أول الكلام: للشاعر العربي السوري الكبير/ سليمان العيسى: - وهو الشجاع... هو المضيء إذا تجهَّمت الضفاف ينساب لا يُلوى... هو الأنقى، هو الأقوى إذاً... ماذا يخاف؟! يا أيها المترقرق الصافي: سيتعبك السفر لكننا سنظل أظمأ ما نكون لقطرتين، لرشفة... نحن البشر!! طالما ناديته: "يا صديقي الحصيف"... فكان يبتسم وهو يقول لي: - لا ينبغي أن تنعت أحداً بالحصافة هذه الأيام حتى لا تُدينه بهذه الكلمة، لو أخطأَتْ حصافته، وحتى لا يحرجك لو أخطأت أنت في تقدير حصافته! وكان في حواره معنا يُشرع - فجأة - بيت شعر لواحد من شعراء الجيل الذين يسميهم: شعراء الشعر، ويقصد: بدوي الجبل، وسليمان العيسى، والأخطل الصغير، وجبران خليل جبران... وأصغي دائماً الى ما يختار ترديده من شعر أحد هؤلاء، مترنِّماً معه ببُعْد المعنى والصور. إنه هو: صديقي الحصيف/ الأمير "ماجد بن عبدالعزيز"، وقد فاجأنا خبر معاناته مع المرض، وإجراء عملية جراحية له في أميركا لزراعة الكبد استغرقت 11 ساعة متصلة، حسب تصريح شقيقه/ الأمير "سطام" نائب أمير منطقة الرياض... ندعو له من شفاف قلوبنا بالإبلال من مرضه وتمتُّعه بالعافية والسلامة، بمقدار محبة الكثرة ممن عرفوه، وممن بذرت ابتسامته في صدورهم الأمل والفرح، وممن عايشوه عن قُرب فاستطابوا هذا التعايش الأجمل في كنف الانسان بداخله. وفي دعائنا له بالشفاء والعودة الى سِرْبه مُعافى: أسترجع كلمات من تلك الحوارات التي كنت أصغي لها منه وأنا أعتز كثيراً بالقرب منه، والتحاور معه، والاصغاء الى رؤيته... وقد أوقفني ذات مساء أمام تشبيه لم يكن يريد أن يُحمِّله الصيغة الكوميدية الضاحكة وهو الحريص على إضفاء المرح والقفشة في حواراته... بقدر ما كان يقصد التقريب لدى اهتمامات المجتمع، فقال لي حينذاك: - تعرف؟!... إن التغيير الذي تتحدث عنه الكثرة اليوم، والذي يصيب العالم الآن: يماثل تماماً التغيير الذي يصيب المرأة عندما تنقطع عنها العادة الشهرية! وتعالت قهقهتي... ثم استطرد بعد أن خلد للصمت قليلاً، وكأنه ينسج رؤية جديرة بالحوار، فقال لي: - إنك من الممكن ان تعلق همومك على الأمل وتسعى الى تحقيقه، ولكن... من الصعب أن تعلن هذه الهموم وحلولها على أحد، فلا بد أن تواجه الحقيقة نفسها!! وفي تكثيف دعائنا له بالشفاء... يعتادني صوته وهو يمازحني عندما تحاصرني آلام قلبي، فكان يقول لي: لا تنسى... أنا طبيب قلبك المسؤول عن علاجه، ولكني لن أسأل عن غزواته!! وكأنّ رعشة هزّت أضلعي الآن في قلقي على هذا الانسان صاحب الوقفات والمواقف الذي عرفت فيه: شخصية الأمير المتواضع... لا يسمح لتفكيره ان يتدافع فهو عاشق للتنظيم والنظام، ولا يسمح لرأيه أن ينفعل فهو يُحكِّم الحوار... وفي مساء آخر قال لي: - لا بد أن يكون اعتبارنا لهذه المرحلة يعني ويركز على: سرعة الانتقال من جيل الى آخر... من قرن الى قرن جديد... من الزحام والتدافع الى: التجمُّع، والتنظيم، والتنافس الشريف بالعلم والعمل! و... أعرف أبعاد الارادة في شخصية/ ماجد بن عبدالعزيز، رده الله سالماً الى وطنه ومُحبيه، المتعطشين الى حصافته!!