أصدر "المركز الحسيني للدراسات" في لندن حديثاً ثلاثة أجزاء من الموسوعة الضخمة "دائرة المعارف الحسينية" التي تحتوي حتى الآن على 556 جزءاً في شتى مناحي المعرفة. والأجزاء الثلاثة تحمل عناوين فرعية مختلفة هي: "الحسين والتشريع الإسلامي"، وهو الجزء الأول من سلسلة مكونة من عشرة أجزاء يتناول فيها المؤلف محمد صادق الكرباسي تاريخ التشريع وأشكاله وأهدافه وأسسه من وجهة نظر أتباع مختلف الأديان والمذاهب والأنظمة، والنظريات القديمة والحديثة، تمهيداً للحديث عن التشريع الإسلامي تاريخاً وأسساً ومقومات وخلفيات وأسلوباً ونظريات. يستعرض المؤلف تشريع الأنبياء: آدم ونوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، وشرائع أخرى كشريعة حمورابي. كما يتناول المدارس الأخرى كالمدرسة المثالية والمدرسة الواقعية والمدرسة التعادلية، ثم يتحدث عن كل من النظام الرأسمالي والاشتراكي والإسلامي. ويذكر أن التشريع الإسلامي تمكن من معالجة العلاقات الست: علاقة الفرد بخالقه، وعلاقة الفرد بنفسه، وعلاقة الفرد بفرد آخر، وعلاقة الفرد بالمجتمع، وعلاقة الفرد بالدولة، وأخيراً علاقة الفرد بما يحيط بنفسه أو بمجتمعه. الكتاب الثاني هو "ديوان القرن الثامن الهجري"، جمع منه المؤلف كل ما أمكنه الوصول اليه من الشعر المنظوم في أبي عبدالله الحسين سبط الرسول الكريم خلال فترة القرن الثامن الهجري القرن 14م، مرتباً بحسب القوافي. ولم يترك الكرباسي تلك الأشعار التي كونت مجلداً ضخماً حتى شرحها ونقدها وحقق نصوصها ليجد القارئ نفسه أمام مشروع ثقافي واسع المعرفة. ووضع المؤلف مقدمة تمهيدية أوضح فيها معالم هذا القرن، مستعرضاً الحركات السياسية والاجتماعية والدينية. وحدد في هذا التمهيد مميزات الديوان بخمسة أمور، هي: ضآلة عدد الشعراء، تقليص المساحة الجغرافية والمساحة العقائدية، النظم على الوتر الطويل نظم المطولات، استخدام الجناس وعدم استخدام جميع الأوزان والبحور. أما الكتاب الثالث فهو "معجم الخطباء". ومع أن هذا العنوان ليس جديداً على الساحة الثقافية والأدبية إلا أن الكتاب بحد ذاته وما يحمله من موضوعات فريد من نوعه. وهو الجزء الأول من مجموعة قد تتجاوز الثلاثين مجلداً، إذ انه رتبه بحسب الحروف الهجائية، واستحوذ حرف الألف الى الآن على ثلاثة أجزاء من المعجم. والمهم في الامر ان الكرباسي لم يخصص معجمه بقطر من دون آخر أو قوم من دون غيرهم، فقد تجاوز كل هذه الأطر الضيقة، بل وحدد نفسه بدائرة "المعارف الحسينية"، آخذاً على عاتقه أن يتوسع ضمن إطارها. وفي حديثه عن وضع هذا المعجم ذكر المؤلف أموراً كثيرة نوجزها في الآتي: أن المعجم يشمل كل من يصدق عليه كلمة الخطيب، وانه يحتوي على ترجمة الخطيب وكذلك الخطيبة، وانه يغطي ترجمة الأحياء والأموات، وانه لا يختص بلغة دون غيرها. وفي نهاية الحديث عن هذه الاجزاء الثلاثة، يشار الى أن عشرين جزءاً من "دائرة المعارف الحسينية" ظهرت الى النور، وهناك الكثير بانتظار ذلك. وبظهورها كلها تتشكل مكتبة كبرى تبحث عن مختلف المعارف الإسلامية في أبعاد مختلفة، ربما عمّت فائدتها المجال غير الإسلامي.