إذا ما استعرضنا قائمة اهتمامات المرأة، في ما خص شكلها لا بد من ان نذكر ادوات التجميل التي تستعين بها لإظهار جمالها وأنوثتها. أما بالنسبة الى الرجل، فأمر التجميل أقل كلفة وعناء، وأهم أدواته الحلاقة، سواء تعلقت بشعر الرأس أو الذقن. وصالونات الحلاقة الرجالية لها تقاليدها وحكاياتها... وأسرارها، وهي بالتأكيد اكثر عراقة من الصالونات النسائية في الشرق باعتبار هذه الأخيرة محدثة وغير ذات تاريخ طويل. من اشهر الصالونات الرجالية في دمشق صالون محمد السحار الذي عرف بكونه صالون الفنانين السوريين والعرب. ومن الفنانين السوريين، زبائن السحار، دريد لحام وأسعد فضة ورفيق سبيعي والراحل نهاد قلعي... اضافة الى فنانين عرب كانوا يقصدونه اثناء اقامتهم في دمشق لتمثيل افلام، وكان السحار يحتفظ بصور الفنانين... وبأسرارهم ايضاً إذ استطاع ان ينشئ علاقات وطيدة مع بعضهم. وتفنن السحار في قصاته وتابع الموضة وابتكاراتها وتوصل الى طريقة خاصة به في فن الحلاقة حتى استحق لقب "فنان الحلاقين وحلاق الفنانين". ويروي السحار عن زبونه الفنان الموسيقار محمد عبدالوهاب انه كان يحلق شعره كل مرة بأدوات جديدة مطهرة ومعقمة الى ما عرف عنه من اناقة وذوق في اختيار الألوان. ويذكر الفنانين عبدالحليم حافظ وفريد شوقي صاحب النكتة، وحسين كمال وكذلك نور الشريف. ويروي السحار حكاية عن نور الشريف وبوسي فيقول انه كان يعرف انهما متحابان، وكان الشريف يصور فيلماً في لبنان، وسمع مرة ان بوسي قد تتزوج رجلاً آخر فحضر الى بيروت وأخبر الشريف الذي ترك الفيلم وذهب للزواج من بوسي وحل محمد جمال محله في الفيلم. ويتابع السحار، والرواية على ذمته، ان نور الشريف وبوسي اجتمعا عنده على عشاء بعدما طلبت بوسي طبقها الشامي المفضل "الباسماشكات". ولا يقتصر الأمر على الصداقة مع الفنانين والفنانات بل يأتي كثير من الزبائن لأخذ نصيحته في قص الشعر أو تصفيفه وأدوات التجميل المناسبة للبشرة لتضفي عليها الجمال. وعندما سألنا الحلاق محمد السحار عن التسريحات وارتباطها بالأناقة، اجاب أن للأناقة ارتباطاً وثيقاً بالحلاقة. فهي سيف ذو حذين: فإما ان تضفي على الرجل اناقة وجمالاً وإما تكسبه قبحاً. والنجوم ايام زمان كانوا يعرفون كيف يبرزون جاذبيتهم في قصة الشعر وحلاقة الذقن. والحلاق الماهر هو الذي يحاول ان يضيف كل جديد على عمله لإرضاء زبائنه. "فعلى مدار خمس وثلاثين سنة من الحلاقة اصبحت لدي مهارة في انتقاء التسريحة المناسبة للوجه. الرجل الشرقي ذو ذوق رفيع وإحساس عال جداً بالثقة بنفسه، وهو يعرف ان الأناقة يجب ان تمر بالبساطة لتكون متميزة عن غيرها. اما موضة الحلاقة المجنونة التي يروجها الغرب فهي بعيدة من اصول الجمال. ومعظم التسريحات التي احدثت دوياً هائلاً في العالم كانت مناسبة للوجه وهادئة ولها طابع التميز في ابتكار حال جديدة. فإذا نظرنا الى الفارق ما بين تسريحات السبعينات وتسريحات اليوم سنجد ان الأمر مختلف كلياً، فالبراعة ان تجد لهذا الوجه ما يناسبه ويكون قريباً من الموضة العصرية ولكن بشكل لا يفقده الجاذبية ويكون معبراً، فالمظهر العام يبدأ من الوجه والشعر من ثم الهندام. ولذلك ادعو شباب ورجال اليوم الى أن لا ينقادوا الى التسريحات التي لا أصول لها ولا تضيف الى الوسامة شيئاً لأن معظم المشاهير والنجوم كانوا يعشقون الذوق الشرقي".