المشهد الذي أراه من عل، هو مكان أبيض كالثلج، أو هو جبال "كامبو شيشينا"، المكان المفضل للنحات والفنان الإيطالي النهضوي ميكل انجلو، حيث الرخام - النوعية، الذي منه ومن جبال أخرى في كارارا، استُخدمت روائع معرض البينالي العاشر الذي احتضنته اكاديمية الفنون الجميلة والنحت في مدينة كارارا. "الأوائل في النحت... النحت في مشهد" هو عنوان بينالي العام2000 الذي أُهدي الى "القرن 900"، وتوزعت أعماله المئة والخمسون لما يقارب الثمانين نحاتاً عالمياً، ما بين طوابق الأكاديمية وساحات وكنائس وحدائق مدينة كارارا. الأكاديمية والمدينة هما في قلب جبال "آلب - ابواني" المشهورة برخامها الأبيض، الذي استخدمه أبرز النحاتين بدءاً بالرومان ومروراً بميكل انجلو ولغاية هنري مور. وبينالي العام ألفين، جاء غنياً بروائعه، التي استقدمت من مختلف المتاحف العالمية، لذا فإن المعرض كان مناسبة لالتماس روائع عالمية في مكان واحد هو الأكاديمية ومدينة كارارا، كرمزين ثقافيين وفنيين، منهما ينبوع النحت، وقاعدة فنه وتعلمه وإتقانه، وتغيُّر مفهومه عبر السنين. وعلى جدران الأكاديمية وفي طوابقها، أرخى معلمون كبار روائعهم، أمثال ماريوتي كارلو وآرثور دازي وأندريا بيزانو وغيرهم كثيرون منذ العام 1300. شملت الدورة العاشرة لبينالي كارارا ثلاث مراحل، الأولى هي التشكيل 1900- 1960 ونقرأ من التواقيع منحوتة "المحارب" لهنري مور التي حققها قبل وفاته عام 1969 واستقرت عند مدخل الأكاديمية. ومن بين الأسماء وروائعها، نذكر كارلو فونتانا ومنحوتته Diseredata أو الطفل المتروك من دون إرث، ورائعة ارتورو مارتيني بعنوان "المرأة السابحة تحت الماء"، وأخرى للعالمي المشهور جاكومو مانزو - الذي حقق باب الدوم في ميلانو - والمتمثلة ب"المحبين الكبيرين" أو Grande Amante وهي عبارة عن شكلين انسانيين ضخمين متعانقين 1939- 1940. وتستوقفك منحوتة "المرأة المبللة" المنحنية بجسدها وشفافية قميصها المبلل وضحكتها 1957، والمنحوتة هذه من أعمال اميليو غريكو. وهناك أيضاً Beatrice - اسم امرأة - منحوتة حققها فرنشيسكو ماسينا عام 1939، الى جانب منحوتة للفرنسي جان آرب "المرأة - الطبيعة". أما المرحلة الثانية فهي مرحلة التجريد الممتدة ما بين 1952- 1970 وفيها روائع لخوان ميرو، خصوصاً منحوتته "العصفور الشمسي" 1968 ولهنري مور "موديلو... نحو شكل حيوان" 1961 ومنحوتة لألبرتو فياني. وقدم الإسباني فرناندو بوتيرو منحوتة ضخمة لامرأة بين أشكال. ومن هذه المرحلة نذكر أيضاً النحات لوتشيانو مينغوزي ورائعته "الخروف الموثوق" 1961 والفرنسي انطوان بونسيه وعمله "ستاديو دي مارمي". والمرحلة الأخيرة هي مرحلة المعاصرة 1980- 2000 وفيها روائع لأكثر من اسم، نذكر ارنالدو بومودورو وفالتر تاكيني والإسبانية "ناليدا منيدورا" والفرنسيين آن وباتريك بوارييه. ما ذكرناه هو قلة من أسماء كثيرة لا يتسع المجال لذكرها كلها وهي أعطت لفن النحت شكله الواضح والدافئ عبر الرخام البارد. أخيراً، نشير الى أن المعرض الذي يستمر لغاية نهاية شهر أيلول سبتمبر الجاري، ضم أسماء معاصرة من فرنسا، البرتغال، اليابان وألمانيا، كما تجدر الإشارة الى أن عرض الروائع كان لافتاً بتقنياته والشفافية الفنية، سواء ما بين جدران الأكاديمية أو خارجها وحتى في مناطق مهجورة، كأراضي فابريكوتي الشخصية التي استأثرت بتجارة الرخام، حيث عرضت منحوتات ما بين عدد من منازله التي لا يسكنها أحد... إلا المنحوتات لفترة وجيزة. كارارا - هدى سويد رولا