وصل حجم تبرعات الحملة السعودية لمساعدة شعب أفغانستان ولاجئيه إلى 35 مليون دولار نقداً، فضلاً عن كميات كبيرة من الحلي والذهب والمواد الغذائية والأغطية والملابس والسيارات والعقارات، ويتوقع أن يتجاوز المبلغ مئة مليون دولار خلال الأيام المقبلة. وعلى رغم أهمية هذه الحملة في تخفيف معاناة الشعب الأفغاني إلا أن فوائدها السياسية والمعنوية أهم بكثير من تأثيرها المادي المباشر. بعد أحداث 11 أيلول سبتمبر أصبحت المنظمات والجمعيات الإسلامية في شكل عام، وجمعيات الإغاثة على نحو خاص، متهمة بتمويل الإرهاب. وخلال الأسابيع الماضية زج بأسماء منظمات وأشخاص، وتناول بعض الصحف جمعيات تعمل في مجال الإغاثة الإسلامية، وطالب بالتحقيق معها. وزادت هواجس الخوف من التضييق على العمل الخيري تحت مبرر محاربة الإرهاب، ووضع قوانين معقدة تعيق حركة هذه المنظمات وتقلل فاعلية دورها في محاربة الفقر والجهل والمرض في مختلف بقاع العالم، لكن تبني الحكومة السعودية حملة التبرعات بدد هذه المخاوف وعبر عن رفض الرياض محاربة العمل الإغاثي أياً تكن الحجج. أرادت الرياض بهذه الحملة أن تعبر عن تمسكها بدعم الشعب الأفغاني، وموقعها الرائد في مجال العمل الإغاثي، وإعادة الاعتبار إلى منظمات الإغاثة الإسلامية التي شوهت خلال الأسابيع الماضية، وإفهام الآخرين أن العمل الخيري وإصلاح أحوال المجتمعات الإسلامية والعربية الفقيرة ليسا شأناً سياسياً، فضلاً عن أنهما عامل مهم في مكافحة الإرهاب. لا شك في أن حملة السعودية لمساعدة شعب أفغانستان ولاجئيه موقف سياسي في غاية الأهمية. أما تخلي الرياض عن العمل الإغاثي في هذه الظروف فكفيل بتسويغ الاتهامات الظالمة التي توجه إليها هذه الأيام، بخاصة أن سجل السعودية في هذا المجال فوق الشبهات، ووقوفها مع الجمعيات الخيرية في بعض الدول العربية والغربية في هذه الظروف شهادة لا تقدر بثمن.