هذا عنوان الفيلم الروائي اللبناني الذي شاهدته بالصدفة على قناة الشاشة، وكانت مشاهدة ممتعة، بدت لي السينما اللبنانية من خلال هذا الفيلم وفيلم آخر شاهدته قبل عدة سنوات سينما جميلة ورائقة، عالية الفنية، ومعبرة بدون صراخ، سينما تحكي التفاصيل الصغيرة للحياة اليومية العادية التي تمتلئ بالشجن والحكايات. فيلم سكر بنات، الذي يستمد اسمه من "الحلاوة" التي تصنعها السيدة العربية كي تجمل نفسها والتي تعرفها كل البنات من سن المراهقة، منذ اختيار الاسم وحتى آخر لقطة في الفيلم تصور نادين لبكي مخرجة العمل وإحدى بطلاته برقة وخفة وعذوبة حكاية أربع أو خمس إذا أضفن طنط روز الخياطة نساء يتفاوتن في الأعمار من العشرين حتى الستين. قصص صغيرة شجية تحكي حال النساء من خلال أربع فتيات يعملن في صالون لتزيين النساء. فيلم تمس لقطاته الذكية ذات الاحساس العالي شغاف القلب، ليال، الثلاثينية التي تحب رجلا متزوجا وتبحث عن مكان للقاء وتتأمل صورة الزوجة وتذهب إلى بيته كي تقوم بتزيين زوجته في عيد زواجهما، كل هذا يحدث ببساطة، بكاميرا لا تبحث عن الاثارة بل عن كيف توصل إلى المشاهد وجهة نظر بدون عظة أخلاقية. جمال المطلقة التي ترفض فكرة أنها تكبر في السن، وتبدو فكرة الجري وراء فرصة سينمائية ليس من أجل الشهرة ولكن كي تثبت صغر سنها، وريما التي تلبس كالرجال مع أنها تعمل في محل نسائي بحت ونسرين التي تبحث عن حل مشكلة عويصة قبل زواجها القريب، ثم اخيرا حكاية روز وأختها، روز الخياطة التي ترعى أختها التي تعاني من الخرف. يبدو وأنا أذكر شخصيات الفيلم وكأن الفيلم مشحون أو مملوء باللقطات المثيرة، مع أنه على عكس ذلك تماما، كيف يستطيع المخرج أن يقدم لك كل هذه الأحداث بشكل عفوي وعميق معا، هذه هي البراعة السينمائية، وهذا ما يجعل فن السينما فنا متكاملا لا يستطيع أي فن آخر أن يحل محله. كيف تقدم لنا لبكي كل هذا الاختلاف الثقافي الذي تعيشه لبنان من خلال عدد من السيدات يعملن سويا ويتعايشن بل أكثر من ذلك يصبحن صديقات تلوذ كل واحدة بالأخرى في أحلك المواقف، بكل بساطة تقول لنا لبكي أن هذا يحدث في لبنان، بدون صراخ وبدون شعارات سياسية وبدون افتعال..