سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عضو في إدارة جمعية المعلوماتية مقرب منه ... يقرأ سمات عهده . بشار الأسد ... استمرار في مفاهيم السلام والعدالة وتغيير يشمل الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية
عهد جديد بدأ في سورية بقيادة الدكتور بشار الاسد. هاجسه المستقبل من دون قطيعة مع الماضي. كيف يقرأ المقربون منه سمات هذا العهد؟ هذا ما يحدثنا عنه عضو مجلس ادارة الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية الدكتور سامي الخيمي. كيف تقرأ الإرث الذي تركه الرئيس الراحل حافظ الأسد للرئيس بشار؟ - يتصف هذا الإرث بخاصيتين رئيستين: يتسلم الدكتور وطناً اصبح يتسم بصفة الوطن، شعبه متماسك ويؤمن به ويزاوج بين مستقبله ومستقبل كل فرد فيه. هذا الأمر لم يكن ليتوافر لولا جهود الرئيس الراحل الذي استلم سورية عام 1970 وهي دولة ليست من العشائر، لأننا لم نكن يوماً عشائر، ولكن دولة من المخاتير والوجهاء والأفراد المسيسين في شكل خاطىء، آلمتهم لا شرعية تقسيم سورية واشعرتهم أن انتماءهم غير معرف الى وطن معين، وبالتالي دفعتهم الى الانكفاء الى بيئتهم المناطقية او الطبقية او الطائفية. هذا الانتماء المشوه كان موجوداً قبل حافظ الاسد الذي حوله إيماناً بدولة لها صفة الوطن، دولة بدأت تنشأ فيها المؤسسات، والتجمعات التي تتصف بانتمائها الوطني فقط. الخاصية الثانية اتت بفضل ما سبق وبسبب العبقرية السياسية للرئيس الراحل. فمجرد وصوله الى وطن كهذا كان لا بد لسورية من ان تصبح دولة فاعلة ومؤثرة في المنطقة،لأن شعبها وقيادتها كانتا تمتلكان المقدرة والكمون السياسي والفكري والاقتصادي لأداء دور مهم في المنطقة. وبالتالي لم تعد لعبة في يد الدول الكبرى او حتى دول المنطقة التي تسعى إلى توسيع نفوذها. لكن ذلك ادى الى ضغوط؟ - طبعاً أدى ذلك الى نشوء ازمة اقتصادية، خصوصاً في التسعينات، واجهتها الحكومة بطريقة اقل ما يمكن ان يقال فيها إنها كانت تقليدية جداً في توجهاتها، وإنها كانت تفكر بمبدأ الترقيع وأحياناً بمبدأ المصالح الشخصية، واكثر الأحيان من خلال فهم قاصر تماماً للمتغيرات الاقتصادية في العالم. وادى هذا الامر الى مجموعة من الأخطاء التي آلمت الرئيس الراحل كثيراً في المدة الأخيرة من حياته وجعلته يقوم ب"حركة تصحيحية" خفية، لم تُعلن، بهدف اعادة البنى التنفيذية للدولة الى مسارها الصحيح. اذاً تسلم الدكتور بشار الأسد دولة تتصف بصفة الوطن ولها احترامها في المنطقة والعالم، لكنها تعاني اجراءات ووسائل عمل غير مرضية وتحتاج الى تصحيح كبير، فضلاً عن أنه سيواجه ضرورة تغيير عقلية كثر من الذين انيطت بهم مسؤوليات، او الذين يتوقعون ان يكون لهم دور كبير في المرحلة المقبلة. ماذا تتوقع من العهد الجديد الشاب؟ - سيدير الوطن رجل شاب قوي الشخصية، ذكي جداً ودقيق جداً. رجل يؤمن بالحوار ويستخلص ما هو جيد من كل ما يطرح عليه من افكار وتوجهات وسياسات. بعض الناس لا يؤمن ان الجيل الشاب قادر على ادارة الأوطان، لكن الحقيقة ان العمر لا يحسب بالأيام والسنين، وانما بالخبرات المكتسبة وتبادل الخبرات مع الآخرين وتحديات بناء السياسات، وتحديات اتخاذ القرار التي يواجهها المرء في حياته. والدكتور بشار من هذه الناحية غني جداً، فقد اتيح له من هذه العوامل ما لم يتح لغيره، لذلك هو مهيأ جداً لقيادة الوطن وفق توجهاته التي اصبح بعض منها واضحاً، والبعض الآخر لا يزال في جعبته ولم يفصح عنه بعد. اعتقد انه سيدير الوطن بأسلوب لا بد من ان يختلف عن الماضي مع محافظته على مجموعة من الثوابت التي يؤمن بها والتي آمن بها الرئيس الراحل العظيم. ماذا تتوقع من "التغيير ضمن الاستمرارية"؟ - الاستمرارية ستتمثل في مفاهيم طريقة معالجة السلام، وفي هذا الاطار هو وحده يعلم كل التصورات التي كان يضعها الرئيس الراحل. ومن الثوابت ايضاً العدالة الاجتماعية التي تبقى نبراساً للنظام في سورية، والعمل من أجل الوحدة العربية والسوق العربية المشتركة، كامتداد فاعل لنشاط الاقتصاد السوري، وفي الاتجاهين. في ما يتعلق بالتغيير، أتصور أنه سيشمل مجموعة من الاصلاحات التي اصبحت ضرورية جداً كي يستطيع الوطن النهوض من الأزمة الاقتصادية ويتمكن من تمتين موقعه السياسي والاقتصادي الفعلي في المنطقة. هذه الإصلاحات لا يمكن أي حكومة ان تقدمها إلى الشعب على طبق من فضة كأنها "بلسم من ساحر". فالصعوبات لاتقتصر على صعوبات داخلية بل تشمل صعوبات مفروضة علينا من الخارج أيضاً. كيف اذاً سيتمكن الزعيم الجديد في مدة قياسية من تحقيق الاصلاح المطلوب، اذ ان النظام العالمي الذي يفرض نفسه علينا لم يعد يسمح لأي دولة أن تأخذ وقتها في عملية التغيير. الحل من دون شك في توزيع المسؤوليات على جميع المواطنين، اي ايقاظ القدرة الفائقة لجميع افراد الشعب، مسلحين بدعم الحكومة كي يتصدوا، كل من موقعه، لهذه الصعوبات. ما الذي تعنيه بتوزيع المسؤوليات؟ - اعني إيصال الأدوات اللازمة الى جميع افراد الشعب كي يكتسبوا القدرة على بناء مستقبلهم الثقافي والاقتصادي والتعليمي والفكري. هذه الادوات تأتي من خلال سياسات ومفاهيم تركز على ديموقراطية التكنولوجيا وديموقراطية المعلومات. فاذا تمتع كل فرد في المجتمع بامكان الحصول على المعلومات ومعالجتها واتخاذ قرارات تتعلق بمخزونه الثقافي واستثماره المالي ومشاركته الحضارية، أصبح قادراً على اغناء الوطن في شكل حقيقي وعلى تسهيل عمل الحكومة التي ينبغي ان تؤدي دور المحفز لهذه الطاقات، والموجه لأولويات الاقتصاد الوطني، والميسِّر للقوانين والاجراءات والتشريعات المناسبة، فيتمكن كل فرد من اداء مهامه الوطنية اثناء سعيه الخاص والذاتي إلى تحسين مستواه المعيشي. في هذه الحال، يتركز هم الحكومة على تعديل التشريعات واصلاح المصارف وتطوير الحركة المالية وايصال شبكة تناقل المعلومات وشبكة الاتصالات الى كل فرد في المجتمع، واهم من ذلك كله تحديد نقاط الخرق الاقتصادي التي يمكن ان تعتبرها نقاطاً اساسية تستطيع فيها سورية ان تكون منتجاً لسوق عربية ثم عالمية واسعة. ف"النظام العالمي الجديد" يقسم الشعوب والتجمعات منتجين او مسوقين للانتاج او مستهلكين او مجرد نكرات بكل بساطة. لذلك تقتضي المنافسة في مثل هذا النظام ان يتمكن كل شعب من تحديد المجالات التي سيسعى إلى ان يكون منتجاً فيها، وتلك التي سيكتفي فيها بدور التسويق او الخدمات، او بدور المستهلك الذكي، املاً ألا يقع في فخ الشعوب التي ستكون مهملة في هذا العالم. من هنا ينبغي لأي حكومة مستقبلية في سورية أن تشجع تلك المجالات التي ستكون فيها اما منتجة وإما مقدمة خدمات على اقل تقدير. ومن هنا يجب ألا تضيع اي حكومة وقتها في استثمارات غير مجدية في مجالات سبقنا فيها آخرون بأشواط وهم في طريقهم إلى ان يصبحوا المنتجين الوحيدين او مقدمي الخدمات الوحيدين لها. لذا يتضح ايضاً ان عملية نقل التقنية ينبغي ان تركز على تسخيرها في المجالات التي اشتهر شعبنا أنه قادر على المنافسة فيها على صعيد عالمي. يقال ان كل خطوات الاصلاح الاقتصادي ومحاولة جذب الاستثمارات لن تكون ناجحة الا في ظل سلام شامل في المنطقة؟ - السلام العادل طبعاً سيساعد سورية على تسريع خطاها في مجالات الاصلاح الاقتصادي والاداري لكنه ليس شرطاً لازماً ولا كافياً للبدء بتحقيق هذا الإصلاح. فقد يتأخر السلام قليلاً او كثيراً لكن النظرة الواعية الى طريقة ادارة البلاد من الناحيتين السياسية والاقتصادية هي التي ستدفعها في الطريق الصحيحة، وستجعل حتى موقعها التفاوضي اقوى في اي منازلة مقبلة. الشعور بالأمان لدى الشعب السوري لا ينبع فقط من ان هناك ثوابت ستحترم، بل أيضاً من ان هناك تغييراً سيحدث في طريقة النظر الى الأشياء وفي طريقة تحديد السياسات. قلت سابقاً إن هذه الاصلاحات لا يمكن ان تتم بقرار فوقي، لكن وجود رجل واع وقدير على رأس السلطة مثل الدكتور بشار الاسد، سيساعد السوريين من خلال الحوار والنقاش وتبادل الآراء والافكار والولوج الى الادوات التكنولوجية والمعلومات، على بناء مستقبل افضل. الى اي حد تعتقد ان الرئيس بشار مستعد للحوار؟ - الحوار اهم حتى من الديموقراطية بمفهومها الغربي، وحققت اكبر نجاحاتها مع الدول البالغة الثراء والتي انتقلت من مرحلة الاستعمار الى مرحلة تسويق منتوجاتها في سهولة اقتصادية اتاحت لها تحقيق اللحمة الاجتماعية وطرح انظمة سياسية تسمح للشعب بالمشاركة المباشرة في اختيار النظام السياسي. في بلادنا هناك شكل آخر من الديموقراطية بدأ يتعزز كثيراً بفضل آلية الحوار التي شارك الدكتور بشار الاسد في زرعها بجدارة، لدى الفاعليات الاجتماعية في البلد. وهذا الحوار نشهده كل يوم في سورية التي يقال فيها ما لا يقال في معظم الدول العربية، وذلك في سبيل تبين الطريق الافضل وايجاد الحلول لمجموعة من المشكلات العالقة. الآمال كبيرة جداً ونحن نشهد يومياً تغييرات في طريقة تعامل الحكومة مع ما يطرح عليها من مشكلات موروثة من السابقة . واصبحنا نسمع مقولات مهمة جداً، من مثل: "لن نسمح بدعم اي فاعلية ليست لها جدوى اقتصادية بعد الآن"، و"سنسلم الى القطاع الخاص الأشياء التي لا معنى لبقائها في القطاع العام"، و"الرجل المناسب في المكان المناسب"، وطريقة تقويم الأداء لكل مدير في الدولة، و"يجب دعم المؤسسات كي تصبح قادرة على المشاركة الاستراتيجية مع مؤسسات او شركات عالمية من اجل النهوض بقدراتها الانتاجية والتسويقية. واصبحت لدينا وزارة للاصلاح الاداري واخرى للتطوير التقني... كل هذا بشائر لمستقبل نعتقد انه سيكون مشرقاً. كيف تقوم علاقة الرئيس بشار بأعضاء "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية"؟ - كان بالنسبة إلينا يزداد تألقاً يوماً بعد يوم. فقد اتى الينا طبيباً ذكياً دقيقياً ملماً بمجموعة من الأمور وقادراً على الاصغاء إلى كل ما يطرح عليه من مستجدات، وراغباً في الانخراط في العمل السياسي والقيادي. ثم رأيناه يزداد خبرة ودراية. فتحول من رجل يصغي اكثر الى رجل يوجه ويقوم ويعطي انطباعاته التي اثبتت على الدوام أنها كانت ناتجة من خبرة مكتسبة كبيرة ومن تفحص هادئ لانعكاسات الأمور. كان دائماً متواضعاً ولطيفاً ويتسم بنوع محبب من الخجل ويخفي، برزانة، صلابته وقوة شخصيته التي تظهر فقط عندما يتخذ القرار النهائي، وهذه من صفات القادة الكبار. وخلال ترؤسه الجمعية التي كانت المنفذ العام الوحيد له، جلس معنا طويلاً وتحمل الكثير من شطحاتنا، ومنها ما كان جيداً، ومنها ما كان مبالغاً فيه. وكان يتذكر بطريقة رائعة كل فكرة جيدة حتى لو طرحت من سنين، فيعود اليها عندما يشعر ان الوقت اصبح مناسباً... كان يراعي فينا صفة رجال العلم ويشجعنا على الاستمرار والعطاء على الدوام. واظن ان اكثر ما يزعجه ظهور اي تجاوز من احد اعضاء الجمعية، ولو كان في محافظة بعيدة، لأنه كان يؤمن ان هذه الجمعية يجب ان تكون مثالاً للعمل المخلص، فلا تصبح مرتعاً للمتجاوزين. وتجاوبت الجمعية مع توجهاته وانتقل هو من رئاسة الجمعية المعلوماتية الى قيادة الوطن من دون ان يلحظ اي تجاوز في الجمعية. فهم جميع المحيطين به اسلوبه وآلوا على انفسهم ان يكونوا عند حسن ظنه وكان يفخر احياناً أن اولئك الذين يرشحهم إلى عمل استشاري او تنفيذي يختلفون عن اقرانهم، خلقاً وامانة واخلاصاً وكفاية.