أمين عام رابطة العالم الإسلامي يرأس اجتماع المؤسسة الثقافية الإسلامية بجنيف    القبض على باكستاني يروج الشبو بالشرقية    محافظ الخرج يستقبل مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف بالرياض    انعقاد مؤتمر الأمراض المناعية في تجمع عالمي وطبي    37 بلدة جنوبية مسحها الجيش الإسرائيلي وأكثر من 40 ألف وحدة سكنية دمرت    أطفال اليمن يتألقون بتراثهم الأصيل في حديقة السويدي    الولايات المتحدة تختار الرئيس ال47    الطائرة الإغاثية السعودية ال19 تصل إلى لبنان    سيناريو التعادل .. ماذا لو حصل كل مرشح على 269 صوتاً؟    "الصناعة والثروة المعدنية" تعلن فوز 11 شركة محلية وعالمية برخص الكشف في 6 مواقع تعدينية    اليوم الحاسم.. المخاوف تهيمن على الاقتراعات الأمريكية    المملكة تثري الثقافة العربية بانطلاق أعمال مبادرتها "الأسبوع العربي في اليونسكو" في باريس    مركز مشاريع البنية التحتية بالرياض يشارك في المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر بالقاهرة    توقعات بهطول الأمطار الرعدية على 5 مناطق    أرباح «أرامكو» تتجاوز التوقعات رغم تراجعها إلى 27.56 مليار دولار    إشكالية نقد الصحوة    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج للأندية    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    الاختبارات.. ضوابط وتسهيلات    النصر لا يخشى «العين»    الهلال يمزق شباك الاستقلال الإيراني بثلاثية في نخبة آسيا    المملكة ومولدوفا تعززان التعاون الثنائي    «جاهز للعرض» يستقطب فناني الشرقية    تركيا: نستهدف رفع حجم التجارة مع السعودية إلى 30 مليار دولار    المملكة تستحوذ على المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور    سلوكيات خاطئة في السينما    إعادة نشر !    «DNA» آخر في الأهلي    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    العلاج في الخارج.. حاجة أم عادة؟    تنوع تراثي    مسلسل حفريات الشوارع    للتميُّز..عنوان    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    منظومة رقمية متطورة للقدية    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    غيبوبة توقف ذاكرة ستيني عند عام 1980    " المعاناة التي تنتظر الهلال"    في الجولة الرابعة من دوري أبطال أوروبا.. قمة بين ريال مدريد وميلان.. وألونسو يعود إلى ليفربول    1800 شهيد فلسطيني في العملية البرية الإسرائيلية بغزة    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    في شهر ديسمبر المقبل.. مهرجان شتاء طنطورة يعود للعلا    ربط الرحلات بالذكاء الاصطناعي في «خرائط جوجل»    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    زرًعِية الشبحة القمح العضوي    الاستقلالية المطلقة    تشخيص حالات نقص افراز الغدة الدرقيه خلال الحمل    النظام الغذائي المحاكي للصيام يحسن صحة الكلى    «تطوير المدينة» تستعرض التنمية المستدامة في القاهرة    سعود بن بندر يهنئ مدير فرع التجارة بالشرقية    أمير تبوك يستقبل قنصل بنغلاديش    وزير الدفاع يستقبل نظيره العراقي ويوقّعان مذكرة تفاهم للتعاون العسكري    السعودية تؤكد دعمها لجهود التنوع الأحيائي وتدعو لمؤتمر مكافحة التصحر بالرياض        مقال ذو نوافذ مُطِلَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قفا نبك على ذكرى كتاب "اكتفاء القنوع بما هو مطبوع" . كشاف للكتب العربية التي صدرت في القرن التاسع عشر وقبله عن المطابع الشرقية والغربية
نشر في الحياة يوم 01 - 01 - 2001

"اكتفاء القنوع بما هو مطبوع"... هذا كتاب قديم مهم وقع في يدي مصادفة، ولم أجده ضمن مقتنيات "دار الكتب المصرية" العريقة، والكتاب يذكرنا بعصور الكتب العربية الجامعة في مواضيعها - على رغم أنه يعود إلى نهاية القرن التاسع عشر - ويدل على سمات كاتبيها من الاتقان والحرص وسعة المعلومات ومتانة الصياغة. لذلك رأيت من الفائدة أن أحاول عرضه لقراء اليوم، لما في ذلك من فوائد جمة.
الكتاب هو "اكتفاء القنوع بما هو مطبوع من أجل التآليف العربية في المطابع الشرقية والغربية". ويمكن القول إن للكتاب مؤلفين، أحدهما أجنبي سبقت اسمه صفحة "جامع الكتاب" وليس مؤلفه، وهو ادوارد بن كرنيليوس فنديك الذي انتهى من "جمع" كتابه في شهر آذار مارس سنة 1897، والثاني مصري سبق ولحق اسمه وصفه بأنه "صحح الكتاب وزاد فيه بعض الكلام" وهو السيد محمد علي الببلاوي.
قبل الدخول إلى مادة الكتاب هناك خمس ملاحظات مهمة:
الأولى: إن الصفتين الملتصقتين بالاسمين المذكورين على الغلاف: جامع ومصحح، تربكان القارئ، فالكتاب فيه جهد فكري ملحوظ لا يقتصر على جمع معلومات وسردها، كما يبدو أيضاً في مقدمة الكتاب" مما يحدوني أن أطلق على ادوارد فنديك صفة "المؤلف" بدلاً من صفة الجامع التي اطلقها على نفسه. ويبقى المربك فعلاً هو دور صاحبنا المصري محمد علي الببلاوي، ماذا صحح في الكتاب؟ وما هو الكلام الذي زاده فيه؟ فليست هناك هوامش منسوبة "للمصحح". وما هو معنى "تصحيح" هل هو تصحيح لغوي؟ أم "تحقيق" في المعنى المتعارف عليه الآن؟ وهل كتب أدوارد فنديك الكتاب باللغة العربية، أم قام محمد علي بالترجمة إليها؟ فاسم ادوارد فنديك ليس عربياًَ، وفي الوقت نفسه كان يعمل مدرساً في المدرسة الخديوية آنذاك. ويذكر أن جلّ أساتذة المدارس المصرية في القرن التاسع عشر ومطلع العشرين - بل وحتى قرب منتصفه - كانوا أجانب. ولم أجد في فهارس "دار الكتب المصرية" اسمه على الاطلاق" فهل لم ينشر سوى هذا الكتاب؟ من هو ادوارد كرنيليوس فنديك؟ أرجو ممن لديه معلومات عنه أن يوافينا بها وله الثواب.
وكذلك لم أجد أي معلومات عن محمد علي، الذي كتب أنه صحح الكتاب وزاد عليه. وأعتقد أنه حقق الكتاب لكن قواعد التحقيق المتعارف عليها الآن لم تكن معروفة في عهده في مصر. لكن كل هذا لا يحل الغموض المحيط بالكاتب والمحقق.
الملاحظة الثانية: هي أن الكاتب كتب كتابه هذا بإيعاز من "حضرة ناظر المدرسة الخديوية المرحوم أحمد نظيم بيك". لماذا؟ لأنه كان يثق في غيرة الكاتب "على تقدم التلامذة وعلى إحياء شوقهم إلى مطالعة الآداب العربية، وليستفيد منه كل تلميذ من تلاميذ المدارس المصرية". والواقع أنه ليس الكتاب الوحيد المهم في تراثنا العلمي القريب الذي يكتب خصيصاً من أجل تعليم تلاميذ المدارس. أذكر أن أوائل كتب تاريخ الفن باللغة العربية نشرت أساساً ككتب دراسية مقررة على تلاميذ المدارس السنوية، وتناولتُ بعضها في كتابي "نقوش على زمن". أرأيتم كيف كانوا يهتمون بالتعليم وقتها، وعرفتم لماذا انحدر التعليم في وقتنا؟
الملاحظة الثالثة: أن الكتاب يوضح فضل المستعربين على الثقافة العربية الحديثة في اهتمامهم بدراسة تراث العرب وترجمته ونشره في بلادهم، بل هناك كثير من المخطوطات العربية التي لم نعرفها إلا بعد أن اكتشفها مستعربون ونشروها بتحقيق أو من دون تحقيق أو أشاروا إليها أو إلى أماكن وجودها. فالكتاب أيضاً مرجع لكل الكتب العربية التي ترجمت وطبعت أو طبعت من دون ترجمة في أوروبا حتى وقته، مع ذكر نبذة عن المترجم ومكان وسنة الطبع، أحياناً ذكر لظروف الترجمة أو الملابسات التي أحاطت بها.
وبالتالي نتعرف على كل المستعربين الأوروبيين في القرنين الثامن والتاسع عشر، كما نتعرف على العواصم مناط الاهتمام بالدراسات الشرقية في أوروبا في ذلك الوقت، مثلا لايدن، ولايبسغ، ولندن، وباريس، وغيرها. ويضاف إلى هذه المدن الأوروبية مدينة آسيوية هل كلكتا في الهند، وذلك بسبب وجود عدد من المستشرقين ضمن الجالية الإنكليزية الكبيرة التي كانت تقيم في الهند بعدما احتلتها بريطانيا عندما كانت الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، ومن هنا فهذا الكتاب شديد الأهمية لمن يتناول موضوع المستشرقين والاستشراق، ليتزود منه بمعلومات أساسية.
الملاحظة الرابعة: إن الكتاب حرص على ذكر التواريخ كلها بالتقويمين الهجري والميلادي، ولم يكتف بتقويم واحد ما يدل على دقة صاحبيه.
الملاحظة الخامسة: إن الكتاب ليس مجرد فهرس جامع لكل الكتب العربية المطبوعة حتى وقت جمعه، بل هو رحلة ملخصة لتاريخ الفكر العربي، مصنفاً طبقاً لمواضيعه" ولذلك نجده لا يقتصر فقط على ذكر الكتب العربية التي تمت ترجمتها إلى لغات أخرى، لكنه يذكر الترجمة وتفاصيل عنها إن وجدت" ما يضاعف من فائدته.
لذلك فهذا الكتاب يعتبر بحق مرجعاً مهماً، ما يدعوني إلى التفكير في إعادة طبعه في مطبعة دار الكتب والوثائق القومية في مصر. فهو - باختصار - يضم فهارس الكتب العربية التي طبعت منذ بدء الطباعة وحتى تاريخ جمعه. ولكنه بالتفصيل لا يقتصر على الفهارس، بل يضم نبذة مختصرة عن مضمون كل كتاب، وتاريخ طباعة كل طبعة منه ومكانها، وأحياناً ظروف الطباعة إذا أحاطت بها ظروف خاصة، ما يكشف لنا عن كثير من المعلومات المطوية.
وهو لا يقتصر على كل ذلك، ففي مقدمة الكتاب ثراء معرفي، منه:
- بيان بدور الكتب المحفوظ في خزائنها كتب عربية مخطوطة أو مطبوعة حتى ذاك الوقت، وهي عشرون داراً في عشرين مدينة كلها أوروبية ما عدا أربعة دور كتب عربية فقط هي الأقدم في عالمنا العربي" وهي: كتبخانة بغداد على دجلة، وكتبخانة قبة الملك الظاهر في دمشق، والكتبخانة الصادقية في تونس، والكتبخانة الخديوية في مصر.
- بيان بالفهارس العامة للكتب العربية المعروفة آنذاك، ونبذة مختصرة عن مفهرسيها" وهي تسعة فهارس: كتاب "الفهرست" لابن أبي يعقوب النديم، وكتاب "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" لمصطفى بن عبدالله كاتب شلبي المعروف باسم حاجي خليفة، والفهرسان مترجمان إلى اللغة الألمانية، وفهرس العلامة الفرنسي دي ساسي، وفهرس العلامة الألماني زنكر المسمى ب"المكتبة الشرقية"، وهناك فهرس آخر باسم المكتبة الشرقية لعلامة ألماني آخر هو فريدريسي، وفهرس دوري للكتب الشرقية كانت تصدره دار بريل للنشر، وكتاب "مفتاح السعادة" لطاشكبري زاده، وفهرس الكتب العربية والتركية والفارسية والجاوية كان موجوداً في الكتبخانة الخديوية وهو مطبوع في مصر في عشرة أجزاء كبار، وما يزال هذا الكتاب في دار الكتب المصرية حتى اليوم، وأخيراً "الببلوغرافيا الشرقية" للعلامة الألماني أغسطس مولر.
ومن أهمية كتاب "اكتفاء القنوع بما هو مطبوع من أجل التآليف العربية في المطابع الشرقية والغربية" أنه فهرس جامع مختصر لكل ما ورد ذكره في الفهارس التسعة السابقة من كتب عربية فقط، فضلاً ما أضافه صاحباه من كتب أخرى، ما يؤكد جدراته المرجعية.
والكتاب لا يكتفي فقط بكونه فهرساً جامعاً، بل أرى أن أهم ما فيه هو ذكره لترجمات الكتب العربية المترجمة أصلاً من اللغة اللاتينية، وكتب الفلسفة والمنطق والطب والعلوم العربية القائمة على كتب لاتينية أو مستفيدة منها أو مناقشة لها أو مضيفة عليها. هذا الإنتاج الفكري المهم الذي استفادت منه أوروبا في بناء عصر تنويرها، ومن ثم تطورها الحديث. وهو الانتاج الذي يمثل حلقة الوصل بين الثقافة اللاتينية والثقافة الأوروبية الحديثة ولعبت فيه الثقافة العربية - الإسلامية الدور الوحيد. فيتحدث الكتاب عمن يسميهم "النقلة أي المترجمين" مثل حنين بن اسحق العبادي، واسحق بن حنين، وأبي الحسن ثابت بن قره بن هارون، وعبد الله بن المقفع الذي ترجم كتاب "الايساغوجي" أي "المدخل إلى المنطق" للفيلسوف اليوناني لبرفيوبوس ملخوس.
كما يذكر دور الفلاسفة والعلماء العرب وأهم كتبهم التي أثرت في الفكر والعلوم الأوروبية منذ عصر النهضة هناك، ونلاحظ أن كتبهم هي أول كتب تترجم وتطبع بعد اختراع المطبعة، فأشهر مصنفات ابن رشد "الكليات في الطب" طبعت ترجمتها اللاتينية في مدينة البندقية سنة 1482 و1514، وله مقالة في الحميات طبعت في البندقية أيضاً سنة 1594. وكتاب "الحاوي في الطب" للرازي طبع في البندقية سنة 1509 و1543. وكتاب الكندي عن تركيب الأدوية ترجم إلى اللاتينية وطبع سنة 1531 في استراسبورغ، وكتابه في الامطار والرياح ترجم إلى اللاتينية وطبع سنة 1567 في البندقية/ فينيسيا. وكتاب ابن سينا "القانون في الطب" الذي التزم فيه مذهب جالينوس اليوناني طبع في روما في أربعة أجزاء سنة 1593. وطبع كتاب نصر الدين علي الطوسي "مختصر مقاصد حكمة فلاسفة العرب" في باريس سنة 1641، وترجم العلامة بوكوك إلى اللغة اللاتينية "الرسالة الفلسفية في أسرار الحكمة المشرقية" لابن طفيل وطبعها في اكسفورد سنة 1671. وطبع مصنف جابر بن حيان في أسرار الكيمياء سنة 1688 في لايدن. ومصنف الخوارزمي في الجبر طبع في لندن سنة 1831 مع ترجمة إنكليزية للعلامة روزن. وكتب الفارابي أيضاً ترجمت مثل "رسائل في الفلسفة" الذي طبعه العلامة شولدرس في بون 1836. وطبعت "رسالة في التعريفات" للشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي في لايبسغ سنة 1845. وفي المدينة نفسها والسنة ذاتها طبع العلامة الألماني فوغل كتاب علي بن محمد الجرجاني "التعريفات في مصطلح الفلسفة والعلوم".
لذلك كان من الطبيعي أن يبدأ كتاب "اكتفاء القنوع" بعد المقدمة بباب مختصر عن اللغة العربية: تاريخها، وأقدم الكتابات العربية المحفورة، وانتشار اللغة العربية خارج جزيرة العرب، واللغة الحديثة أي الدارجة، وذكر لمرجع العلامتين: دوزي وانغلمان الذي يضم الكلمات العربية الداخلة في اللغتين الأسبانية والبرتغالية، وبداية اهتمام أوروبا بتعلم اللغة العربية منذ القرن السادس عشر، وذكر للقواميس الغربية للغة العربية، وكتب المختارات من الآداب العربية التي ترجمت في أوروبا، بل وكتب مستعربين في الصرف والنحو للهجات العربية الدارجة.
الباب الثاني من الكتاب يتناول - باختصار يتفق مع طبيعة الكتاب - الشعر الجاهلي، وبخاصة المعلقات، وذكر كل من اعتنى بها من الأجانب، مثل ديوان النابغة الذبياني الذي طبع في باريس عام 1869 بترجمة فرنسية للعلامة دارانبورغ. ويذكر الكتاب أشعار الحماسة وأهم الدواوين العربية القديمة بغض النظر عن ترجمتها إلى لغات أجنبية، لكنه يذكر الترجمة إن وجدت. كما يذكر الكتاب نبذاً عن الشعراء المخضرمين مثل حسان بن ثابت والخنساء، ويكمل مسيرة الشعر العربي مع أشهر شعراء بني أمية.
ويفرد الكتاب فصلاً خاصاً في الباب الثاني عن العصر العباسي، ويطلق عليه "زمن الزهوائي زمن النهضة العظيمة"، يسجل فيه أهم الذين كتبوا في الجغرافيا مثل رئيس البريد ابن خرداذبه صاحب كتاب "المسالك والممالك" الذي اعتنى بطبعه العلامة ذي جويه في لايدن سنة 1889. وكتاب أحمد بن الفقيه الهمذاني في جغرافية جزيرة العرب الذي طبع في لايدن أيضاً سنة 1891 بضبط وتصحيح من العلامة داود هاينرخ مولر.
ونلاحظ هنا أن مدينة لايدن كانت من أبرز المدن الأوروبية التي تمت فيها عمليات تحقيق وطبع المخطوطات العربية، ففيها تمت للمرة الأولى طباعة كتاب ابن حوقل "المسالك والممالك والمفاوز والمهالك" عام 1871، وترجم الى اللغة الفارسية ومنها إلى الإنكليزية. وابن حوقل الذي عاش في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي من السياح المشهورين في بلاد المسلمين. كما شهدت لايدن طباعة كتاب شمي الدين المقدسي "أحسن التقاسيم في معرفة الاقاليم"، ومعجم الزمخشري المسمى "كتاب الجبال والأمكنة والمياه" الذي طبع عام 1856، وكتاب الإدريسي المعروف في وصف افريقيا وأسبانيا، وطبع العام 1866. كل هذه الكتب - في الجغرافيا فقط، وغيرها كثير - طبعت في لايدن، لكن اثنين من أهم كتب الجغرافيا الإسلامية لم يطبعها في لايدن وهما "معجم البلدان" لياقوت الحموي الذي اعتنى بطبعه العلامة الألماني ووستنفلد في لايبسغ من سنة 1866 إلى 1873، و"رحلة ابن بطوطة" التي أعتنى بطبعها العلامتان ديفرمري وسنغوينتي في باريس من 1874 إلى 1877 مع ترجمة فرنسية.
وإذا نظرنا إلى كتب التاريخ الإسلامي، نجد أن العلامة الألماني ووستنفلد طبع على الحجر كتاب "المعارف" لابن قتيبه في غوتنغن سنة 1850، وطبع في المدينة نفسها كتاب ابن هشام في السيرة النبوية من 1857 إلى 1860. كما طبع العلامة نفسه كتاب الأزرقي "أخبار أيام مدينة مكة" في لايبسغ العام 1858. وطبع العلامة النمسوي فون كرامر أشهر مؤلفات الواقدي المسمى بالمغازى في كلكتا في الهند العام 1856، وهو الكتاب ذاته الذي طبع في القاهرة بعد ذلك تحت اسم "فتوح الإسلام".
وإذا انتقلنا إلى كتب التاريخ العام، نجد أن من أشهر هذه الكتب "مروج الذهب" للمسعودي، طُبع مع ترجمة فرنسية في باريس من 1861 إلى 1877 عن طريق العلامة دي ماينار. وطبع بعد ذلك في مطبعة بولاق أول مطبعة في مصر. وطبع كتاب جلال الدين السيوطي "لب اللباب في تحرير الأنساب" في لايدن من 1840 إلى 1843. أما فيلسوف المؤرخين ابن خلدون فقد اعتنى البارون دي سلاين رئيس المترجمين في الجيش الفرنسي في افريقيا بطبع تاريخه المشهور في بولاق وفي الجزائر سنة 1851، وطبعت مقدمته الأشهر في باريس سنة 1850. وتمت طباعة كتاب المقري المسمى "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب" في لايدن من 1855 إلى 1861.
يفرد كتاب "اكتفاء القنوع"، صفحات خاصة لأشهر من كتبوا في تاريخ مصر ووصفها وخططها، وعددهم عشرة ذكرهم بالتتابع منتهياً إلى أحدثهم في عهده، بادئاً بموفق الدين عبد اللطيف البغدادي وله كتاب اسمه "العبر والخبر في عجائب مصر" اعتنى بطبعه العلامة الإنكليزي هوايت في اكسفورد سنة 1800. ثم المقريزي وله كتابه "السلوك في معرفة دول الملوك" اعتنى بطبعه العلامة الألماني ووستنفلد في غوتنغن سنة 1845، كما طبعت رسالته "في النقود الإسلامية" في روستك سنة 1897. والواقع أنه يجب أن نقف طويلاً أمام جهود العلامة ووستنفلد" فهو من أكثر المستعربين نشاطاً واهتماماً بطباعة المخطوطات العربية، ومن أهم ما طبعه كتاب ابن خلكان المعروف "وفيات الأعيان" في ثلاثة عشر جزءاً في غوتنغن من سنة 1840 إلى 1865.
كتاب ابن تغري بردي "النجوم الزاهرة في أخبار ملوك مصر والقاهرة" طبع في لايدن سنة 1853 باعتناء العلامتين غوينبول ومتثيس. ومن الكتب العربية التي سبقت في تاريخ الطباعة في أوروبا "عجائب المقدور في أخبار تيمور" للقاضي شهاب الدين أحمد ابن عرب شاه الدمشقي، وهو عن سيرة تيمور لنك، طبعه العلامة جوليوس في لايدن سنة 1636.
ومن المعلومات المهمة التي يعرضها كتاب "اكتفاء القنوع" تلك المتعلقة بطباعة الكتب الدينية وعلى رأسها القرآن الكريم، ثم كتب التفسير والحديث والفقه وأصول الدين. فقد طبع القرآن الكريم في هامبورغ في المانيا سنة 1649، ثم في بادوا في ايطاليا سنة 1698، وتوالت طبعاته في مدن أوروبية مختلفة.
مدينة كلكتا الهندية تميزت بطباعة عدد من الكتب الدينية الإسلامية المهمة، فطبع فيها العلامة الإنكليزي لي كتاب الزمخشري "الكشاف عن حقائق التنزيل" سنة 1856، كما طبع في المدينة نفسها "المسند الصحيح" للإمام مسلم سنة 1265 ه. وكتاب الترمذي "شمائل النبي" سنة 1262 ه، وكتاب الإمام الأعظم أبي حنيفة "فتاوى قاضي خان" في أربعة أجزاء سنة 1835م.
أما أهم كتب الفقه المالكي فطبع في باريس وهو كتاب أبي الضياء خليل بن اسحق "المختصر في الفقه"، وطبع خمس مرات بين سنة 1848 و1883. بينما طبع أهم كتاب في الفقه الشافعي في لايدن سنة 1859 مع ترجمة فرنسية للعلامة كابيزار، وهو مختصر أبي شجاع أحمد الأصفهاني.
كتاب أبو حامد محمد الغزالي "المنقذ من الضلال" وهو من أهم كتب السيرة الذاتية طبع في باريس سنة 1843 عن طريق العلامة شمولدرس. بينما طبع كتابه "المقالة الولدية" التي يخاطب فيها غلاماً بقوله: يا ولد، في فينا سنة 1838 مع ترجمة ألمانية للعلامة فون هامر. وطبع كتاب الشهرستاني "الملل والنحل" في لندن سنة 1846.
هذا بعض من فيض كتاب "اكتفاء القنوع بما هو مطبوع من أجل التآليف العربية في المطابع الشرقية والغربية". وتحية عطرة لذكرى جامعه ادوارد فنديك ومصححه الببلاوي.
* رئيس مجلس ادارة "دار الكتب والوثائق القومية" المصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.