«العبرة ليست في القيمة المادية للجائزة بل في قيمتها الاعتبارية والمعنوية»... هكذا، برّر الرئيس التنفيذي لمؤسسة نوبل، لارس هيكنستون، خفض القيمة المالية للجائزة بنسبة 20 في المئة، من 10 ملايين كرونة سويدية (1,4 مليون دولار) إلى 8 ملايين كرونة (1,12 مليون دولار). ولعل الجديد في تقليص القيمة المادية للجائزة هو الإعلان الرسمي هذه المرة، على اعتبار أن كلاماً قيل في هذا المجال سابقاً، في تصريح لنائب رئيس المؤسسة والمدير المالي وأمين الصندوق آك التيوس الذي أشار إلى خسارة في أسهم خاصة بالمؤسسة تغذّي الجائزة. معروف أن جائزة نوبل تتخذ اسم صاحبها مخترع الديناميت السويدي ألفرد نوبل، وارتفعت قيمتها المالية مرات عدة، لكن في فترات متباعدة. والجديد الآن هو الخفض الذي أعلن، لأنه الأول من نوعه في تاريخ الجائزة التي احتفل بتقديمها للمرة الأولى في العاصمة السويدية استوكهولم عام 1901، أي بعد ست سنوات على توقيع ألفرد نوبل وصيته القاضية بمنح القسم الأكبر من ثروته، وقدّرت آنذاك ب31 مليون كرونة سويدية، مكافأة لأصحاب المنجزات الفردية الكبرى في العلوم والآداب والسلام. وأوضح التيوس حينها أن المسؤولين في المؤسسة يفكرون في مستقبل الجائزة واستمراريتها، وإذا لاحت بوادر انكماش في مواردها المالية، فسيكون من الطبيعي السعي إلى خفض قيمتها العينية. ووفقاً لهيكنستون، فإن نحو 50 في المئة من موجودات «نوبل»، تكمن في الأسهم، 30 في المئة منها في الاستثمارات البديلة، مثل صناديق التحوط وترتيبات الملكية الخاصة والاستثمار العقاري، وال20 في المئة المتبقية تكمن في الاستثمارات ذات المردود الثابت. ومنذ عام 2001 بلغت الجائزة قيمتها الأعلى، أي 10 ملايين كرونة سويدية. وفي عام 2000، كانت 9 ملايين كرونة، بعدما كانت منذ 1994 أكثر بقليل من 7 ملايين كرونة. وصرّح هيكنستون أنه سيكون جميلاً دائماً الحصول على جائزة نوبل، حتى بعد انخفاض قيمتها المادية: «أعتقد أن الحاصلين عليها سيكونون دائماً سعداء بها». طموح وقلق «قرار خفض القيمة المالية للجائزة لم يكن سهلاً»، يقول هيكنستون، موضحاً أن «طموح مؤسسة نوبل إلى الاستمرار بتوزيع الجائزة منحنا سبباً كافياً لاتخاذ قرار التقليص، إضافة إلى قلق من اضطرابات أسواق المال العالمية»، ومضيفاً أن «إنفاق المؤسسة خلال السنوات العشر الماضية فاق إيراداتها». وتنفق مبالغ طائلة على حفلة «نوبل» السنوية في استوكهولم في كانون الأول (ديسمبر) من كل عام، إضافة إلى جائزة «نوبل للسلام» التي تمنح في العاصمة النروجية أوسلو. وترسل سنوياً مئات الدعوات إلى ملوك ورؤساء حكومات وشخصيات بارزة في نواح ثقافية واجتماعية وعلمية عدة، لحضور حفلة باذخة تمتدّ فيه الموائد أمتاراً طويلة، ويخدم «جيش مدرب» من النادلين والنادلات الضيوف، علماً أنهم يستعدون لهذه المهمة المرهقة مسبقاً. ويتابع السويديون احتفال «نوبل» باهتمام بالغ، ليس لقيمتها الإبداعية فحسب، بل لمضمونها الترفيهي، خصوصاً أن المدعوات يرتدين آخر صيحات الموضة، من ملابس وأكسسوارات وأحذية، وهذه أمور يهتم بها السويديون عموماً والنساء خصوصاً. ولم تكن كبيرة ردود الفعل السويدية في موضوع خفض القيمة المالية للجائزة، إذ لا يعير المجتمع السويدي المكافآت العينية اهتماماً كبيراً، بمقدار ما يهتمّ بالإنجاز المُكرّم. ومعروف أن نصيب العرب في جائزة نوبل، خلال 111 سنة، لم يكن وافراً، إذ نالتها ست شخصيات عربية، بينها امرأة واحدة هي الناشطة والصحافية اليمنية توكل كرمان (نوبل 2011)، أصغر امرأة نالت الجائزة.