في إطار "ثورة العلوم الاجتماعية"، عربياً، وتحت مظلتها تبلورت مشروعات فكرية - بحثية عدة، في المشرق والمغرب، تهدف إلى دراسة التراث على أسس مختلفة وبرؤى مغايرة كما تهدف الى تحليل "العقل العربي" أو "الإسلامي" ونقده في ضوء معطيات العلوم الاجتماعية ومستجداتها المنهجية والنظرية. وإذا كانت هذه "المشروعات" الفكرية العربية الجديدة بدأت تظهر منذ أواخر سبعينات القرن، فإنه لا بد من الإشارة الى "مشروع" تأسيسي سبقها منذ أواخر الثلاثينات وهو مشروع الباحث والمفكر المصري الرائد أحمد أمين الموسوم "فجر الإسلام" و"ضحى الإسلام" و"ظهر الإسلام" في أجزاء عدة، وهو مشروع فذ وجديد من نوعه لدراسة العقل العربي وليس من الإنصاف أو الأمانة الفكرية والتاريخية إغفاله اليوم لدى الحديث عن المشروعات الفكرية "الجديدة" لنقد العقل العربي. إذ ليس من المبالغة القول إن أحمد أمين 1886- 1954 هو الرائد الأسبق لفكرة ونموذج "المشروع" الفكري - البحثي في دراسة العقل العربي الإسلامي وتحليله و"نقده"، وقد تأسست أجيال عربية عدة على هذا العمل المرجعي المهم منذ صدوره أواخر العشرينات 1927 - 1928. وأي حديث عن "تجديد" في دراسة العقل العربي الإسلامي و"نقده" لا يعطي هذا الرائد الفكري حقه وسبق ريادته سيكون حديثاً منقوصاً أو متحيزاً، خصوصاً أنه صدر في حقبة من تاريخ الثقافة العربية كان التفكير في مباشرة مثل هذا "الحفر" المعرفي في التراث العقلي، وغير العقلي، الإسلامي يعتبر مغامرة غير مأمونة العواقب ويتطلب إبداعاً في النظر، وجرأة في الطرح لا يمكن أن يتوافرا إلا لعقل نافذ ومنظم وسبّاق مثل "عقل" أحمد أمين. واستمر الرجل في مشروعه لسنوات طويلة الى أن أكمله على رغم ما واجهه من عقبات عملية وبحثية، وأخرى متعلقة بحرية الفكر وأمن المفكر في البيئة العربية الإسلامية بتقاليدها المعهودة. كما أن موقفه "العقلاني" و"النقدي" المتحرر ظل ملازماً له إلى نهاية مشروعه ولم يتخل عن منهجيته ولا استقلاله الفكري وكان أقرب ما يكون الى المفكر "الليبرالي". وعلى رغم أن أحمد امين درس مختلف جوانب التراث الإسلامي من فقه وأدب و"كلام" وفلسفة وتصوف ولم يقتصر بحثه على الجانب العقلي المحض، إلا أن موقفه منذ ذلك الوقت المبكر كان بوضوح، وبلا تردد، مع المنزع العقلاني في الإسلام، وإلى جانب المعتزلة والفلاسفة الإسلاميين. وعلى رغم صدور دراسات وأبحاث استشراقية وعربية تخصصية قبل مشروعه في موضوعات العقل الكلامي والفلسفي في الإسلام، إلا أن "فجر الإسلام وضحاه وظهره" كان أول عمل عربي "بانورامي" شامل للنتاج الثقافي المكتوب في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية منذ أقدم عصورها. وبطبيعة الحال، اعتمد أحمد امين على من سبقه من مستشرقين وغيرهم، وتأثر منهجه وتحليله وأسلوبه بمعطيات الأبحاث والدراسات السائدة في الأوساط الأكاديمية الأوروبية والغربية في زمنه. ولم يخل مشروعه، كما في تاريخ أي علم، من نواقص وهنات، كما أن مواقفه من بعض الفرق والمذاهب الإسلامية وبعض آرائه وتقويماته الأخرى يمكن أن يكون موضع نقد ومعارضة وتصحيح. إلا أن هذا كله، يجب ألا يؤدي الى تجاهل مثل هذا المشروع الرائد وإغفاله عند الحديث عن المشروعات الفكرية المستجدة في العقود الأخيرة من هذا القرن، إذا كنا نؤمن بأهمية "التراكم" الثقافي في تاريخنا الفكري - وأهمية أي "تراكم" حضاري متقدم في تاريخنا العام كله، ففي تاريخ الفكر والحضارة، كما في تاريخ المجتمع والسياسة، لا يمكن أي عمل بشري، أياً كان، أن "يجب" ما قبله. وهي "ظاهرة" سائدة للأسف بين مثقفينا ومفكرينا "الكبار" عندما يأتون بعمل أو مشروع، فيتصورون أنهم قد بدأوا التاريخ من جديد، وكل ما عدا عملهم من بقايا "ما قبل التاريخ"، هذا إذا اعترفوا بوجوده أصلاً. وهذا ما يصم موقف عابد الجابري من رواد نقد العقل في الثقافة العربية الذين لا يشير إليهم إلا من باب الانتقاد المشوب بالاستصغار، على رغم كونهم أساتذة لجيله. وعندما نؤرخ للمشروعات الفكرية المستجدة في العقود الأخيرة وبعد صدمة الهزيمة، فإننا نلحظ أن الباحثين "اليساريين" هم الذين بادروا الى وضع هذه المشروعات والنماذج البحثية لدراسة التراث العربي الإسلامي من وجهة نظر علم الاجتماع الماركسي ونظريته في تفسير التاريخ. وهنا أيضاً لا بد من الإشارة الى سبق محمود أمين العالم قبل حقبة الهزيمة في التأصيل لمثل هذه الدراسات ذات الصبغة "الايديولوجية" - أياً كان موقفنا منها - وذلك في دراسته الموجزة المبكرة "الفكر العلمي عند العرب" التي نشرها في مجلة "كتابات مصرية" 1956 وحاول فيها: "أن يفسر الفكر العربي الإسلامي في العصر الوسيط تفسيراً مادياً تاريخياً" كما أرخ د.حليم بركات - المجتمع العربي المعاصر، مصدر سابق، ص 437. في مطلع السبعينات 1971 أنجز المفكر اليساري السوري د.طيب تيزيني المرحلة الأولى من "مشروع رؤية جديدة للفكر العربي في العصر الوسيط" ولعله المشروع الأول من نوعه - زمنياً - في هذه السلسلة من المشروعات الفكرية - البحثية المستجدة. وجاء منزع التفسير "المادي" للفكر الفلسفي "العربي" - كما أسماه الباحث - نهجاً طبع هذا المشروع البحثي بطابعه، حيث نجد فكر الفارابي في المشروع معبراً عن "الإرهاصات المادية الفلسفية" وفكر ابن سينا باعتباره: "التحويل الجدي لمفهوم أرسطو عن المادة... كثورة عميقة في تجاوز ثنائية: مادة - صورة وإله - عالم"، وفكر ابن طفيل كامتداد طبيعي لفكر ابن سينا "المادي الهرطقي"" بينما اعتبر فكر ابن رشد "قمة الفكر المادي العقلاني الوسيط، ومقدمة ابن خلدون مؤشر: "نشوء تبلور الفكر الاجتماعي المادي... ومفهوم الوجود الاجتماعي المادي بشكل أولي". وفي خاتمة الكتاب الأول نجد أن ابن خلدون قد غدا مفكراً "ماركسياً" قبل ماركس لأنه رأى - بحسب تعبير د. تيزيني - "أن المجتمع الإنساني ينبغي أن يفهم في حتميته المادية، وهذه الحتمية في الوقت الذي تعني: "أسلوب تحصيل المعاش المادي" فإنها بعيدة من الفهم الميكانيكي، ذلك لأن ابن خلدون اعتبر "العمل" الإنساني مبدع التاريخ أولاً وأخيراً" - طيب تيزيني، مشروع رؤية، المرحلة الأولى، دار دمشق 1972، ص407. ومن البيّن أن هذه "الأدلجة" للتاريخ الفكري في الحضارة العربية الإسلامية في ضوء التنظير الماركسي المعبر عن فكر القرن الأوروبي التاسع عشر، لا تخلو - على طرافتها - من تلوين متحزب للحقيقة. بعد عقد آخر، وفي أواخر السبعينات، أصدر مفكر عربي ماركسي آخر هو د.حسن مروة كتاب "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية"، وهو: "دراسة مادية تاريخية للتراث، إنما من ضمن الاهتمام بالحاضر والمستقبل، فيقرن التحليل بالتقييم في إطار التيارات الفكرية المتصارعة والقضايا الإشكالية بما فيها منشأ الأفكار ودورها الاجتماعي والتاريخي وعلاقتها بالإيديولوجيا الرسمية السائدة. كذلك حلل حسين مروة الفلسفة العربية الإسلامية في إطار نمط الإنتاج السائد الذي وصفه بأنه أسلوب انتاج إقطاعي وتداخل مع بقايا العبودية المنحلة والإقطاع التجاري المتنامي الى جانب نمو الصناعات الحرفية المتطورة نسبياً في المجتمع العربي الإسلامي خلال العصور العباسية... من هنا الطابع الصراعي في الفكر العربي القديم والحديث" - د. حليم بركات، المجتمع العربي المعاصر، مصدر سابق، ص437- 438. وضمن هذا اللفيف من مفكري الماركسية واليسار، لا بد من الإشارة الى موقع د. صادق جلال العظم الذي وإن لم يطرح مشروعاً بحثياً شاملاً في دراسة التراث تاريخياً نظير تيزيني ومروة، فإنه طرح أفكاراً واتخذ مواقف أثارت جدلاً حاداً، ولا تزال، في الفكر العربي المعاصر. ويعتبر صادق العظم من المفكرين العرب الذين أثرت هزيمة حزيران 1967 في تفكيرهم ونتاجهم تأثيراً مباشراً وأحدثت لديهم انعطافاً لافتاً. فبعد أن كان منشغلاً - قبل الهزيمة - بتدريس الفلسفة في الجامعة الأميركية في بيروت ويكتب في الحب العذري والفكر الليبرالي الغربي - على اقترابه ايديولوجياً من الفكر المادي - نراه بعد الهزيمة مباشرة يصدر كتاب "النقد الذاتي بعد الهزيمة" 1968، وكتاب "نقد الفكر الديني" الذي تضمن نقداً مباشراً - وإن يكن غير متعمق - للمعتقدات الدينية وللتيار السياسي الناصري في الوقت ذاته، ما أدى الى تقديمه للمحاكمة في بيروت ومصادرة الكتاب ثم الإفراج عنه قضائياً. وبينما وصف د. صلاح الدين المنجد الكتاب بأنه: "كتاب في ذاته تافه لا يقوم على جد ولا يتصف بالعلم لأنه افتقد: المنهج العلمي الصحيح، وحسن الاطلاع على المادة، والأمانة في نقل النصوص، والقدرة على فهمها بعد أن وصف صاحبه بأوصاف ذاتية قاسية من جهل وهذيان"، راجع مقدمة كتاب الرد على صادق العظم لمحمد عزت نصر الله، رأى د. حليم بركات في المقابل أن صادق العظم: "تعرّض بجرأة تذكرنا بشبلي وفرح انطون في نقد الفكر المثالي..." - مصدر سابق ص 435. ومن الواضح أن الناقدين المنجد وبركات يصدران في نقدهما الكتاب عن مرجعيتين فكريتين متعارضتين: الأولى تراثية إسلامية، والثانية مادية علمانية، وهي مواجهة بين المرجعيتين العقائديتين صارت أكثر بروزاً واتساعاً مع بداية تصدع المشروع التوفيقي الناصري والقومي عموماً بعد الهزيمة، وكان الجدل حول كتاب العظم "نقد الفكر الديني" 1969 من مؤشراتها المبكرة، وقبل غياب عبدالناصر ذاته عام 1970. وإذا كان العظم - وهنا موضوع الطرافة في سيرته الفكرية - قد استهل حياته الفكرية في الستينات بالدفاع عن ابليس وتبرير تمرده، فإن من آخر أعماله في التسعينات الدفاع عن "آيات شيطانية" وصاحبها سلمان رشدي، وذلك ما لم يفكر في القيام به في بحث مسهب أي كاتب عربي آخر. راجع كتاب العظم، ذهنية التحريم: سلمان رشدي وحقيقة الأدب، دار رياض الريس، 1992، ص223 - 408. وهكذا فإن خصوم صادق العظم لن يعوزهم القول إنه "ممثل ابليس" - بامتياز - والناطق الرسمي باسمه في الثقافة العربية الحديثة!! بكل ما يعنيه ذلك من تمرد راديكالي يستحسنه البعض ويستقبحه - والعياذ بالله - البعض الآخر. وقد ظل صادق العظم من المفكرين الماركسيين القلائل الذين التزموا خطهم الفكري الماركسي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وانحسار الشيوعية العالمية، حيث جاء كتابه "دفاعاً عن المادية والتاريخ" 1990 إعادة تأكيد - في عام الانهيار - لهذا الالتزام في وقت تخلى كثر من اليساريين العرب عن مواقفهم. وإذا كان مثل هذا الموقف الملتزم يعكس ثبات صاحبه - مبدئياً - على قناعته، فإنه من الناحية الفكرية المعرفية قد بدا لأحد نقاد المرحلة الجديدة - وهو د. علي حرب - موقفاً "تقليدياً رجعياً" حيث نقده بقوله: "إننا نشهد فعلاً تبدلاً جذرياً في خريطة الفكر، بل نشهد ثورة معرفية لا سابق لها، يبدو إزاءها الخطاب الماركسي خطاباً تقليدياً رجعياً. يتجلى ذلك في خريطة الحدود وقلب المفاهيم ونبش الأصول وزحزحة الإشكالات وتفتيت الهويات وتفكيك المعاني وتفجير الخطابات وزعزعة اليقينيات... إن المشهد المعرفي يتغير برمته. فهناك عالم من المفاهيم آخذ في الزوال وعالم آخر ينشأ ويتكون. ولكن العظم يشيح ببصره عما يجري بدليل أنه لم يجد مفكراً، بعد ماركس، يستحق الثناء. فهو لا يقر بمشروعية الفكر الراهن، لأن ذلك يفضح لعبة من الألاعيب التي تمارسها الإيديولوجيا الماركسية باسم الحقيقة" - علي حرب، نقد النص، المركز الثقافي العربي، ص 142- 143. إذا كان هذا النقد - القائم على نقد "النص" - يؤشر الى الموقع الخلفي الذي تراجعت إليه الماركسية وغيرها من الإيديولوجيات "الإيجابية" في خريطة الفكر الجديد، فإن "منطوق" النص النقدي ذاته لعلي حرب والمستند إلى: "خربطة الحدود... ونبش الأصول... وتفتيت الهويات... وتفكيك المعاني... وتفجير الخطابات... وزعزعة اليقينيات" صار يعبّر عن تنامي تيار نقيض لعله المعادل الفكري لظاهرة الشعر المنثور وقصيدة النثر تحديداً، التي أصبحت بمثابة الاحتجاج، في اللغة كما في المضمون، لدى جيل لا يستهان بعدده من الكتّاب الشباب العرب ضد كل ما سبق من تيارات كلاسيكية أو تحديثية "عقلانية". وكان قد التقى - أصلاً - التياران الشعري والفكري لهذا الاتجاه في نتاج أدونيس ومدرسته من الأتباع. وإذا كان أدونيس قد أثبت نفسه كشاعر مبدع ومجدد بين أعلام الشعر العربي الحديث، كما تعمّد كاتباً ذا أسلوب متميز ومفارق في الكتابة العربية الحديثة، إلا أن مكانته كمفكر ذي صدقية بحثية لا يمكن الدفاع عنها حيث لم يسلم بحثه في الثابت والمتحول من انحيازاته الإيديولوجية والذاتية وهي نوازع تراوحت في سيرته بين القومية السورية، واليسارية، والناصرية، ثم مشايعة الثورة الإيرانية، بما تعدى منطلقه العلماني أساساً. وذلك ما أدى الى افتراق فكري حاد بينه وبين رفيقه جلال صادق العظم ضمن المدرسة العلمانية وإلى جدل عكس غربة الروح وليس حيرة الفكر فقط، بين رفقاء الطريق في هذا الزمن العربي. راجع كتاب العظم، ذهنية التحريم، دار الريس، 1992. وليس من التحامل عليه ما أشار إليه الناقد حاتم الصكر الذي لاحظ أنه يرفع تلاميذه ومشايعيه من أتباع طريقته الى مرتبة كبار الشعراء والمبدعين، بينما يغفل ذلك بالنسبة الى من هم أسبق وأحق من معارضيه. وفي تحول أخير، من هذه "التحولات" التي نرصدها في هذا الكتاب نجد ادونيس يعود الى التحفظ حيال "رجعية" التيار المحافظ في الثورة الإيرانية، كما أنه في إعادة نظر أخرى - لعلها من أصدق مراجعاته - ينبه اتباع مدرسته من كتّاب قصيدة النثر الى أن كتاباتهم قد غدت "كتابة بلا كاتب"... كتابة هجينة لا يعرف لها أب أو أصل... ولا تعكس بصدق ذاتية كاتبها المنسحق خلف "النص"... "النص" الذي أصبح عالماً قائماً بذاته، منفصلاً ومنقطعاً عن العالم، في بوتقة سجن اللغة التي أقامها لنفسه و"لا شيء خارج اللغة"...!! غير أن هذا الاعتراف بالخطأ، جاء بعد فوات الأوان، حيث تأسس جيل من الكتّاب على تلك الكتابة الهجينة التي لا يعرف لها - فعلاً - أب ولا أصل...!! والمفارقة ان هذه المدرسة التي تدعو إلى "نبش" و"تفكيك" كل النصوص والمدارس، لم تقم بعد بمراجعة "نصها" الذي تأسست عليه، كيف سيبدو، وماذا يبقى منه، بعد النبش والتفكيك اللذين تمارسهما حيال النصوص الأخرى. وهو "تفكيك ونبش" من المشروع أن نسأل: ماذا بعده، وما الأفق المعرفي التالي الذي يفتحه؟ هل ثمة "تأسيس" لأي شيء جديد؟ أم وقوف عند التفكيك والزعزعة ليس إلا؟ أي بعبارة أدق: الرفض من أجل الرفض ذاته، من دون إبداع يمكن التأسيس عليه... في الغرب، تأتي مدارس المراجعة والمساءلة والنقض، بعد نتاج طويل من العطاء الفلسفي المتعين والمترسخ، فهل ينطبق ذلك على الحال الفكرية العربية؟ وبالأدوات المعرفية التفكيكية ذاتها؟ أسئلة لم "تتعقلها" أصوات "اللامعقول" في ثقافة المرحلة، وإن كانت تعبر عن حاجة نفسية وفكرية لدى جيل من شباب حقبة الهزيمة، أراد الثأر لنفسه منها ومن أوضاعها ورواسبها المثقلة. فلم تأت "كتابته" السوريالية اكثر من تعبير فوقي عن لا معقولية بنى الهزيمة التحتية... ذاتها، فكانت تلك الكتابة أبعد ما تكون عن شعارات التخطي والتجاوز التي رفعها دعاتها. * كاتب بحريني، والنص يدرس جديد الثقافة العربية حتى سنة 2000 ميلادية.