في تجربة فرانكشتاينية الطابع، تمكن علماء في "المركز الإقليمي لأبحاث الثدييات" التابع لجامعة "أوريغون" الأميركية، من إنتاج قردة معدّلة وراثياً، وتحمل جينات دخيلة أُخِذَت من قناديل البحر. وأُنتج أول حيوان معدّل وراثياً في العام 1976، وكان فأراً، ثم تتالت تجارب التلاعب الوراثي وتدرجت من ذبابة الفاكهة الى الأرنب ثم الخروف ثم العنزة ثم البقرة، وجاء الآن دور القردة .... وعلى رغم تفاؤل البروفسور جيرالد غاتن الذي قاد فريق العمل، بأن تفتح التجربة الباب أمام استيلاد قردة تُحمّل بجينات أمراض الإنسان، مثل الزهايمر وسرطان الثدي والعمر الوراثي، إلا أن جمعاً كبيراً من العلماء يبدي مخاوف مبررة. ويشير الخبير الدولي في أبحاث الحيوانات إريك كليمان الى تدرّج تجارب التعديل الجيني لتصل الى ما قبل الإنسان في السلّم البيولوجي. ويرى كليمان أن الأمر يشبه حافة مائلة وزلقة، ولا أحد يضمن عدم الانزلاق الى تجارب التلاعب الوراثي بالإنسان نفسه، ما يعني أنسالاً من الشُوه والأمساخ المرعبة، على نموذج فرانكشتا، إضافة الى السؤال المقلق حول حق التلاعب بالبشر. وغذت التجربة على القردة المخاوف، إذ أُخذت جينات قناديل البحر التي لها خاصة إصدار اللون الفوسفوري، لكن القردة المعدّلة لم تُظهر اللون الأخضر، ما يعني أن الجينات الدخيلة فشلت في اداء ما كانت تقوم به طبيعياً أو أنها كانت واهنة الى حد منعها من القيام بوظائفها. واستُعملت فيروسات في إدخال جينات قناديل البحر الى القردة، ولا توجد أي معلومات حول الآثار المترتبة على وجود جينات "معلقة" مع التركيب الوراثي لكائن متطوّر بيولوجياً، وخصوصاً الثدييات. وتضعف هذه الحقائق الآمال التي وزّعها فريق جامعة "أوريغون" حول هذه التجربة. ومن الحقائق الثابتة أنه لم يتم التعرف الى طريقة عمل الجينات وآليات تداخل وظائفها وتنظيمها. ومن جهة اخرى، فإن الضغوط في اتجاه نقل التجارب الى الإنسان، وعلى رغم كل الحذر الممكن، تنبع من رواج فكرة الحصول على "طفل بحسب الطلب"، كأن يُدخل الى جسمه جين يساعد أفراز هرمون النمو ليصبح له طول قامة يعتد بها! ماذا لو أفلت الأمر وحدث أي تداخل "غير متوقع" بين الجين المُدْخل وباقي التركيب الوراثي؟ أسئلة تستدعي المزيد من القلق.