بثّت وكالة رويترز، أواخر الشهر الماضي، صورة من العاصمة الأفغانية كابول تظهر حشداً جماهيرياً يتحلّق في احد الملاعب المتواضعة، ويتابع مباراة لكرة القدم بين فريقين محليين، غير آبه بالتهديدات الأميركية بقصف افغانستان. لكن الوكالة لم تشر الى ان حكومة "طالبان" منعت مزاولة كرة القدم في افغانستان العامين 1996 و1997، ثم أعادت النظر في قرارها في ضوء الامتعاض الكبير الذي اظهره السكان، ومشاركة منتخبات عدد من الدول الاسلامية في تصفيات كأس العام 2002. عرفت افغانستان اول هيكلية للعبة كرة القدم عام 1933 حين شكّل منتخب وطني، وخاض منافسات الدورة الأولمبية في لندن عام 1948، اي في العام الذي شهد انضمام الاتحاد الأفغاني الى عضوية الاتحاد الدولي... لكن منتخب افغانستان لم يخض بعدها اي تصفيات مؤهلة لكأس العالم. وحتى الغزو السوفياتي لأفغانستان عام 1979، كان النشاط الكروي مقتصراً على بطولة الدوري وبطولة اخرى تجرى مبارياتها وفق نظام خروج المغلوب. وكانت فرق الكليات والجامعات والمؤسسات والجيش وبعض الأندية الخاصة عماد الدوري، اما المشاركات الخارجية فكانت محصورة بلقاءات دورية مع إيران والجمهوريات المجاورة للاتحاد السوفياتي. واوضح غلام شام اللاعب الدولي في أواخر عقد الخمسينات "ان الفترة من 1973 الى 1979 شهدت التطور الأكبر للكرة الأفغانية، فشيّد استاد كابول الذي يتسع ل20 ألف متفرج، الذي حوّلته "طالبان" مسرحاً للاعتقالات والمحاكمات، والذي شهد اقامة دورة دولية سنوية في مناسبة العيد الوطني في مطلع حزيران يونيو، وألغت حكومة "طالبان" احتفالاته. وقبله، كانت معظم المباريات تجرى على ملاعب متواضعة مثل شامند اوزوري "الحقل الكبير" في قلب كابول الذي يتسع لألف متفرج فقط، فضلاً عن بعض الملاعب الخاصة. وعلى رغم هذه "الفورة" الايجابية وقتذاك لم تضارع كرة القدم يوماً في شعبيتها شعبية المصارعة و"البوزوكيش" التي تمثل اللعبة الوطنية التي يتنافس فيها الفرسان على الفوز بجلد معزاة مرمياً في ساحة المباراة. قبل الغزو السوفياتي، كان عدد سكان افغانستان نحو 20 مليون نسمة، وتشير احصاءات الاتحاد الدولي الى وجود 12 ألف مسجل فيها. لكن منذ 20 عاماً، لم يخض المنتخب الأفغاني اي مباراة رسمية، ولا يوجد عنوان للاتحاد الأفغاني، الذي جمّد دولياً في سجلات ال"فيفا"، ولجأ معظم اللاعبين المرموقين بعد الغزو الى باكستان،أو التحق عدد منهم بأندية الدرجتين الثانية والثالثة في ألمانيا، وسعى بعضهم الى الحصول على الجنسية الايرانية. وحضر مندوب عن "طالبان"، بصفة مراقب، اجتماعات الجمعية العمومية للاتحاد الدولي التي عقدت في تموز يوليو الماضي في بوينس ايريس، وكان وجوده سياسياً اكثر منه رياضي.