كان للهجمات الانتحارية التي استهدفت الشهر الماضي أهدافاً حيوية واستراتيجية تمثل رموزاً رأس مالية واقتصادية وعسكرية، آثار نفسية موجعة على الشعب والقيادة الاميركيين، وعلى الاقتصادين الاميركي والعالمي. ومما لا شك فيه ان الارهاب اضحى ظاهرة لها تأثيرها وانعكاساتها الخطيرة على الأفراد والمجتمعات وتؤثر في مسيرة التنمية في كل دولة يضربها، اذ ان الجماعات الإرهابية تستهدف عادة ضرب المصالح الحيوية في الدولة التي توجه إليها عملياتها وتؤثر في المقدرات الاقتصادية للدولة وفي الاقتصاد الدولي عموماً. ويبدو أكبر تأثير للعمليات الارهابية في الدخل الوطني للدولة، ويرتكز على عناصر ومحددات اساسية عدة هي: الاهداف التي يسعى الارهابيون الى تحقيقها: فقد يهدفون الى ضرب منشآت اقتصادية بغرض شل الحركة الاقتصادية أو يستهدفون تحقيق أغراض سياسية او عسكرية من خلال إشاعة الرعب. ولا شك في ان الآثار الاقتصادية المترتبة على الارهاب تكون اكثر فاعلية في الحالة الاولى منها في الحالة الثانية. الوضع الاقتصادي في الدولة: تختلف الآثار الاقتصادية للعمليات الارهابية التي تستهدف دولة متقدمة عن تلك التي توجه الى المصالح الحيوية في دولة نامية، اذ تكون الخسائر المادية في الاولى اكثر منها في الثانية. لكن ضرب مرفق او مصلحة معينة في دولة نامية يؤثر في اقتصادها بطريقة اكثر نظراً لما يحمله من كلفة عالية في حالة إعادة البناء. 5- حجم العمليات الإرهابية وعددها: فإذا كانت العملية الارهابية مجرد حدث فردي بسيط تكون آثاره محدودة، اما إذا كانت العمليات متتابعة فإن هذا يعنى ان هناك ظاهرة مستمرة مما يحقق ويوسع من نطاقها وتداعياتها ويصيب الدولة التي توجه إليها هذه العمليات بالرعب والذعر، فتضع إمكاناتها المادية والعسكرية وتجندها لمواجهة ضربات اخرى محتملة. نوع القطاع الذي توجه اليه العمليات الإرهابية: فاذا كان قطاعاً حيوياً مثل السياحة او النقل محطات القطارات والمطارات والموانئ يؤثر في قطاعات اخرى ذات صلة دقيقة بهذا القطاع ما يصيب الحركة الاقتصادية بالشلل. في ضوء هذه العناصر والمحددات الأساسية يتبين تأثير العمليات الانتحارية ضد الولاياتالمتحدة، ليس على الاقتصاد الاميركي فحسب، بل على الاقتصاد العالمي أيضاً. فعلى الصعيد الاميركي هناك خسارة مباشرة تتمثل في تدمير منشآت حيوية مهمة تقدر كلفتها ببلايين الدولارات اضافة الى كلفة إعادة بناء هذه المنشآت، ناهيك عن خسائر الارواح التي لا تعوض. كما ان هناك خسائر جسيمة تتمثل في النفقات التي سيتحملها الاقتصاد الاميركي مستقبلاً لمواجهة خطر العمليات الارهابية. اذ سيوجه جزء مهم من الموارد لمواجهة الارهاب من خلال زيادة أعداد القوات الأمنية وتجهيزها فضلاً عن كلفة حال الاستنفار القصوى في صفوف القوات البرية والبحرية والجوية وكلفة العمليات الاستخباراتية. ومن جهة أخرى، هناك تأثير سلبي على الدولار الاميركي الذي ترتبط به غالبية العملات في العالم. لكن التأثير الأشد كان على البورصات العالمية، إذ يقدر حجم الخسارة التي لحقت ببورصة نيويورك ب700 بليون دولار، فضلاً عن إحجام المستثمرين عن دخول السوق الأميركية في الفترة المقبلة لتفادي مزيد من الخسائر. وتعرضت الأسهم في بورصة طوكيو لهزة عنيفة فهوت الاسهم في بورصة هونغ كونغ الى ادنى مستوياتها وحدثت تقلبات حادة في بورصة لندن. أما خسارة شركات التأمين فكانت فادحة تقدر ببلايين الدولارات وتعد الاكبر في تاريخها. وأصابت الهجمات المستثمرين بحال من الذعر والقلق على اموالهم مما دفعهم الى عدم التعامل في البورصة ونقل استثماراتهم الى اماكن أكثر أمناً. وتجدر الاشارة الى ان الاستثمارات السعودية في اميركا تراوح بين 40 و200 بليون دولار. * كاتب مصري مقيم في السعودية.