الذهب والفضة يسجلان مستويات قياسية جديدة والأسهم تنهي عاماً مضطرباً    الجزائر تعرب عن قلقها إزاء التطورات في المهرة وحضرموت وتدعو إلى الحوار    ناويا إينوي يحافظ على لقبه العالمي في ليلة الساموراي بمحمد عبده أرينا    أرسنال يتمسك بالقمة.. شرقي يقود سيتي للفوز على نوتنغهام    افراح العريفي    إصابة خالد ناري بكسور في القفص الصدري بسبب حارس النصر    أكدت دعمها الكامل للوحدة وحرصها على الاستقرار.. السعودية ترفض اعتراف إسرائيل ب«أرض الصومال»    الخارجية اليمنية: جهود السعودية مستمرة لحفظ الأمن    دعا لتغليب صوت العقل والحكمة لإنهاء التصعيد باليمن.. وزير الدفاع: لا حل ل«القضية الجنوبية» إلا بالتوافق والحوار    موجز    53 مليار ريال حجم الامتياز التجاري    الاتحاد يحسم مواجهة الشباب بثنائية    10 أيام على انطلاق كأس آسيا تحت 23 عامًا "2026 السعودية"    في كأس أمم أفريقيا بالمغرب.. الجزائر والسودان يواجهان غينيا وبوركينا فاسو    السعودية تعزز المنافسة العالمية.. تمكين ابتكارات ورواد مستقبل المعادن    أفراح التكروني والهوساوي بزواج محمد    ضمن جهودها لتعزيز الرقابة الصحية.. جولات رقابية لمراكز فحص العمالة الوافدة    الداخلية: ضبط 19 ألف مخالف    315 صقرًا للمُلاك المحليين تتنافس بمهرجان الملك عبدالعزيز للصقور 2025 في يومه الثالث    رواية تاريخية تبرز عناية الملك عبدالعزيز بالإبل    لطيفة تنتهي من تصوير «تسلملي»    يستمر من 7 إلى 10 رجب الجاري.. بدء استقبال «الوثائق» لإفطار الصائمين    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    عصير يمزق معدة موظف روسي    مختص: لا ينصح بأسبرين الأطفال للوقاية من الجلطات    «عيون الجواء».. تاريخ عريق ونمو متسارع    «أحمر القصيم» يُكرم روّاد العطاء    قيلة حائل    أمير المدينة يتفقد العلا    وزير الداخلية: يطمئن على صحة رجل الأمن الجندي ريان آل أحمد    حضور لافت للصقارات بمهرجان الملك عبدالعزيز    أبها يعزز الصدارة بالنقطة ال30.. والدرعية "وصيفاً"    السديس يدشن أعمال اللجنة الاستشارية للغات والترجمة    خطيب المسجد الحرام: ظُلم العباد يقود إلى الهاوية والضياع    إطلاق 61 كائنًا بمحمية الملك خالد    51% إشغال مرافق الضيافة السياحية    الذهب والفضة أبرز الملاذات الآمنة في 2026    ختام رائع لمهرجان كؤوس الملوك والأمراء 2025    محافظات جازان تبرز هويتها الثقافية والشعبية    الزيّ التراثي يجذب الأنظار في مهرجان جازان 2026    متى يكون فقدان الصوت خطيرا    .. وتدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجدًا في مدينة حمص    تصعيد حضرموت: تحذير للتحالف وتحركات لاحتواء الانفلات الأمني    رفض إفريقي وعربي لاعتراف إسرائيل بأرض الصومال    متحدث التحالف لدعم الشرعية في اليمن: التحركات العسكرية المخالفة سيتم التعامل معها لحماية المدنيين    الاتحاد يفوز بثنائية على الشباب في دوري روشن    القبض على إثيوبيين في جازان لتهريبهم (108) كجم "قات"    «صدى الوادي» يتجلى مع الطلاسي والتركي و«حقروص»    (117) دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر جمادى الآخرة    «واحة الأمن» تستعرض جاهزية الأفواج الأمنية في مهرجان الإبل    «أرفى» تكرّم الجهات الداعمة لمرضى التصلب المتعدد في حفل "خيركم سابق"    مدير هيئة الأمر بالمعروف بجازان يزور التدريب التقني ويبحث تعزيز البرامج التوعوية المشتركة    بيش تُضيء مهرجان شتاء جازان 2026 بهويتها الزراعية ورسالتها التنموية    وزير الداخلية تابع حالته الصحية.. تفاصيل إصابة الجندي ريان آل أحمد في المسجد الحرام    سعيد بن قزعة أبو جمال في ذمة الله    جمعية التنمية الأهلية بأبها تحتفي باليوم العالمي للتطوع واختتام مشاريع 2025 ضمن "رواية عقد"    تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية يطلع على مبادرات الجوف التنموية    سلطان عمان يمنح قائد الجوية السعودية «الوسام العسكري»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألف وجه لألف عام - "الشاهنامه"لأبي القاسم الفردوسي
نشر في الحياة يوم 04 - 01 - 2001

ترى، حين فرغ أبو القاسم الفردوسي من كتابة سفره الكبير "الشاهنامه" أو "كتاب الملوك" في أوائل العام الميلادي 1010 الهجري 400، هل كان يرى أنه أنجز مهمة أساسية، بالنسبة اليه، تقوم في كتابة تاريخ ملوك فارس، منذ فجر التاريخ، حتى الفتح العربي لفارس؟ بكلمات أخرى: هل كانت غاية شاعر الفرس الكبير ان يضع كتاباً يسلسل فيه الملوك والأباطرة الذين تعاقبوا على وطنه؟ ظاهرياً قد يكون الجواب: نعم، فالكتاب هو في نهاية أمره كتاب عن الملوك، حياتهم، مآثرهم، وسنوات ملكهم. ولكن نظرة معمقة الى الطريقة التي يسرد بها الفردوسي ملحمته الأساسية، التي تعتبر اعظم كتاب وضع في الفارسية، ستقول لنا ان الهدف لم يكن كتابة تاريخ ملوك، بل بعث نهضة أمة. هي الأمة الفارسية. ومن هنا لن يكون من قبيل الصدفة ان يكون الفردوسي وضع كتابه الضخم والفريد من نوعه في تاريخ الأمم، وهو يستظل رغبة الخليفة العباسي المأمون، تلك الرغبة التي سعى اليها المأمون قبل مولد الفردوسي وكانت تقوم في خلق شعور عظمة لدى أمة رأى المأمون انها يمكن ان تكون رديفة لأمته وارض خصبة لاسلام متطور وشامل. ومن هنا اذا كان كتاب "الشاهنامه" أراد ان يعبّر عن شيء فإنما اراد ان يضع الأمة الفارسية على مجابهة مع الأمة الطورانية التي كانت بدأت تشرئب بعنقها. كانت المسألة مسألة فرس في مقابل الترك. وكان المعني بها، أي الطرف الذي توجه اليه الرسالة، الشعب الفارسي الذي أراد الفردوسي أن يعكس ايغاله في التاريخ، من خلال مآثر قادته.
ولقد انتجت تلك الارادة ملحمة استثنائية، من الصعب اليوم على أحد ان يقرأها من الفها الى يائها، اذ تتألف من 55 ألف مقطع وتنقسم الى كتب كثيرة، ولكن يمكن لمن يريد أن يختار أي فصل من فصولها ليقرأه كحكاية متصلة - منفصلة، وكفن خالص والأهم من هذا ان كتاب الفردوسي، خلق يومها واحداً من الأعمال الأولى في تلك اللغة الفارسية التي كانت بدأت تنبعث في ذلك الحين، أيام السلطان محمود الغزنوي، الذي من الواضح ان الفردوسي كتب ملحمته تحت رعايته، وربما لكي يذكره بما كان عليه أسلافه.
من هنا لم يكن غريباً لكتاب الملكوك أن يتحدث عن تاريخ هؤلاء، ولكن ضمن اطار تاريخ البشرية ككل: اذ هل يمكن لكتاب يتحدث عن خمسين ملكاً تتابعوا منذ فجر تاريخ فارس، حتى زمن الفتح العربي، ألا يكون كتاباً عن الانسانية وحضارتها. لم تكن صدفة أن تأتي أوصاف الفردوسي للملوك وبطولاتهم لتركز على الطابع الانساني لكل منهم. هنا لم نعد أمام ملاحم اليونانيين التي تجعل الملوك والابطال انصاف آلهة وأهل خوارق، بل تجدنا في مواجهة أبطال من لحم ودم تمر عليهم لحظات في غاية الصعوبة، تكشف ضعفهم الانساني وكم يتحولون الى بشر ضعفاء حين يكون عليهم ان يتخذوا قرارات دقيقة ليسوا واثقين من صحتها أو من صحة النهاية التي ستؤدي اليها.
هنا لا بد ان نشير الى ان الفردوسي لم يخترع ذلك التاريخ، بل استخدم التاريخ الحقيقي الممتد من "بداية التاريخ القومي" أي من عصر ابطال اسطوريين مثل جمشيد وفريدون وسام وزان ورستم وما الى ذلك، وصولاً الى الملوك الساسانيين، مروراً بتاريخ الاسكندر المقدوني الذي غزا فارس ذات يوم. هذا التاريخ استخدمه الفردوسي ورواه بتفاصيله المملة أحياناً، في لغة انيقة يمكن ان يقال عنها اليوم انها كانت لغة مؤسسة، من تلك التي تولد وتنمو في لحظات انعطافية من حياة الشعوب.
العالم، الذي نقلت "الشاهنامه" الى العديد من لغاته، نظر اليها دائماً باعتبارها واحداً من الأعمال الأساسية التي انتجتها العبقرية الشرقية، لكنه نظر اليها في الوقت نفسه بوصفها رؤية شاعر مسلم، من شعراء العصر العباسي، الى تاريخ أمته الأصلية، من دون ان تكون لديه أية رغبة في اقامة أية مجابهة بين الأمة التي ينتمي اليها جذوراً والأمة الاسلامية التي ينتمي اليها حضارة وديناً.
الفردوسي حين نظم "الشاهنامه" كان في الأربعين من عمره، غير انه حين انجز العمل، بدأ يشكو من جحود الناس الذين لم يقابلوا جهده بما يستحقه. ومع هذا، ما أن مرت السنوت والأجيال، حتى صارت "الشاهنامه" كتاب الفرس القومي، وأحد الكتب الأساسية المنتمية الى مزيج الحضارة العربية والفارسية، وراح رسامو المنمنمات يتفننون في تصويرها. وهي حين وصلت الى ثقافة العالم وصارت جزءاً من ثقافة الانسان عن طريق ترجمتها الى شتى اللغات والاحتفال بها، اعتبرت عملاً كبيراً يضاهي الملاحم الاغريقية والهندية وعملاً ميزته انه يعطي الانسان مكاناً مميزاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.