القدرات الرياضية للمرأة فاقت كل حدود، ولم تعد تقتصر على تفوقها في مضمار السرعة أو في حوض السباحة او في الملاعب بشتى انواعها او حتى في حلبات الملاكمة والمصارعة... بل تجاوزتها الى ما هو اقسى واخطر: رياضة السيارات. المرأة شاركت في هذا النوع من الرياضة منذ سنوات وحققت انجازات لا بأس بها، لكن فوز الالمانية يوتا كلينشميدت برالي باريس - داكار الشهير،الذي يعد احد اقسى الراليات في العالم واخطرها كونه شهد حالات وفاة عدة في السابق، أكد ان لا حدود يمكن ان تقف امام المرأة الرياضية. وباتت كلينشميدت اول امرأة تفوز بهذا اللقب، وعلى حساب نخبة من ابرز السائقين في مقدمهم الياباني هيروشي ماسوياكا ومواطنه كنجيرو شينوزوكا والفرنسي جان بيار فونتاناي ومواطنه جان لوي شليسر. والفوز لم يكن وليد الصدفة بل كان نتاجاً لعمل تدريجي توج بداية بحصولها على المركز الثالث للسباق ذاته قبل عامين. وهكذا طوت كلينشميدت، التي شاركت في الرالي للمرة ال11 في مسيرتها الرياضية التي استهلتها في قيادة الدراجات النارية، نهائياً صفحة تجسيد المرأة صورة "الابتسامة الناعمة" التي تؤنس مسيرة نخبة السائقين العالميين المتخصصين في مشوار المسارات الوعرة التي تمتد بين اوروبا وافريقيا، وصنعت اسطورة تفوقها عليهم، على رغم اعترافها نفسها بان ميزات الرالي الفنية والتقنية تساوي بين الرجال والسيدات لجهة درجة الصعوبة العالية: "والتي تفوق قدرة تحمل الجنس البشري عموماً احياناً". الا ان هذه الصفة لم تخف لمسة كلينشميدت 38 عاماً الناعمة، لجهة اشادتها بمنافسيها بعد الرالي، وفي مقدمهم الفرنسي جان لويس شليسر، بطل العامين الماضيين، الذي عاقبه المنظمون باضافة ساعة الى وقته بسبب ارتكابه مخالفة في المرحلة الخاصة ال19، وماسوياكا التي اسفت لعدم احرازه اللقب، بعدما تصدر غالبية مراحل الرالي، قبل ان يواجه مشكلات تقنية متتالية، عرقلت تقدمه بدءاً من المرحلة الخاصة ال11. كما لم تنسَ كلينشميدت الاعتراف بالفضل الكبير لمعاونها الالماني اندرياس شولتز، الذي امن متطلبات توفير الارشادات المثالية لتجنب عقبة ارتكاب الاخطاء الكثيرة، والتي غالباً ما يدفع السائقون ثمنها غالياً على الطرقات الوعرة. وعموماً عكس انجاز كلينشميدت ميزة الثقة، التي لا توفرها المشاركات النسائية غالباً في هذا الرالي، علماً انها كانت اعلنت في تصريحاتها الصحافية التي سبقت انطلاق المنافسات في اليوم الاول من العام الحالي، انها واثقة من قدرتها على المنافسة جدياً على المقدمة واستغلال اي فرصة لاحراز اللقب الذي تحقق فعلياً. وتبقى اشارة الى ان كلينشميدت لم تصنع الانجاز النسائي الاول في تاريخ منافسات الراليات عموماً، اذ سبقتها الفرنسية ميشيل موتون الى الفوز في رالي سان ريمو الايطالي عام 1981، لكن شتان ما بينه وبين رالي باريس - داكار.