واشنطن - أ ف ب - التاريخ وحده سيقرر ما اذا كان سيحتفظ بالمبادئ التي حددها الرئيس جورج بوش في حربه على الارهاب تحت اسم "مذهب بوش". لكن سواء شكلت هذه المبادئ مذهبا ام لا، فان البيت الابيض في عهد بوش دخل التاريخ. ليست المذاهب الرئاسية بصفتها مجموعة مبادئ تحدد السياسة الخارجية امرا شائعا في الولاياتالمتحدة. فلا يحصي الباحثون اكثر من مذهبين او ربما ثلاثة، خلال 225 عاما من التاريخ الرئاسي في الولاياتالمتحدة. غير ان جورج بوش ومعاونيه غالبا ما استخدموا هذه العبارة خلال الايام الماضية للدفاع عن النهج الذي يعتمدونه في سعيهم الى "استئصال الارهاب الدولي بعد اعتداءات الحادي عشر من ايلول سبتمبر في نيويوركوواشنطن. وتحدث بوش بوضوح خلال مؤتمر صحافي مساء الخميس عن "المذهب الذي عرضه على الشعب الاميركي" في 20 ااشهر الماضي، حين قسم العالم الى معسكرين: معسكر اصدقاء الولاياتالمتحدة في حربها على الارهاب ومعسكر اعدائها. ويرى بعض الاختصاصيين في شؤون الرئاسة الاميركية ان اي اعلان سياسي ينبغي ان تتوافر فيه معايير صارمة ليرقى الى مرتبة المذهب السياسي. فعليه ان يكون عالمي الابعاد، شاملا، ذي مغزى وجديدا. ويتعين على بوش الان ان يثبت جدارة توازي اعلانه امام الكونغرس الشهر الماضي: "من الان وصاعدا، ستعتبر الولاياتالمتحدة كل دولة تواصل ايواء الارهاب او مساندته، دولة معادية". غير ان الولاياتالمتحدة لا تعرف سوى قلة من المذاهب الرئاسية: { مذهب مونرو الذي وضعه جيمس مونرو العام 1823 عارض انتشار النفوذ الاوروبي في القارة الاميركية. واستخدم هذا المذهب لتبرير كل تحركات الولاياتالمتحدة، من مقاومة المطالب الروسية في المحيط الهادئ الى تدخل الولاياتالمتحدة في اميركا الوسطى وبحر الكاريبي. { مذهب ترومان الذي وضعه هاري ترومان العام 1947 هدف الى احتواء انتشار الشيوعية عن طريق المساعدة الاقتصادية بصورة رئيسية. وشكل هذا المذهب قاعدة للسياسة المناهضة للاتحاد السوفياتي، كما انبثقت عنه خطة مارشال للمساعدة على اعادة بناء اوروبا في مرحلة ما بعد الحرب وكان حجر الزاوية في الحرب الباردة. { مذهب ريغان الذي وضعه الرئيس رونالد ريغان العام 1985 حين اعلن ان الولاياتالمتحدة ستساند الحركات المناهضة للشيوعية في دول العالم الثالث. واعطى هذا المذهب ثماره في افغانستان، لكنه فشل في نيكاراغوا. وسقط في نهاية الامر حين لطخته فضيحة "ايران غيت". وسعى جميع الرؤساء الذين تعاقبوا في الولاياتالمتحدة الى وضع مذهب خاص بهم، لكن من دون جدوى. فجورج بوش الاب لم يفلح مع "نظامه العالمي الجديد"، وتصور بيل كلينتون للدور الاميركي كشرطي على العالم سقط في البوسنة والصومال. ويعتبر انتوني اريند استاذ شؤون الحكومة والسياسة الخارجية في جامعة جورجتاون ان "الولاياتالمتحدة تبحث منذ انتهاء الحرب الباردة عن مذهب تعتمده في سياستها الخارجية". ويرى ان تصريحات ادارة بوش قد تكون مهمة على الصعيد العملي اذ تساعد الرأي العام على فهم سياسة الحكومة وارساء هذه السياسة بشكل رسمي، لكن بوش يسعى في الوقت نفسه الى دخول التاريخ. وعلى صعيد الارهاب، يرى ستيفن هيس الخبير في معهد بروكينغز ان على بوش ان يتوخى الحذر في تعريفه للارهابيين "الدوليين" المستهدفين في الحملة الاميركية والدول التي تدعمهم. وقال "ان كان تحديدكم للارهاب واسع النطاق اكثر مما ينبغي، تدخلون عندها في حرب ضد الكثير من حلفائكم". ويلاحظ اريند ان التمسك بمذهب واسع النطاق قد يقود الولاياتالمتحدة الى عقد صفقات مع اشخاص مشبوهين واقامة صداقات شاذة، مشيرا الى ان "الخطورة في صياغة مذهب من نوع اما ان تكونوا معنا او تكونوا مع الاشرار، تكمن في انه قد ينتهي الى تصرفات تبدو غير منطقية او خبيثة".