تعاملت السلطات السورية ب"حياد ايجابي" مع "الوثيقة الأساسية" التي أصدرتها "لجان المجتمع المدني"، الأمر الذي شجع عدداً من "المترددين" كي يوقعوا عليها خلال تداولها في معظم المدن السورية. وقال أحد أعضاء الهيئة التأسيسية ميشيل كيلو إن عدد الموقعين "تجاوز ألف شخص"، واضاف ل"الحياة": "نحن ممتنون جداً لرحابة صدر الرئاسة" الممثلة بالرئيس بشار الأسد ل"تعاملها الايجابي مع الوثيقة" التي قدمت تقويماً للعقود السابقة، ومطالب جريئة لتوسيع هامش الحرية والديموقراطية في سورية. وكان كيلو يشير إلى سماح السلطات السورية بتوزيع الصحف العربية التي نشرت نص "الوثيقة"، من دون رقابة، وعدم اتخاذها أي اجراء فعلي ضد الموقعين عليها أو الصحافيين الذين كتبوا عنها في الأيام الأخيرة. إذ أن مسؤولاً في وزارة الإعلام اجتمع أمس مع أربعة من مراسلي وسائل الاعلام العربية والأجنبية، للتشديد على "التوازن والموضوعية في التغطية، ونقل الايجابيات والاصلاحات الاقتصادية من دون الاقتصار على سلبيات". وأشار المسؤول في الاجتماع الذي حضرته "الحياة" الى ضرورة "دعم الاصلاح والتغيير في شكل مدروس ومتأنٍ من دون اعطاء فرصة للقوى التي تعارض الاصلاح لعرقلة مسيرته"، علماً ان وسائل الاعلام الرسمية لم تشر الى نص "الوثيقة". وهذه هي المرة الثانية التي تتعامل فيها السلطات السورية ب"حياد ايجابي" مع تطور كهذا. بعد عدم اعتراضها أياً من الموقعين على "بيان ال99 مثقفاً" الذي صدر في أيلول سبتمبر الماضي. وكان مقرراً أن تعقد الهيئة التأسيسية مساء امس اجتماعاً ل"تقويم ردود فعل السلطة على الوثيقة". واعتبر أحدهم أن رد فعل السلطات "كان ايجابياً أكثر من المتوقع". وقال كيلو: "ما نريده هو تفعيل الحوار وإقامة مؤسسات المجتمع المدني في البلاد". لكن محللين عزوا طريقة التعامل الرسمية مع هذه التطورات الى "رغبة جدية في التغيير من جهة، وإلى خلق شرائح وتيارات توازن احتمالات حصول اي تطرف ديني في سورية، من جهة ثانية". وعلمت "الحياة" ان اتصالات اعضاء الهيئة "لم تنجح في ضم إسلاميين اليها، وهي مستمرة لضم احدهم وأشخاص ليبراليين معروفين". وما ساهم في عدم "استفزاز" الحكومة حرص المؤسسين على عدم ضم أي شخصية "ذات دلالة سياسية واضحة" مثل رئيس "الحزب الشيوعي - المكتب السياسي" رياض الترك الذي اطلق قبل ثلاث سنوات من السجن، وأحد قادة "حزب العمل الشيوعي" فاتح جاموس الذي خرج من السجن العام الماضي، ورئيس "التجمع الوطني الديموقراطي" حسن عبدالعظيم الذي خلف الراحل جمال الأتاسي العام الماضي، والتجمع هو الائتلاف السياسي "المعارض" لتحالف الأحزاب المرخص لها تحت لواء "الجبهة الوطنية التقدمية" بقيادة "البعث" الحاكم. وعلمت "الحياة" أن "تدخلات" الترك وجاموس واخرين ادت الى حذف فقرة من "الوثيقة" نصت على تحميل "كل القوى التقدمية والأحزاب الثورية التي كان بعضنا أو لا يزال ينتمي اليها" مسؤولية القطع بالانتقال من المشروعية الثورية في مواجهة المشروعية الدستورية. وقال احد المؤسسين ل"الحياة": "هذه الأحزاب تعتقد انها كانت مدركة وواعية لما كان يحصل ولا تتحمل المسؤولية". وعلم ان اتصالات اعضاء الهيئة التأسيسية نجحت في ضم زينب نطفة جي واضافة فقرة "إلغاء أي تمييز ضد المرأة"، بعد تقديم أحد الأعضاء ملاحظات عن "غياب العنصر النسائي في النشاط مع اننا نحكي عن المجتمع المدني". وانخفض اعضاء الهيئة الى 16 هم: نبيل المالح، ميشيل كيلو، محمد قارصلي، عادل محمود، عارف دليلة، ياسين شكر، نجاتي طيارة، يوسف سلمان، رفعت السيوفي، وليد البني، قاسم عزاوي، عبدالرزاق عيد، جاد الكريم جباعي، صادق جلال العظم، خيري الذهبي، زينب نطفة جي، بعد "عدم حضور" كل من محمد كامل خطيب، محمد شحرور، حسان عباس، عبدالعزيز علون، وباسل كغدو كل الاجتماعات.