جدول الأعمال المقترح على المؤتمر الطارئ لوزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الإسلامي في الدوحة، رفع سقف التوقعات، وأعطى الأمل بتجاوز الخلافات والصيغ التوفيقية التي درجت عليها بيانات المنظمة. فتبني موقف إسلامي من الإرهاب، وخطورة خلطه بالإسلام، والتمييز بين الإرهاب وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وتقديم المساعدات للاجئين الأفغان ليست موضع خلاف، فضلاً عن أن جمعها في بيان ختامي يوقعه كل الدول الإسلامية في هذه الظروف، سيخدم صورة الدول الأعضاء في نظر شعوبها والعالم. لكن الفرحة بسقف جديد على مؤتمرات هذه المنظمة قتلت قبل أيام من انعقاد المؤتمر الطارئ. الحملة العسكرية على أفغانستان بددت السلام الذي كان سينعم به المؤتمر، ووجد الوزراء أنفسهم أمام إشكاليات ليست في الحسبان: الخوف من توسيع حملة مكافحة الإرهاب لتشمل دولاً عربية أو إسلامية، أبرزها العراق وإيران وسورية وليبيا، وذيول ملف حرب الخليج، والعلاقات الإيرانية - الأميركية، وغيرها من التداعيات التي تطاول دولاً عربية وإسلامية أخرى. وانتقل المؤتمر من معالجة مشاكل ثقافية - حضارية - إعلامية، وإغاثية بسيطة في عرف السياسيين، إلى أزمات عويصة تسببت في الماضي في اثارة خلافات حادة بين الدول، وإفشال مؤتمرات عربية وإسلامية، أو خروجها ببيانات لا تقدم ولا تؤخر. كان مؤتمر الدوحة مرشحاً لتقديم خدمة كبيرة، ومواجهة مشكلة تأجيج المشاعر المعادية للمسلمين في أميركا والدول الأوروبية، والخروج بموقف جماعي في هذه القضية البالغة الحساسية. لكن الضربة نقلته من مؤتمر إسلامي إلى اجتماع عربي تقليدي، بمشكلاته وخطابه، وبيانه الختامي، وظهرت الخلافات العربية جلية كأننا نرى مؤتمر وزراء خارجية الدول العربية في آب اغسطس 1990. وظهر بعض العرب والمسلمين في الدوحة كأنه غير متفق على قضية محاربة الإرهاب، أو كأنه متعاطف مع "طالبان" وتنظيم "القاعدة"، أو خجل من موقفه الأخلاقي.