بواجبات تتصل بتنفيذ التزامات الاتحاد اليوغوسلافي أمام المحكمة. كما رفضت المدعية العامة اقتراح التشاور مع محكمة العدل الدولية بصدد شرعية المحكمة أو نزاهتها، واعتبرت الادعاءات القائلة بأن قرارات مجلس الأمن بشأن الوضع اليوغوسلافي لا تشكل ضغطاً سياسياً على هيئة المحكمة. وقالت "إنها تتضمن الدعوة للتحقق من ارتكاب جرائم، وهو أمر مشروع ويقع ضمن اختصاص المحكمة". وبرز خلال جلسة أمس تعارض واضح بين الادعاء العام وفريق المشاورين، يصل حد الجفاء والنقد، وهو أمر يمهد لإطالة أمد المحاكمة وقد يلقي بحبل النجاة لميلوشيفيتش.