واشنطن - أ ب - بعد مضي عقد من الزمن على حرب الخليج لا يزال عدد كبير من الاميركيين يجهل كيف دخلت القوات الخاصة الاميركية الى الاراضي العراقية. كما يلف الغموض وقائع الحرب في كوسوفو وفيتنام. والواقع انه في الحروب التقليدية تكثر الأسرار. وفي الحرب على الارهاب، حيث تؤدي القوات الخاصة دوراً بالغ الاهمية، لن يعرف الجمهور الا القليل مما حدث داخل افغانستان. وقال جون بايك، وهو محلل سياسي واستخباراتي في واشنطن: "إن ألقوا القبض على احد الذين ترد اسماؤهم في لوائح المطلوبين قد يقرّون بالأمر، ولكن ليس بسرعة. فهم سيحققون اولاً مع الذين يمسكون بهم ليوصلوهم الى الآخرين". وعندما يموت جنود اميركيون يقول بايك: "سيعلموننا بالأمر ولكن لن يقولوا متى او كيف". وقال وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد، الاثنين الماضي، انه لم يؤخذ اي سجين، ولكنه اضاف ان المسؤولين لن يعطوا مزيداً من التفاصيل. ولم يتحدث المسؤولون عن هدف الضربات باستثناء انها لجمع "المعلومات المفيدة" عن حركة "طالبان" وقادتها، خصوصا ملا محمد عمر. وهم لا يقولون ماذا وجدوا اكثر من بعض الاسلحة والوثائق. واعترفوا بمقتل جنديين في باكستان، لكنهم لم يعطوا تفاصيل اخرى. وقال اثنان من القوات الخاصة ان الفرق لا تزال تنفذ خططاً سرية في افغانستان بما فيها خطط لن يتم الافصاح عنها حتى بعد انتهاء الحرب. وقال الجنرال ريتشارد مايرز، وهو رئيس الاركان المشتركة: "بعض العمليات السرية ستعلن بعد الانتهاء منها وبعض آخر سيبقي سرياً". اما اسباب التكتم فواضحة، وهي حماية الجنود والمخططات التي قد تستخدم في اماكن اخرى . ويجب ان تكون العمليات الخاصة سرية لانها ستساعد على قبض على أسامة بن لادن وشبكته الارهابية. وقال رامسفيلد في هذا السياق: "الطائرات والقنابل لا تفتش عن الناس". لكن المحافظة على دعم الرأي العام امر حساس جداً. وقال ايفو دالدر من مؤسسة "بروكينغز" ان الاميركيين مقتنعون بالحرب الآن لأنهم سخطوا سخطاً شديداً بعد الاعتداءات، لذلك لن يطالبوا بتقارير دورية. ولكن المحلل من معهد ليكسينتون دان غوور يرد بقوله: "ان لم يتم اطلاع الناس على المستجدات سيمتعضون". ومما لا شك فيه ان الجيش الاميركي سيعلن انتصاراته من دون ذكر تفاصيل بلوغها. وستحاط الانباء السيئة بالسرية التامة على الاقل في الوقت الراهن. فسيتأخرالمسؤولون في اعلان الوفيات من الجنود مثلاً الى ان يتمكنوا من اتباعها بأنباء سارة. وقال رامسفيلد يوم الاثنين بعد ان انتقد التسربات التي سبقت حملة السبت، معتبراً انها عرضت حياة الجنود الى الخطر: "سنبذل ما في وسعنا لاعطائكم المعلومات التي تسمح الظروف بإعطائها. فالهدف هو تضليل الارهابيين". وسئل مايرز عما اذا استخدمت المروحيات لسحب الجنود الجوالين من جنوبافغانستان؟ فقال: "ان فضحنا هذا الامر سيعلم الناس كيف نتصرف في حال اضطررنا الى اعادة الكرة في مكان آخر من هذا العالم". وقال غوور ان عمليات عسكرية عدة، تقليدية كانت او خاصة، كشفت عندما تحدث الجنود عنها بعد مرور عقود على تنفيذها. فلم تكشف عمليات قتل اللاجئين في معسكر "نو غان ري" في العام 1950 على ايدي الجنود الا بعد مرور نصف قرن. وسمعت بعض القصص عن فرق العمليات الخاصة التي طاردت مواقع صواريخ سكود في حرب الخليج، ولكن تفاصيل الدخول الى العراق لم تكشف. كذلك لم يكشف مكان تمركز مروحيات ال"اباتشي" في حرب كوسوفو. وفي حرب افغانستان ستحصل مبالغة في اعتماد السرية، لا بل اكثر. يقول دالدر "هنا كل ما نفعله يفوق السرية. انه امر مختلف".