أطلق وزير الاستخبارات الايراني علي يونسي مواقف حادة ضد الإدارة الأميركية وحركة "طالبان"، معتبراً الحملة العسكرية الأميركية على أفغانستان "بداية انهيار الولاياتالمتحدة - كما الاتحاد السوفياتي السابق - على المستوى الدولي". وجاء موقفه عشية جولة لوزير الخارجية الايراني كمال خرّازي، تشمل دوشانبي وعشق آباد للبحث في العملية الأميركية في أفغانستان. واعلنت اذاعة طهران ان خرازي سيتوجه اليوم الى طاجيكستان لاجراء محادثات مع الرئيس علي رحمنوف، تتناول "الوضع الذي نشأ عن العمليات العسكرية الاميركية والبريطانية" في افغانستان. وسيتوجه الوزير مساء الجمعة من دوشانبي الى عشق آباد عاصمة تركمانستان. وايران وطاجيكستان وتركمانستان من الدول المحاذية لافغانستان، وهي تعارض نظام "طالبان". ولكن في حين دانت ايران الضربات على افغانستان وأغلقت مجالها الجوي امام الولاياتالمتحدة، وافقت تركمانستان على طلب واشنطن استخدام ممرات جوية وبرية لنقل "مساعدة انسانية" الى افغانستان. اما طاجيكستان، فوافقت على فتح مجالها الجوي امام الطائرات الاميركية ووعدت بتأمين مطارات "عند الحاجة". الى ذلك، قال وزير الاستخبارات علي يونسي في لقاء مع رجال الحوزة الدينية في قم ان "الولاياتالمتحدة ستكون الخاسر الرئيسي" من ضرب أفغانستان. وتابع ان "ابرز المتضررين سيكون الرئيس جورج بوش والملا محمد عمر والجنرال برويز مشرف، في حين سيكون الرابح الأكبر في هذه الحرب اسامة بن لادن". واعتبر ان واشنطن وقعت في فخ نصبته بنفسها عندما دعمت، مع بعض الدول، تنظيم "القاعدة" قبل ان ينقلب عليها. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن يونسي قوله ان "الولاياتالمتحدة انشأت القاعدة بزعامة بن لادن لمكافحة الافكار الانسانية للإمام آية الله الخميني" مؤسس الجمهورية الاسلامية في ايران. واضاف: "لكن اعضاء القاعدة محدودون بأفكارهم وجاهلون متطرفون، وهم انقلبوا على الولاياتالمتحدة". وأعلن يونسي ان "ايران التي تضررت أكثر من غيرها بسبب ظاهرة الإرهاب، اكتسبت تجارب كبيرة في مجال مكافحته واستطاعت القضاء على عشرات من الشبكات الإرهابية". ولم يفصح عن طبيعة هذه الشبكات، لكن مراقبين يقولون ان معظمها ينتمي الى منظمة "مجاهدين خلق". واعتبر يونسي ان روسيا والهند والصين ستكون بين الرابحين في الحرب في أفغانستان. وقال: "على واشنطن ان تدرك ان هذه الدول لن تبقى الى جانبها إلا لبعض الوقت"، في إشارة ضمنية الى رفضها بقاء قوات أميركية في أفغانستان والمنطقة. وأكد ان اعتراض المسلمين على الحملة الأميركية لا يُعتبر دعماً لحركة "طالبان"، مشيراً الى ان ايران تعارض "الظلم الأميركي والظلم الطالباني ضد الشعب الأفغاني". وعلى رغم هذه الانتقادات الايرانية لأميركا، برزت خيوط جديدة تؤكد عدم انقطاع الاتصالات بين واشنطنوطهران، عبر وسطاء. إذ أكد مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الايرانية ما كشفته "الحياة" عن موافقة ايران على السماح بهبوط طائرات أميركية داخل اراضيها في حال إصابتها فوق افغانستان. ونقلت صحيفة "طهران تايمز" عن هذا المسؤول ان "ايران ستتصرف وفقاً للاتفاقات الدولية التي ترتكز الى ضرورة تقديم المساعدة للأشخاص والطواقم أثناء الحالات الطارئة، كما الحال بعد هبوط اضطراري أو تحطم طائرة، لكن ذلك لا يعني ان ايران ستقدم مساعدات من اي نوع للقوات الأميركية إذا كانت في حاجة الىها". وأكد الوزير يونسي هذه المعلومات، إذ نُقل عنه قوله "في حال سقوط طائرة أميركية في الأراضي الايرانية، سنسعف الجنود ونعيدهم. ولكن لن نسمح بدخول جنود أميركيين الى ايران". وكانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت ان ايران وعدت بتقديم مساعدة لعسكريين أميركيين قد يصلون الى أراضيها، وهم بحاجة الى إغاثة، إثر تنفيذ مهمات في أفغانستان. وأوردت صحيفة "نيويورك تايمز" ان الحكومة الايرانية وجّهت "رسالة سرية" الى واشنطن بهذا المعنى، معبّرة بذلك عن مستوى جديد من التعاون بين بلدين لا تربطهما علاقات ديبلوماسية منذ العام 1978. وأضافت ان الرسالة وصلت عبر السفارة السويسرية التي ترعى مصالح أميركا في ايران. ولم يؤكد الناطق باسم الخارجية الأميركية فيليب ريكر هذه المعلومة، لكنه أوضح ان واشنطنوطهران تحتفظان بقنوات اتصال. وعلى رغم هذه المعطيات، تعتبر أوساط رسمية ايرانية ان الوقت غير مناسب للتقارب مع الغرب، خصوصاً الولاياتالمتحدة. وفي هذا الإطار ا ف ب نقلت صحيفة "لا ريبوبليكا" الايطالية عن نائب الرئيس الايراني محمد علي ابطحي قوله ان "الوقت ليس مناسباً" لتحسين العلاقات مع الغرب. وسئل هل كانت ادانة ايران اعتداءات 11 ايلول سبتمبر في اميركا تعتبر تمهيداً لتقارب مع الغرب، ليس فقط مع اوروبا وانما مع الولاياتالمتحدة ايضاً، فأجاب: "ان الوقت ليس مناسباً لذلك الآن بالتأكيد". واضاف: "انها هزيمة بالنسبة الينا كإصلاحيين يسعون الى حوار بين الحضارات"، معلقاً على الوضع الذي خلفته حملة الضربات التي تنفّذها الولاياتالمتحدة ضد افغانستان. ومن المنتظر وصول وزراء خارجية اوروبيين الى طهران الاسبوع المقبل لا سيما الالماني يوشكا فيشر والايطالي ريناتو روجيرو. واعرب ابطحي، المقرب الى الرئيس محمد خاتمي، عن اسفه "لتأخر الغرب كثيراً" في فهم الوضع الدولي، و"القسوة التي طبعت السنة بصورة تعد سابقة بالنسبة الى الفلسطينيين". وزاد: "اعرف جيداً العالم العربي وصدقوني ان الشعوب هناك لم تشعر ابداً بمثل هذا العجز. بن لادن استخدم هذا الشعور بالعجز، وكان على الغرب ان يفهم هذه المشاعر. ولسوء الحظ، الخبرة اثبتت لنا انه يفهم الامور دائماً بتأخر كبير". وكرر الاعراب عن معارضة ايران ضرب افغانستان، قائلاً انه "خطأ بمنتهى الخطورة". واضاف ان "آلة الحرب الهائلة ضد شعب بائس مثل الافغان، اثارت مرة جديدة ردود فعل لا يمكن ضبطها في العالم المسلم".