سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الف جندي ودبابات ومروحيات "اباتشي" في اقتحام قرية لا يتجاوز عدد سكانها 4 آلاف . الجيش الاسرائيلي ينسحب من بيت ريما بعد 36 ساعة رعب وتدمير واعتقالات عشوائية طاولت 50 اطلق معظمهم
} بعد انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من قرية بيت ريما أمس، خرج أهالي القرية الوادعة على غير هدى مع طلوع الفجر نحو كروم الزيتون التي تحيط بمنازلهم وشوارعهم، ليس لقطف حبات الزيتون في موسم القطاف، لكن لتفقد بعضهم بعضاً وبحثا عن جرحى محتملين وآثار أقدام ومجنزرات دبت الرعب والهلع في صفوف الكبار قبل الصغار وخلفت موتا ودماء ودموعاً. باستثناء مشاهد الهدم والتدمير وصور الرعب التي ما تزال عالقة في حدقات العيون، كانت قرية بيت ريما الفلسطينية ساكنة متشحة بحزن عميق، يزيده شدة بعضٌ من دماغ أحد الشهداء سقط بجوار جدار حجري تحت زيتونة، ووضعت حوله حجارة صغيرة وغطاه غصن زيتون. على مدخل القرية، كان جنود الاحتلال الذين رحلوا عنها بعد 36 ساعة من الرعب والخوف، يوزعون الابتسامات على الصحافيين الذين منعوا في اليوم السابق من دخولها وهم يتساءلون: "ما الذي جرى في بيت ريما؟". قال احد المواطنين واصفاً ما حدث: "كان رهيبا، لم نصدق ان هذا يحدث في قريتنا، استيقظنا على قصف المروحيات واقتحموا البيوت وحطموا كل ما وقف في طريقهم بأقدامهم، ووجهوا فوهات بنادقهم الى صدورنا ونحن في منازلنا على وقع أزيز الرصاص واصطكاك عجلات مجنزراتهم الحديد بالشوارع ونداءات باللغة العربية ان الزموا منازلكم والا سنطلق الرصاص عليكم". كان وقع الصدمة من الشدة بحيث كان من الصعب الحصول على معلومات دقيقة في شأن الشهداء والجرحى والمعتقلين. ولا يعرف الاهالي حتى الان الهدف وراء حشد ألف جندي ومجنزرات وعربات مدفعية ومروحيات "أباتشي" لاقتحام قرية لا يتعدى سكانها أربعة آلاف نسمة وتحيط بها المستوطنات والحواجز من كل جانب، ويحرسها ثمانية رجال شرطة فقط. وروى الاهالي ان جنود الاحتلال وضعوا ثلاثا من جثث الشهداء الخمسة، وجميعهم من قوات الامن الوطني والشرطة، فوق المجنزرات وطافوا بها شوارع القرية لبث الرعب في قلوبهم. والشهداء الخمسة هم كامل حسين البرغوثي من قرية دير غسانة القريبة، والملازم حريص حجة 29 عاما من قرية برقة قضاء نابلس، وعبد المعطي الزواوي 22 عاما من قرية قراوة بني زيد، وقاسم المغربي 26 عاما ورفيق محمد صقر وكلاهما من قطاع غزة،. وفوجئ الشهداء بقصف المروحيات فوق رؤوسهم في ساعة كان معظمهم فيها نيام، ومن تمكن من الهرب من النيران الارضية، اصابته النيران الجوية. ومعظم المواطنين ال 50 الذين اعتقلوا عشوائيا من منازلهم، الاباء والابناء والاشقاء، هم اقارب معتقلين او مطلوبين تركوا وهم مكبلون بالقيود على مدخل القرية بعد ان اوقفوا لساعات في معتقل مستوطنة "حلميش" المقامة قرب القرية من دون ان يخضعوا للتحقيق. أما الجرحى الفلسطينيون الاربعة الذين نقلهم الجيش الى مسشتفيات اسرائيلية ووصفت جروحهم بأنها خطيرة وهذا ما يفسر إعلان اسرائيل ان عدد الشهداء هو تسعة، فلا يزال مصيرهم مجهولا للأهالي، ما زاد من القلق على مصيرهم. وكشفت مصادر امنية فلسطينية ل"الحياة" ارجاء دفن جثماني الشهيدين خريص حجة وعبدالمعطي الزواوي بسبب الشكوك التي تحيط بكيفية مقتلهما، اذ رجح بعض الاطباء ان يكون جنود اطلقوا النار على رأسيهما من مسافة قصيرة، ما يثير شكوكا بتصفيتهما. ويستدل من اسماء الفلسطينيين الذين ابقتهم السلطات الاسرائيلية في المعتقل، انهم اقارب معتقلين اما لدى سلطات الاحتلال او الاجهزة الامنية الفلسطينية. فالاشقاء حسن ومحمود واحمد البرغوثي هم جميعا اقارب بلال البرغوثي الذي اعتقلته اجهزة الامن الفلسطينية على خلفية علاقته بالعملية الانتحارية في مطعم البيتزا "سبارو" في القدس الغربية في آب اغسطس الماضي التي اعلنت "حركة المقاومة الاسلامية" حماس مسؤوليتها عنها. وكان الامر كذلك بالنسبة الى عبدالرحمن البرغوثي الذي نسفت القوات الاسرائيلية منزله في القرية فهو احد اقارب عبدالله البرغوثي الموجود ايضا لدى جهاز الامن الوقائي الفلسطيني في رام الله مع بلال. واعتقلت القوات الاسرائيلية عيد البرغوثي وولديه حمودة وعبدو بسبب علاقة القربى مع عبدالله. وقالت والدة المعتقل بلال ان الجنود الاسرائيليين الذين هدموا منزله اصروا ان "ارى حجم المتفجرات التي سيستخدمونها في هدم المنزل واقسموا انهم سيعيدون ابني الي ملفوفا بجلد خنزير". أما المنزل الثاني الذي هدمته القوات الاسرائيلية واعتقلت صاحبه فيعود الى احمد يوسف الريماوي وهو نسيب محمد الريماوي المعتقل لدى السلطات الاسرائيلية منذ ايام بتهمة عضويتة في الخلية التابعة ل"الجبهة الشعبية" التي نفذت عملية اغتيال وزير السياحة الاسرائيلي رحبعام زئيفي. وكانت اسرائيل اعلنت في وقت سابق انها اعتقلت محمد خلال عمليتها في بيت ريما الا انها سرعان ما تراجعت بعد ان تبينت الحقيقة. ومن بين المعتقلين ايضا اثنان من افراد الاجهزة الامنية الفلسطينية هما محمد البرغوثي من افراد الامن الوقائي، وهاني البرغوثي من افراد الامن الوطني. وأكد المواطنون انه خلافا لادعاءات الجيش الاسرائيلي، فان معظم الذين اعتقلوا هم اناس عاديون ولم يسبق ان اعتقلوا "لاسباب امنية". وقال احد المواطنين: "من الواضح انهم يريدون الانتقام والبطش. شاهدنا ذلك في عيونهم وتصرفاتهم وكلامهم. لم يسألوا عن مطلوبين لعلمهم ان ايا من المطلوبين ليس موجودا في هذه البلدة، لكنهم رأوا فيها هدفا سهلا لانعزالها عن القرى الاخرى ولعلمهم بعدم وجود مقاتلين". وعلى مدخل مقر الشرطة المتواضع الكائن وسط القرية والذي عاثت فيه القوات الاسرائيلية فسادا كما في اماكن اخرى، وقف العشرات من الأهالي يحاولون استيعاب ما حدث، ويقارنون مجازر الخمسينات بمجزرة بيت ريما. قال احدهم: "الحمد لله على التكنوجيا، لا يعلم الا الله ماذا كانوا سيفعلون بنا لو لم تكن هناك هواتف محمولة ووسائل اعلام مصورة".