صلاح يعيد ليفربول للانتصارات بالدوري الإنجليزي    القمر يطل على سكان الكرة الأرضية بظاهرة "التربيع الأخير"    مشاهدة المباريات ضمن فعاليات شتاء طنطورة    المملكة تفتتح القسم القنصلي بسفارتها في السودان    خليجي 26: العراق يفوز على اليمن برأسية أيمن حسين    مدرب الأخضر يستبعد فراس البريكان من قائمة خليجي 26 .. ويستدعي "الصحفي"    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    شرطة العاصمة المقدسة تقبض على 8 وافدين لمخالفتهم نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    أمير حائل يشهد حفل ملتقى هيئات تطوير المناطق والمدن 2024    39955 طالبًا وطالبة يؤدون اختبار مسابقة "بيبراس موهبة 2024"    الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    اتفاقية لتوفير بيئة آمنة للاستثمار الرياضي    السعودية تستضيف غداً الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    السعودية واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    ولادة المها العربي الخامس عشر بمحمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    نجاح عملية جراحية دقيقة لطفل يعاني من ورم عظمي    شركة آل عثمان للمحاماة تحصد 10 جوائز عالمية في عام 2024    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    القبض على ثلاثة مقيمين لترويجهم مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين بتبوك    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    استشهاد أربعة فلسطينيين في غارة إسرائيلية على منزل وسط قطاع غزة    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    200 فرصة في استثمر بالمدينة    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    سمو ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    لمحات من حروب الإسلام    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    الحربان العالميتان.. !    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



90 دقيقة من الحياة تحت مجهر مكبر . "العداد الزمني" : البحث عن حرية الانتاج السينمائي
نشر في الحياة يوم 08 - 09 - 2000

تسأل احدى الشخصيات في "العداد الزمني": ماذا لو كان في الإمكان التخلص من قيود المونتاج وسُمح للكاميرا ان تصور في شكل متواصل احداث الفيلم كاملة من البداية الى النهاية في لقطة واحدة في زمان حقيقي غير مشرذم؟ وماذا لو صُورت أربعة خيوط للقصة بأربع كاميرات مستقلة مكاناً ومتحدة وقتاً، ومن ثم ترك للمُشاهد دور حياكة هذه الخيوط قصة متكاملة؟
وهذه الأسئلة التي نسمعها على لسان مخرجة شابة تتحدث بحماسة عن مشروعها الجديد هي خير طريقة لاختصار ما يحاول الكاتب والمخرج مايك فيجيس تحقيقه باستخدامه أربع كاميرات فيديو من النوع الرقمي لتصوير أربعة أجزاء متوازية من قصة تدور احداثها في زمن فعلي لا يتجاوز الساعة ونصف الساعة.
وتُعرض هذه الأجزاء الأربعة أمام المشاهد في قاعة العرض. حيث تبث ما صورته كل الكاميرات على شاشة منقسمة أربعة أقسام. والمثير للانتباه هنا ان ما يعرض على الشاشة هو بالضبط ما صُور في ساعة ونصف ساعة من يوم 19 تشرين الثاني نوفمبر 1999 من دون أي قطع أو استخدام اي تقنية مونتاج. فتبدأ القصة بالمربع الأول حيث الممثلة الطموح روز أداء سلمى حايك تنطلق بسيارة صديقتها الغيور، لورن أداء جين تريبلهورن للقاء المنتج أليكس غرين تمثيل الاسكندنافي ستلان سكارزجارد. وأثناء رحلة السيارة، نلاحظ في المربع الثاني ادارة شركة الانتاج التي يملكها أليكس غرين وهي تناقش مشروع فيلم جديد، وتتذمر من تأخر أليكس عن الاجتماع. وفي هذه الأثناء نشاهد في المربع الثالث اليكس وهو يستيقظ مما تبدو ليلة خالية من النوم ليواجه نفسه في مرآة الحمام وفي المربع الأخير نلاحظ فتاة شابة تتحدث مع طبيبتها النفسانية عن زواجها الفاشل بأليكس. وينقل المخرج فيجيس انتباه المشاهد من مربع الى آخر من خلال تحكمه بمستوى الصوت الصادر من كل قسم من الشاشة، كأنه قائد فرقة تؤدي رباعية موسيقية.
وعندما تصل سيارة روز الى مبنى شركة الانتاج، تبقى الكاميرا مع صديقتها لورن، في حين نتابع دخول روز المبنى من خلال الكاميرا التي كانت تركت اليكس عند دخوله غرفة الاجتماع. وبعد مدة وجيزة نكتشف ان لقاء روز اليكس ليس مجرد موعد عمل وانما جزء من علاقة غرام تدور من دون علم لورن. أما الأخيرة فتكتشف هذه العلاقة من خلال جهاز التنصت الذي كانت زرعته في حقيبة تحملها روز أثناء حوارها الحميم مع أليكس.
وهنا توفر معادلة تقسيم الشاشة أربعة أقسام فرصة درامية رائعة لمشاهدة أثر كل كلمة وكل همسة بين روز وأليكس في لورن التي تتنصت على ما يحدث من خلال سماعة صغيرة. فتمكث عدسة الكاميرا عشر دقائق على عيني لورن وشفتيها وهي تمر بمخاض اكتشاف علاقة روز الغرامية بأليكس، موفرة النجاح لجين تريبلهورن في امتحان الأداء المتواصل الذي قلما يمر به ممثل سينمائي اعتاد تقسيط الأداء أمام عدسة الكاميرا. وأما المربع الذي يحتوي ما تصوره الكاميرا التي تتابع روز، فيفرغ من أي حركة بعد ان تدخل روز مربع أليكس، فتبدو كأنها تركت عالمها وعالم لورن لتلج في شكل عاطفي وفعلي حياة ومحيط أليكس.
وطبعاً لا بد لقطبي أليكس ولورن من ان يصطدما في نهاية تطغى عليها ظلال الكوميديا السوداء التي تبدو غاية المخرج مايك فيجيس. فهو تحدث بعد عرض فيلمه الجديد في احدى قاعات السينما في لندن عن مدى ابتعاد حياة العاملين في الانتاج السينمائي في هوليوود عن روح السينما، ومدى سيطرة هاجس الفشل في شباك التذاكر على تفكيرهم اليومي. وأضاف فيجيس، الذي حظي بانتباه المشاهد من خلال اخراجه فيلم "مغادرة لاس فيغاس"، أن السبب الرئيس وراء لجوئه الى كاميرات الفيديو الرقمية رغبته في احتضان الحرية والشمولية التي توفرها تقنية الفيديو الرقمي، والتي وان لم توفر الآن صورة بجمال الصورة السينماتوغرافية وروعتها. تفسح في المجال امام كثير من المبدعين، الذين طالما أوصدت في وجههم أبواب شركات الانتاج، لينتجوا أعمالهم بكلفة بسيطة وبنوعية جيدة.
وعلى رغم ان هذه الأبواب الموصدة تبدو بعيدة عن مايك فيجيس الذي حصل على ثلاثة ملايين ونصف مليون من الدولارات من شركة "سوني" لانتاج "العداد الزمني"، فإن الرسالة التي يحملها هذا المخرج البريطاني تبدو نبيلة وربما تحاكي الماضي الرومانسي في صناعة السينما، خصوصاً ان عملية تقسيم الشاشة أكثر من قسم كانت ظهرت في عصر الأفلام الصامتة عندما أراد مخرج دانماركي ان ينقل آنية الحوار الهاتفي الى المشاهد. فكان ذلك الابتكار، اضافة الى ظهور فن البوب POP-ART في الستينات، خصوصاً في لوحات أندي وورهول التي كانت تتسم بتعددية الصور، عاملاً مؤثراً في طريقة استخدام مساحة الشاشة لسرد القصة. وليس هناك أشهر من الطريقة الجذابة التي قام بها المخرج نورمان جويسون بتقسيم الشاشة في فيلم "قضية توماس كراون"، فنجح في ايحاء الألغاز من عيني ستيف ماكوين بوضعه صورة البطل في أجزاء متفرقة من الشاشة الى جانب الحسناء فاي داناواي.
وهذه المسيرة في توظيف الشاشة المنقسمة حصلت على زخم فني من المسرح التجريبي الذي عرض الأعمال على مسارح متعددة الأسطح، مطالباً الجمهور بدرجة عالية من التركيز لمتابعة مجريات المسرحية التي تعرض أجزاء مختلفة منها في الآن نفسه على مواقع متفرقة من خشبة المسرح. وقد يكون انجاز مايك فيجيس في "العداد الزمني" متأثراً بذلك المسرح التجريبي، في محاولة منه لوضع مدة زمنية مقدارها ساعة ونصف الساعة من حياة شخصياته تحت المجهر، موفراً بذلك للمشاهد المعلومات التي تمكنه من حياكة ماضي ومستقبل ابطال القصة، ومجيباً بالتالي بالإيجاب عن أسئلة تلك المخرجة الشابة عن مدى امكان انتاج عمل سينمائي بعيد من قيود تقنية المونتاج ومتطلباتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.