لندن - "الحياة"، رويترز - تراجعت اسعار النفط من المستويات القياسية التي سجلتها خلال اليومين الماضيين بعد ان قالت تقارير تناقلتها الاسواق ان السعودية أبلغت الرئيس الاميركي بيل كلينتون ان منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك سترفع الانتاج بنسبة ثلاثة في المئة خلال اجتماع المنظمة يوم الاحد المقبل في فيينا. وكان خام القياس البريطاني "برنت" للعقود الآجلة تسليم تشرين الاول أكتوبر سجل صباح أمس مستوى قياسياً جديداً مقداره 34.5 دولار للبرميل، بعد أن تجاوز خام القياس الاميركي "غرب تكساس" تسليم الشهر نفسه مستوى 35 دولاراً للبرميل في بورصة "نايمكس" الاميركية أول من أمس، لكن "برنت" تراجع في الساعات التالية من التعامل بمقدار 77 سنتاً للبرميل الى 33.51 دولار بعد انباء الزيادة في انتاج "أوبك"، وعاد وارتفع في الساعات التالية من التعامل. وقال مصدر مطلع أمس رويترز ان السعودية أبلغت الولاياتالمتحدة انها تتوقع ان تقرر منظمة "أوبك" زيادة انتاجها من النفط بواقع 700 الف برميل يومياً وذلك في الاجتماع الذي سيعقده وزراء المنظمة يوم الاحد. وأضاف المصدر المطلع على المحادثات التي جرت أول من أمس بين الرئيس الاميركي بيل كلينتون والامير عبدالله ولي عهد السعودية ان الامير عبدالله نقل هذه الرسالة الى الرئيس الاميركي خلال لقائهما على هامش قمة الالفية المنعقدة في الاممالمتحدة. وأوضح المصدر: "الكل يعلم اننا نريد سعرا يبلغ 25 دولاراً للبرميل. ولا مراوغة في ذلك". وأضاف انه تم ابلاغ كلينتون بان الرياض تضخ في الاسواق الان 600 ألف برميل من النفط زيادة على حصتها الرسمية في انتاج "أوبك" البالغة 8.25 مليون برميل يومياَ والتي تحددت في نهاية حزيران يونيو الماضي. وأشار الى ان كلينتون أُبلغ أيضا ان انتاج السعودية بعد الزيادة المتوقعة في انتاج "أوبك" سيتجاوز تسعة ملايين برميل في اليوم. وقال محللون في السوق اللندنية أن المتعاملين في اسواق النفط يراهنون على أن الزيادة من "أوبك" لن تكون كافية لوقف ارتفاع الاسعار على المدى المتوسط، ما يعني ان اسعار النفط ستظل مرتفعة خلال فصل الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الارضية. وأشاروا الى أن الزيادة المحتملة من "أوبك" لن تكون كافية للجم ارتفاع الاسعار وخفضها الى المستويات التي ترغبها الدول المستهلكة، أي الى ما بين 22 - 25 دولاراً للبرميل. وأوضح متعاملون ان اسعار النفط آخذة في الارتفاع بسبب مجموعة من العوامل، منها نقص المنتجات المكررة والخوف من التطورات غير المتوقعة التي يمكن ان تؤثر في العرض والطلب خلال ذروة الطلب على وقود التدفئة في فصل الشتاء، اضافة الى المضاربين الذين يستغلون نقص الامدادات لرفع الاسعار الى مستويات قياسية. ويبدأ وزراء "أوبك" يوم الاحد اجتماعهم نصف السنوي للبحث في سقف الانتاج واوضاع السوق النفطية. وسيحل الاجتماع في الذكرى الاربعين لمولد "أوبك" في بغداد في العاشر من أيلول سبتمبر عام 1960. ويأتي الاجتماع، وهو الثالث هذه السنة للبحث في زيادة الانتاج، في وقت سجلت فيه مخزونات النفط في الولاياتالمتحدة، أكبر دولة مستهلكة للنفط في العالم، مستويات دنيا قياسية لم تصلها منذ نحو ربع قرن، مع مخاوف من أن أي موجة برد مبكرة هذا الشتاء قد تدفع النفط الى المستويات التي شهدتها اثناء حرب الخليج عندما تجاوز النفط 40 دولاراً للبرميل، مع وجود احتمال، اذا استمر نقص الامدادات، بأن يتجاوز "برنت" مستوى 50 دولاراً للبرميل للمرة الاولى. ولم تتأثر الاسواق من أعلان معهد البترول الاميركي في وقت متأخر من معاملات أول من أمس ارتفاع مخزونات الخام في الولاياتالمتحدة أكثر من ثلاثة ملايين برميل خلال الاسبوع المنتهي في أول أيلول سبتمبر وهو ثاني ارتفاع في اسبوعين. وقال غوردون كوان محلل النفط في مؤسسة "اتش. اس. بي..سي سيكيوريتيز هونغ كونغ": "لا يمثل ارتفاع اسبوع واحد اختلافاً. فهو ليس اتجاهاً. الاهتمام ينصب على اجتماع العاشر من أيلول، واشك في قدرة أوبك على عمل ما يكفي". وقالت مصادر في "أوبك" أمس أن وزراء المنظمة لم يقتربوا من التوصل الى قرار في شأن حجم الزيادة في الانتاج التي ينبغي ضخها لتهدئة الاسواق. وقال احد المصادر ل"رويترز": "لم يتخذ قرار بعد في شأن الرقم. هناك أرقام مطروحة والوزراء لم يبحثوا رقماً معيناً بعد". وعندما طلب منه تحديد النطاق الذي تتحرك فيه الارقام، قال المصدر: "كل الخيارات مفتوحة". وقال فيتوريو مينكاتو العضو المنتدب في شركة "ايني"الايطالية للنفط في مقابلة صحافية نشرت أمس ان اجتماع "أوبك" المقبل لن يسفر عن اي "معجزة" في اسعار النفط. وأضاف مينكاتو لصحيفة "لاستامبا" المحلية: "أعتقد انه بعد قمة أوبك سيحدث انخفاض للاسعار. ولكن دعونا لا نتوقع اي معجزات. فالضغط على الاسعار قد يستمر شهوراً". واعرب عن اعتقاده بان "أوبك" قد تقرر زيادة الانتاج بما يصل الى 800 الف برميل يومياً. وفي غياب مفاجأة من "أوبك"، تتوقع الاسواق زيادة ما بين 700 و800 الف برميل يومياً فوق سقف الانتاج الحالي وهو 25.4 مليون برميل يومياً ولا يتضمن انتاج العراق. ويشار الى ان "أوبك" رفعت الانتاج السنة الجارية بمقدار 2.4 مليون برميل يومياً على مرحلتين. وتتعرض "أوبك" لضغوط قوية من الدول المستهلكة لكي تتخذ أي اجراء لتخفيض الاسعار. وتأتي التحذيرات يومياً من الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة واليابان وانضمت اليها افريقيا أمس عندما حذر رئيس جنوب افريقيا ثابو مبيكي ان ارتفاع اسعار النفط مصدر قلق رئيسي لبلاده ولكنه تجنب الكشف عما اذا كان هذا سيضر بمستويات التضخم المستهدفة في بلاده. وقال مبيكي ل"رويترز" أول من أمس في مقابلة على هامش قمة الالفية المنعقدة في مقر الاممالمتحدة في نيويورك"نحن منزعجون لاقصى حد من مستويات اسعار النفط. وحتى الدول الاوروبية منزعجة من هذا الامر". لكن بعض الدول في "أوبك" يعارض زيادة الانتاج. وعبر وزير النفط العراقي عامر محمد رشيد أمس عن معارضته اي زيادة في انتاج "أوبك". ونقلت وكالة الانباء العراقية الرسمية عن رشيد قوله ان "كافة الحقائق تؤكد كفاية المعروض من النفط في العالم لتلبية الطلب العالمي عليه في هذا الوقت من السنة". واضاف رشيد الذي سيرأس وفد بلاده الى الاجتماع الوزاري للمنظمة في فيينا ان "السوق في حالة توازن". كما تعارض ايران زيادة الانتاج بكميات كبيرة. وقال حسين كاظمبور اردبيلي ممثل ايران لدى "أوبك" ان بلاده لا ترى ان العوامل الاساسية في سوق النفط تبرر زيادة الانتاج باكثر من 500 الف برميل في اليوم. واضاف كاظمبور انه من غير المرجح ان تبحث "أوبك" في زيادة الانتاج مليون برميل يوميا خلال اجتماعها الوزاري في فيينا يوم الاحد المقبل.