"تحولت الايديولوجية الصهيونية، بسرعة قياسية، من النظرية الى التطبيق، حيث شهدت، سحابة القرن العشرين، متغيرات عملانية عمَّقت ايديولوجية الحركة وطوَّرت ادواتها وسبل حركتها ومسارها التنفيذي". هذا ما جاء في مقدمة كتاب "صهيونية القرن ال21 - استمرار ايديولوجية الحرب والدعاية والاستيطان" دار بلال 2001 للدكتور إياد عبيد، أستاذ الرأي العام والدعاية في كلية الإعلام والتوثيق - الجامعة اللبنانية والباحث المتخصص في الدعاية الصهيونية. يبحث الكتاب في مستقبل الحركة الصهيونية، ولذلك عمد الى قراءة المسار التاريخي لهذه الحركة التي عملت على انضاج ايديولوجيتها عبر مراحل متعددة عاكسة أزمات سياسية وعالمية ومحلية. ولما كانت الصهيونية تهدف الى اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين فإنه أوجز تكثيفاً لتاريخ فلسطين ليدخل سريعاً في دراسة المسار العملاني السياسي والفكري للصهيونية. وبما ان الفكر الصهيوني ينطلق من حالة عملانية تؤول بالضرورة الى قيام الدولة اليهودية المستندة الى التوراة، أورد المؤلف اطلالة على التلمود على مجموعة من الميكنزمات المحركة للدوافع السوسيو - دينية المبنية على مجموعة أفكار الصهيونية المحولة اليهود من مجتمعات مبعثرة الى مجتمع موحد له كيان سياسي. ولأن الحلم الصهيوني البدائي هو اقامة الكيان الصهيوني من يهود الشتات كان لا بد من درس مفاتيح الدعاية الصهيونية وأدلجة الاستيطان وثقافته التوراتية وبرامجه التطبيقية. استيطان فلسطين وجلب اليهود اليها وطرد الشعب الفلسطيني وتشتيته حتمت على الصهاينة اللجوء باستمرار الى القوة وتمجيد العنف الى حدِّ الوحشية، ما يحتم أدلجة القوة والحرب بطريقة تسوقها الايديولوجية الصهيونية استناداً الى مجموعة من التعليمات اللاهوتية والمعزَّزة في الأدب والفكر الصهيونيين، المنتجين ثقافة توراتية تترجم في الممارسة ضمن لعبتي الإدراك، واللاوعي؟ من هنا يستجيب الكتاب باحثاً في المؤسسة الحربية الصهيونية وبالمسارات الحربية التي خاضها الكيان الصهيوني ضد العرب وآلية تنفيذها، شارحاً مفردات الايديولوجية الصهيونية المعزَّزة بالأفكار التلمودية - التوراتية، والملوءة بمفردات الحرب وهوس الدم والغطرسة والعنجهية. ثم يبحث في ادارة الكيان الصهيوني للحرب المستمرة باسم السلم في الحقب التي يتدخل فيها المجتمع الدولي مثل اجتياح حزيران يونيو 1982 وانتفاضة 1987 واجتياح 1996 وانتفاضة الأقصى الحالية، لأن نزعة التوسع والعدوانية تجذب اليها كل قيادات الكيان الصهيوني الباحث أبداً عن أمنه الديموغرافي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والمالي والعسكري وحتى أمنه المعنوي وهي عناوين عمل الحركة الصهيونية على امتداد القادم من السنين.