في محاولة مكشوفة لوصم الكفاح الوطني الفلسطيني المشروع ضد الاحتلال الاسرائيلي الكولونيالي العنصري البغيض ب"الارهاب"، عمد رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون فور اغتيال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وزير السياحة المستقيل من حكومته رحبعام زئيفي الاربعاء الى استخدام عبارات مشابهة لتلك التي استخدمها الرئيس الاميركي جورج بوش في اعقاب حوادث الحادي عشر من ايلول سبتمبر الماضي. اذ قال شارون بعد ساعات على موت زئيفي ان "عهداً جديداً بدأ، والامور تغيرت ولن تعود الى سابق عهدها". وفي مكالمة مع وزير الخارجية الاميركي كولن باول قال شارون، حسب ما نقلته صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية، ان "عرفات مثل طالبان يرعى الارهاب، واكثر". والواقع ان لا جديد في ما حصل الاربعاء في فندق "حياة ريجنسي" في القدسالشرقية، اذ ان مقتل زئيفي ينبغي وضعه في اطاره الواقعي ولا يجب اعتباره حدثاً زلزالياً في السياق العام للصراع العربي - الاسرائيلي الدائر منذ عقود والمرشح للاستمرار لمدة طويلة بسبب عمى السياسة الاميركية والغربية وانحيازها لاسرائيل، كما يجب عدم تشبيهه من قريب او بعيد بأحداث 11 ايلول سبتمبر في اميركا. كل ما في الامر ان اسرائيل "شرّعت" سياسة الاغتيالات كوسيلة اضافية في سعيها الى كسر ارادة الشعب الفلسطيني المصمم على التخلص من احتلالها القذر لاراضيه ومصادرتها لحقوقه. لقد مات زئيفي وفقاً للافكار التي طالما نادى بها، ومن المعروف انه كان من اشد المتحمسين لاغتيال القادة السياسيين والميدانيين الفلسطينيين وكان يحرض شارون، كأنما هو يحتاج الى تحريض، على تدمير السلطة الفلسطينية وقتل رئيسها ياسر عرفات. واكتسب زئيفي سمعته العنصرية السيئة لمناداته بسياسة ال"ترانسفير" تجاه عرب فلسطين، اي خلعهم من جذورهم في وطنهم التاريخي وتشريدهم خارجه. ان الممارسات الارهابية الاجرامية لدولة اسرائيل، بما في ذلك الاغتيالات التي باتت استراتيجية ثابتة لحكومة شارون وقبلها حكومة ايهود باراك، ضد الشعب الفلسطيني والعرب عموما هي امتداد وحشي همجي لممارسات العصابات الصهيونية قبل قيام دولة اسرائيل في العام 1948والتي اغتالت اولاً اللورد موين في مصر ثم الوسيط الدولي السويدي الكونت فولكه برنادوت، وارتكبت مجزرة دير ياسين ومجازر اخرى في مدن فلسطينية مثل يافا وحيفا واللد والرملة في خضم حرب 48. لقد جاء اغتيال زئيفي انتقاماً من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لأمينها العام الراحل الشهيد ابو علي مصطفى الذي اغتالته اسرائيل في 27 آب اغسطس الماضي بصاروخين اطلقتهما طائرة "اباتشي" اميركية الصنع وهو داخل مكتبه في مدينة رام الله التي اقتحمتها قوات الاحتلال امس كما اقتحمت بلدة جنين، في خطوة مكررة تؤكد ان شارون، كالغالبية الساحقة من الاسرائيليين، لا يريد السلام وانما ترسيخ "اسرائيل الكبرى". ولننظر الى خطوطه الحمر التي اعلنها عشية اغتيال زئيفي ل"تسوية سلمية"في المنطقة: "الاحتفاظ بالجولان وكل المستوطنات في غزة والضفة، ومناطق امنية لاسرائيل في الضفة وغور الاردن، وبقاء القدس موحدة تحت سيادة اسرائيل". من هنا فإن اعلان اسرائيل، بعد اغتيال زئيفي، قطع الاتصالات السياسية مع الفلسطينيين لا يقدم ولا يؤخر شيئاً، مثله مثل حديث بوش وبلير عن دولة فلسطينية "قابلة للاستمرار"!