دخلت الغارات الجوية على أفغانستان اسبوعها الثالث امس. وسقط 18 قتيلاً في كابول، بينهم تسعة من عائلة واحدة. وقررت حركة "طالبان" بعد الإنزال الأميركي الخاطف، تعزيز دفاعاتها وتوزيع عدد أكبر من الصواريخ المحمولة على مقاتليها، ودعت قبائل الباشتون الباكستانية الى الانضمام إليها في الحرب ضد الولاياتالمتحدة. لكن تهديدات "طالبان" لم تقلق الأميركيين بقدر ما يقلقهم حلول فصل الشتاء، إذ اعتبر وزير الخارجية كولن باول ان من الأفضل الانتهاء من العمليات العسكرية قبل منتصف الشهر المقبل. وعلى الصعيد الديبلوماسي، حقق الرئيس الأميركي جورج بوش نصراً مهماً بنيله دعماً مطلقاً من "منتدى التعاون الاقتصادي لدول جنوب آسيا والمحيط الهادئ" ايبك في حربه ضد الإرهاب. كابول، اسلام آباد، واشنطن، لندن، شنغهاي - "الحياة"، أ ف ب، رويترز، أ ب -أعلن مدير وكالة "بختار" للانباء التابعة ل"طالبان"، عبد الحنان حماد، ان 18 شخصاً لقوا مصرعهم في الغارات الاميركية على كابول ليل أول من أمس وصباح أمس. واوضح ان الغارات أصابت 23 آخرين بجروح، وان 17 منزلاً دمر، ولحقت في حي بارود جديد في قطاع خير خانا شمال كابول، أضرار جسيمة. وبين القتلى في حي بارود جديد 10 مدنيين، تسعة منهم من عائلة واحدة، هم أربع نساء وثلاثة اطفال ورجلان، كانوا يقطنون منزلاً من طبقتين، دمر نصفه جراء قذيفة. ويبدو ان الغارة كانت تستهدف قاعدة ل"طالبان" على مسافة 5،1 كيلومتر من المكان. وقال عظيم الله، احد اصدقاء محمد رسول رب العائلة التي قتل تسعة من افرادها، ان رجلاً آخر قتل في منزل ملاصق الحقت به القذيفة أضراراً. واصيب رسول بجروح خطيرة. وقال عظيم الله ان الجثث سُحبت من تحت الانقاض وأُرسلت الى المستشفى. الى ذلك، اشار حماد ان عدد ضحايا القصف على هيرات غربا خلال الايام الثلاثة الماضية بلغ بين 50 و60 قتيلا. وقال ان قرية عشق سليمان الواقعة على بعد نحو عشرة كيلومترات من هيرات، قصفت أول من أمس مما أدى الى مقتل ثمانية أشخاص، واصابة بين 15 الى 20 بجروح. ودمر مستشفى عسكري يتسع لمئتي سرير ولكنه كان خالياً من المرضى. وأعلن وزير الثقافة والاعلام في "طالبان" قدرة الله جمال أمس ان العسكريين الاميركيين استخدموا للمرة الاولى مروحيات فوق كابول. وقال: "لم يتم انزال اي اميركي منها على الارض". وسمعت في وقت لاحق أصوات أربعة انفجارات قوية على الاقل. بينها ثلاثة في القسم الشرقي من المدينة، اعقبتها قنبلة رابعة، ولكن يبدو انها كانت بعيدة. وذكر شهود ان طائرات من طراز "جيت" حلقت على علو مخفوض. واوضحوا انهم لاحظوا وجود ما لا يقل عن طائرة اخرى من نوع أكبر وابطأ كانت تحلق فوق المدينة. وبحسب الوصف الذي قدموه فان الطائرة قد تكون من طراز "اي سي - 130" وهي صيغة معدلة لطائرة النقل "سي - 130"، مجهزة بأسلحة رشاشة على أجنحتها، وقادرة ان تمطر ساحة المعركة بطوفان من الذخائر من عيار 25 و40 و120 ملم، او ان تضرب أهدافاً بدقة متناهية. وإزاء تصاعد القصف والبدء بعمليات انزال خاطفة، عقدت حكومة "طالبان" جلسة خاصة أمس، برئاسة ملا محمد حسن، الرجل الثاني في الحركة، قررت خلالها تعزيز دفاعاتها في مواجهة هجمات الوحدات الخاصة الاميركية. وقال وزير التعليم في الحركة ملا امير خان متقي ان "طالبان" قررت توزيع مزيد من قاذفات الصواريخ والمدافع الثقيلة والمدافع المضادة للطائرات في المدن والقرى، رداً على الهجمات الاميركية. وأعرب المجتمعون عن ارتياحهم الى رد مقاتلي الحركة، على الانزال الذي نفذته قوات أميركية خاصة منتصف ليل الجمعة الماضي قرب مدينة قندهار الجنوبية. ودعا القائد الاعلى ل"طالبان" ملا محمد عمر زعماء قبائل الباشتون في باكستان الى ارسال الالاف من ابنائها للجهاد ضد الولاياتالمتحدة، لكن من غير المؤكد ان يلقى طلبه هذا الدعم المناسب. ووجه النداء، عبر وسيط، الى عبد الباري معروفي احد زعماء قبيلة رودي غليزاي الباشتونية. وقال عبد الباري انه اجتمع مع الوسيط، "ونجري مشاورات لمعرفة ما اذا كنا سنقدم له مساعدات ام لا". وكان اللقاء الاول بين عبد الباري وملا عمر حصل في قندهار، حول فنجان من الشاي الاخضر قبل اعتداءات 11 ايلول سبتمبر الماضي. واكد زعماء قبائل في كويتا الباكستانية التي تبعد مسافة 280 كيلومتراً من قندهار هذا الطلب. وتسكن نحو 50 قبيلة هذه المنطقة الحدودية وفي امكان ما بين 10 آلافو 20 الف رجل الانضمام الى صفوف "طالبان" التي تضم حاليا زهاء 60 الف رجل. ولكن الكثير من هذه القبائل تعتبر مقربة من قبيلة دراني، وهي اكبرها، ويتحدر منها الملك السابق محمد ظاهر شاه الذي يواليه عدد من ابنائها. اما قبيلة غيلزاي، وهي الاكثر اهمية، فتزود "طالبان" غالبية عناصرها ومنها يتحدر قائد الحركة ملا عمر. وتقيم غيلزاي ودراني علاقات عاصفة. خطر الشتاء في واشنطن، اعتبر وزير الخارجية الاميركي كولن باول، في حديث الى شبكة "فوكس" التلفزيونية الاميركية أمس، ان من الافضل للولايات المتحدة وحلفائها ان تنتهي من العمليات العسكرية في افغانستان قبل حلول فصل الشتاء "الذي سيجعل عملياتنا أكثر صعوبة". وأكد ان "هذا يتوقف على ما يتبقى القيام به، واين سنكون من العمليات العسكرية في منتصف الشهر المقبل". وقال باول انه من المهم احترام شهر رمضان الذي يبدأ منتصف تشرين الثانينوفمبر المقبل. وأضاف: "علينا احترام هذه الفترة الدينية المهمة جداً جداً، لكن علينا في الوقت نفسه ان نتأكد من اننا نواصل حملتنا" ضد الارهاب. وقالت بريطانيا من جهتها أمس، ان حلول فصل الشتاء الذي بات وشيكاً وشهر رمضان يعني ان الولاياتالمتحدة دخلت في سباق مع الزمن لتحقيق "اهدافها العاجلة" للقضاء على "طالبان" واسامة بن لادن. وقال وزير القوات المسلحة البريطاني ادم انغمار: "لا شك على الاطلاق في ان الشتاء يزيد الامر تعقيداً. ولهذا السبب فان علينا بحث احتمال ان تكون هناك حملة طويلة اذا لم نحقق اهدافنا في البداية". قمة "ايبك" في شنغهاي، حقق الرئيس جورج بوش نصراً ديبلوماسياً بعدما اختتم زعماء منتدى التعاون الاقتصادي لدول اسيا والمحيط الهادئ ايبك قمتهم أمس، بتعهد بالقضاء على الارهاب، وبادانة الهجمات التي تعرضت لها الولاياتالمتحدة الشهر الماضي. و قال الرئيس الصيني جيانج زيمين معلناً اختتام القمة: "دنّا بأقوى لهجة ممكنة الهجمات باعتبارها اهانة للسلام ولرخاء كل الشعوب وكل الاديان وكل الامم". وأضاف ان العالم يخوض معركة دولية في مواجهة الارهاب، وان الهجمات التي وقعت في الولاياتالمتحدة زادت من تفاقم تباطوء الاقتصاد العالمي. وجاء في البيان النهائي للقمة التي شارك فيها زعماء الدول الاعضاء ومجموعهم 21 دولة بعد يومين من المحادثات، "يدين الزعماء بشكل واضح وبأقوى العبارات الهجمات الارهابية التي وقعت في الولاياتالمتحدة في 11 ايلول الماضي". وهذه هي المرة الاولى في تاريخ "ايبك" المجموعة التي تأسست لتشجيع التجارة الحرة والاستثمار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، التي يصدر فيها المنتدى بياناً سياسياً. ومضى البيان الذي ذهب الى ما هو أبعد مما تناولته مسودات سابقة، ولكنه لم يشر بشكل واضح الى الهجمات التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد افغانستان او اسامة بن لادن. وأعرب البيان عن التعاطف البالغ مع الولاياتالمتحدة وطالب "بزيادة التعاون لتقديم الجناة للعدالة"، وتعهد بتنسيق الاجراءات المناهضة للجماعات المتورطة في أعمال ارهابية بخنق سبل تمويلهم وتعزيز المراقبة الالكترونية على المسافرين وتشديد الاجراءات عند الجمارك. وطالب ايضاً بتعزيز الاجراءات الامنية في المطارات والموانئ وعلى الطائرات. ورحبت واشنطن ببيان "ايبك"، وقال الناطق باسم مجلس الامن القومي الاميركي شون مكورماك، ان الولاياتالمتحدة راضية عن اعلان مناهضة الارهاب. وأضاف: "مثل هذا النوع من البيانات لم يسبق له مثيل".